من أمام النافورة، مراسم تحية العلم في أول يوم دراسة بجامعة أسيوط (فيديو)    محافظ أسيوط يشهد ملتقى "دوير" لإبداعات ومواهب الطفل (فيديو وصور)    تعزيز التعاون الاقتصادي وتطورات حرب غزة أبرز ملفات المباحثات المصرية السنغافورية بالقاهرة    موعد مباراة النصر ضد الرياض في الدوري السعودي للمحترفين والقنوات الناقلة    رغم تجاوز الثامنة والنصف، استمرار توافد طلاب المعاهد الأزهرية بالبحيرة (فيديو)    أخبار مصر: بدء الدراسة ب 12 محافظة، اعترافات مثيرة في "سرقة إسورة المتحف المصري"، دعوة أممية لدول العالم بمواجهة إسرائيل    سر الخرزة المفقودة.. كبير الأثريين يكشف تفاصيل جديدة عن الإسورة الذهبية المسروقة من المتحف المصري    صلاة كسوف الشمس اليوم.. حكمها وموعدها وكيفية أدائها    سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم السبت    انطلاق العام الجامعي الجديد.. 3 ملايين طالب يعودون إلى مقاعد الدراسة في الجامعات المصرية    مصطفى عماد يهدي تكريمة في حفل توزيع جوائز دير جيست للمخرج محمد سامي    أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المصرية اليوم    الاعتراف بفلسطين، جوتيريش يطالب دول العالم بعدم الخوف من رد فعل إسرائيل الانتقامي    بعد تحريض ترامب، تعرض محطة أخبار تابعة لشبكة "إي بي سي" لإطلاق نار (صور)    أول تعليق من أحمد العوضي على فوزه بجائزة "الأفضل" في لبنان (فيديو)    نجوم الفن يشعلون ريد كاربت "دير جيست 2025" بإطلالات مثيرة ومفاجآت لافتة    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    الأكاديمية المهنية للمعلمين تعلن تفاصيل إعادة التعيين للحاصلين على مؤهل عالٍ 2025    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمنشأة ناصر    بعد أولى جلسات محاكمتها.. ننشر نص اعترافات قاتلة زوجها وأطفاله الستة بقرية دلجا    ماذا تفعل حال تهشّم زجاج سيارتك؟ خطوات تنقذك على الطريق السريع    كيف تحصل على 5250 جنيه في الشهر من شهادات البنك الأهلي 2025؟.. اعرف عائد ال300 ألف جنيه    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 20 سبتمبر 2025    خطة شاملة للعام الدراسي الجديد في القاهرة.. مواعيد دخول الطلاب وامتحانات 2025/2026    حكاية «الوكيل» في «ما تراه ليس كما يبدو».. كواليس صناعة الدم على السوشيال ميديا    أحمد صفوت: «فات الميعاد» كسر التوقعات.. وقضاياه «شائكة»| حوار    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    «هيفتكروه من الفرن».. حضري الخبز الشامي في المنزل بمكونات بسيطة (الطريقة بالخطوات)    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة    قبل انطلاق الجولة الخامسة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي    مذيع يشعل النار في لسانه على الهواء.. شاهد التفاصيل    أسعار المستلزمات المدرسية 2025: الكراسات واللانش بوكس الأكثر شراءً    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    أشرف زكي يزور الفنان عيد أبو الحمد بعد تعرضه لأزمة قلبية    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    ترامب عن هجوم حماس: ما حدث في 7 أكتوبر كان إبادة جماعية    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    ترامب يعلن إجراء محادثات مع أفغانستان لاستعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية    رسميًا.. تامر مصطفى مديرًا فنيًا للاتحاد السكندري    الشيباني يرفع العلم السوري على سفارة دمشق لدى واشنطن    للمرة الثانية على التوالي.. مصطفى عسل يُتوج ببطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025|صور    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    ترامب يعلن إتمام صفقة تيك توك مع الصين رغم الجدل داخل واشنطن    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    «اللي الجماهير قالبه عليه».. رضا عبدالعال يتغزل في أداء نجم الأهلي    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    شوقي حامد يكتب: استقبال وزاري    مدرب دجلة: لا نعترف بالنتائج اللحظية.. وسنبذل مجهودا مضاعفا    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    مخرج «ڤوي ڤوي ڤوي»: الفيلم انطلق من فكرة الهجرة الغير شرعية    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجوه نزيه أبو عفش حول مائدة العشاء الأخير
نشر في نقطة ضوء يوم 09 - 06 - 2018

لا حدود فاصلة بين الموتيف واللوحة في معرض نزيه أبو عفش الذي افتُتح أخيراً في صالة مركز الفنون البصرية (3- 15 حزيران/ يونيو الجاري)، فالفنان الذي استخدم الفحم في معظم الأعمال التي قدمها في هذا المعرض، يزيل ربما بالرسم سوء فهم لغوي بينه وبين النص، بما يقارب خمسين عملاً فنياً (فحم ومواد مختلفة على كانسون– متعددة الأحجام) متكئاً على فن الأيقونة السريانية وتقنية الوجوه التدمرية وواجهات الجدرانيات الكنسية، منحازاً خارج الكتابة إلى ما كان جبران خليل جبران قد فعله في اشتغاله بين النص واللوحة، حيث تبدو الأخيرة انغماساً تاماً في بياض يستدعي عوداً أبدياً ووجوهاً كافكاوية ترسل نظراتها المستغيثة في فراغ ووحشة لا نهائية.
الأبيض والأسود كحاصل مزج للألوان الأولى، أو لنقل الألوان الأصلية التي يستعيض فيها أبو عفش عن التدرج وبرجزات الصقل على سطح اللوحة إلى ما لانهاية من رماديات تغني بظلالها وشبحيتها وأطيافها العدمية عن التهور في استخدام ألوان مباشرة حسياً في حرارتها وبرودتها تشكيلياً.
من هنا يمكننا تلمس آثار أصابع نزيه وتذوقها بصرياً مع أصابع الفحم التي استخدمها في تظهير هذه الأعمال، حيث تبدو بصمات الفنان واضحة على ميلان الوجوه والأجسام ذات المسحة الانطوائية، وذلك وفق تمشيحات مترفة تشي بإحباطات لمجاميع الوجوه المتجاورة والمتراكبة داخل الإطار الممحو بعناية بين كادر وآخر.
ليست لوحة واحدة تم التنويع عليها، بل هو التركيز على تورّمات الشخصيات المصنّعة بتقنية الحوّار والمضاءة بنسب حاسمة وموزونة.
إضاءة تتوزع عبرها الشخصيات بهزائمها وسخطها ولوثتها وخوفها ورعبها وشهقاتها الحيوانية الأولى، متخذةً في كل مرة تجلس فيها لتتصور «جيست» مختلف بين النور والعتمة.
إنها ببساطة كائنات كهفية مشمّسة ومقمِرة في آنٍ معاً.
تقنية تعكس ثراء العالم الداخلي لهذه الشخصيات التي يكررها عفش مختلفة ومفارقة في كل مرة يستدرجها إلى فضاءات لوحاته.
لا قصائد هنا ولا ذاكرة عناصر ولا حتى «أهل تابوت»، إنها عوالم تتخلق من رقدتها بين الداكن والفاتح، بين الغامق والمائل إلى أزهار السيكلامان وعميق اللازورد في بعض الأعمال التي لم تقتصر على الأسود والأبيض، لنلاحظ حجم الجهد الغرافيكي المشغول على السطوح وعناصر التوازن البصري المعاد توليفها؛، ليس في فراغ إقليدي هندسي، بل كانعكاس لحسية نقلت ذاكرة انفعالية كثيفة للفنان في عالم لاهوتي تمشي شخصياته درب الجلجلة فيه بكل رضا وعذوبة، تماماً كما لو أنها تسبح في رحِم من السواد والبياض، بين خسوف وكسوف يعيش أبداً حالة من المحاق اللوني بين احتمالات عديدة من القدرة على التعتيم والإنارة.
محمولات درامية على طقوسية من خطوط وانحناءات مؤثرة في حركات الرأس وطواعيته لتقمص دور الذبيحة، ومرانها على استمراء دور الضحية والجلاد في وقت واحد.
هذا التشخيص جعل من أعمال أبو عفش مفارقة في المختبر التشكيلي السوري، فأعماله صادمة ببراءتها وعتهها وسهولة استسلامها، مثلما هي صادمة ومباغتة وكثيفة في حضورها كبصريات مشاغبة وضد الترويض.
تجسيد يستمد طاقته من عدميته وفنائه وصوفيته المعلولة بوجوده.
ليس الرسم هنا بالفحم تورية أو مجازفة على مستوى الشكل، بقدر ما هو سلوك روحاني للرسام الشاعر الذي فرد كائناته في فراغ مركز الفنون كشاخصات تودي إلى» موتى يحملون موتاهم» و «عشاء أخير» كبير القوم فيه خادمهم.
مُسحاء منبوذون وقديسون متقاعدون جعلهم أبو عفش كخلفيات لحجارة تصير وجوهاً، ووجوهاً تغيب في اللوحة على هيئة حجارة.
هذا لا يمنع من القول إن عصامية اللوحة التي يقترحها الشاعر الرسام اليوم هي من تحميها من المصادرة عليها، ففطرة الشاعر وموقفه من الحياة والعالم والفن تجعله مرةً أخرى في أمسية تشكيلية لا شك أن الحرب دفعته إلى إشهارها وردم المسافة بينها وبين القصيدة، فما ملت أو عجزت عنه الذهنية الوقادة للشاعر السوري في هجاء أهوال الحرب والقتل والخراب، ها هي اليوم تكبّده معرضاً كاملاً من مخلوقات بدت وكأنها تقف على أطلالها الأخيرة، لا تعوزها فصاحة الخطوط ودرجات التظليل المحكمة والرقيقة، بيد أن تأتآتها ولعثماتها جعلت منها مجازاً موازياً ل «عكس الشعر» عنوان آخر كتاب أصدره أبو عفش وهو لم يعد يعرف أين يقع الشِّعر؟ وما هي الحدود الفاصلة بينه وبين الكلام الجميل في زمن شعراء الفايسبوك وأمراء المدوّنات الإلكترونية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.