رمضان شهر ميلاد النجوم الجديدة، وإعادة اكتشاف ممثلين قدامى وجدد لم يتم تفجير مكنون طاقتهم التمثيلية بشكل كامل أو لم تتح لهم الفرصة الكاملة للتعبير عن أنفسهم وإبراز موهبتهم. وهو ماحدث هذا العام مع ممثلين من الطراز الثقيل مثل عبد العزيز مخيون الذى أدى دوراً مميزاً فى «شيخ العرب همام» وجسد الشخصية بسلاسة وبلا «فذلكة» أو استعراض فاستحق التحية، وكذلك الممثل القدير لطفى لبيب الذى شارك فى أكثر من عمل تليفزيونى فى رمضان، لكنه تفوق على نفسه من خلال شخصية «رضوان»، التى أداها ببراعة وحرفنة فى مسلسل «قضية صفية» وتنوعت تعبيراته بين الجبن والخبث والطمع والاشفاق على ابنته ومحاولة استغلالها فى نفس الوقت، وهو ممثل مثقف يدرس الدور الذى يلعبه جيداً ويتقمص الشخصية تماماً، لدرجة أنك تنسى فعلاً أنه يمثل وهناك أيضاُ الخالدان «الصاوى وصالح»،والأول أدى دور ضابط المباحث فى «أهل كايرو» بأسلوب جديد عما تعودنا عليه سواء فى السينما أو التليفزيون، وكان حاسماً وصادقاً ومقنعاً فى نفس الوقت، أما منافسه خالد صالح فأدى أفضل أدواره التليفزيونية حتى الآن من خلال مسلسل «موعد مع الوحوش» وأثبت الخالدان أن مواصفات النجم التقليدى قد تغيرت بالفعل على الشاشة العربية، وأصبحت تعتمد أكثر فأكثر على الموهبة والإقناع وليس على الملامح الشكلية أو مقومات النجومية الهوليودية أما النجم الجديد الذى أعتبره مفاجأة الدراما فى 2010 فهو الأردنى إياد نصار الذى أدى ببساطة وبراءة شديدة وإتقان مبهر لفن التقمص والتشخيص دور حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وكسب رهان المخرج محمد ياسين والكاتب وحيد حامد على موهبته وقدراته كممثل من طراز خاص جداً. ولا أتصور ممثلاً آخر فى هذه الشخصية المركبة بتكوينها المعقد ونوازعها المتناقضة والتى تتأرجح بين الرغبة فى الزعامة والإيمان بهدف واضح ومحدد، والذكاء واللعب الخارق والقدرة غير المحدودة على استغلال الفرص السانحة والتعامل مع الأمر الواقع واللعب على كل الحبال والتأثير فى الجماهير، ببراعة وفهم عميق لأبعاد الشخصية والمحركة. وأجاد «نصار» استخدام نبرات الصوت الهادئ والابتسامة الدائمة وشبك اليدين خلف الظهر وغيرها من التفاصيل التى رسمها بحرفية شديدة السيناريست وحيد حامد فى إقناع المشاهد بخطورة هذا الرجل، وخطر الجماعة التى أسسها منذ نحو 70 سنة ليظل تأثيرها حاضراً وواضحاً حتى الآن، أما ثلاثى «العار» الفنانون مصطفى شعبان وأحمد رزق وشريف سلامة، فقد بذلوا جهداً كبيراً للخروج من دائرة التأثر بشخصيات الفيلم الشهير المأخوذ عن المسلسل وإن كان «شعبان» هو أكثرهم مبالغة فى الأداء وتأثراً بشخصية نور الشريف فى الفيلم، أما شريف سلامة فقد كان متهجماً وجاداً أكثر من اللازم، فيما ساعد التغيير الجذرى فى طبيعة الشخصية التى رسمها السيناريست الشاب أحمد محمود أبو زيد للشقيق الثالث، بعيداً تماماً عن الدور الذى أداه محمود عبد العزيز فى الفيلم، فى إتاحة الفرصة أمام الموهوب أحمد رزق لإثبات قدراته كممثل، تم تصنيفه على سبيل الاستسهال على أنه كوميديان فى حين أنه ممثل شامل ومتمكن من أدواته وقادر على اداء أصعب الأدوار وهو ما ظهر بوضوح فى أول أعماله التليفزيونية «الوجه الآخر» وأكد من خلال دوره فى فيلم «التوربينى». ولايمكن أن نتحدث عن الممثلين الذين تمت إعادة اكتشافهم فى رمضان دون أن نتطرق إلى الفنان المظلوم طارق لطفى ودوره المميز فى مسلسل «قضية صفية»، والذى لعب فيه دور الشرير على طريقته الخاصة، والتى تضعه بجدارة فى صف نجوم الشر الكبار على الشاشة.