أقيم بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان "الإبداع المصرى في الجنوب"، نظمتها لجنة القصة بالمجلس ومقررها الكاتب الكبير يوسف القعيد, وأدارها الأديب محمد صالح البحر. بدأت الندوة الكاتبة هالة البدري قائلة: إنها قد قرأت مجموعة قصصية بعنوان "بجوارك عندما تمطر" ل محمد عبدالمنعم زهران, مشيرة أنها عندئذ تذكرت عباقرة أسرار الكتابة, فالأدب لعبة يلعبها الكاتب مع القارئ ومع عناصر الكتابة, اللعب هنا في الاختفاء والظهور والمناورة، الاستمتاع الذي تكلل الفرحة والبهجة مثل السمك الصغير الذي يكون في حجم الذباب وهو يحيط يقدم الصبي, ولأن الأدب لعبة ولأن الكاتب يعرف كيف يلعب فقد عشق المفاجآت وآبي الا أن يظل يلاعبناً حتى النهاية. أيضا بث الحياة من مواقف نراها معتادة حتى تحولت لمواقف مزمنة تموت ولا نراها. فلنشكر الكاتب الذي أعاد لها الحياة. أيضا قرأت "جناح العدالة" توقعت في البداية أنها قصة في مجموعة قصص تنشر لمكان والزمان, لكن لم أر الا مشاهد ممكن أن تتطور لأحداث روائية البطل فيها هو الفارس الذي تحول ل حورس, كما هو مصور على غلاف الكتاب، وكما نرى الأحداث بعد ذلك وهي الأسطورة التي أحياها المصريون لقرون فيها بلغة بسيطة ومقتصدة. ثم جاءت كلمة د. عزة بدر التي طرحت على الحضور قراءة لمجموعتين قصصيتين. هما "مأساة ضائعة" ل عبدالهادي زيدان، "رأس الأفاعي" ل رأفت عزمي وقالت إنهما مجموعتان جديرتان بالاهتمام، فالأولى قصص تدور حول أحداث من عوالم مختلفة تكشف الحكاية بمشهد معبر ينتهي بالقصة والاماكن من مواطن متعددة مثل المعابد والندوات الثقافية وتسفر عن الوجه الحقيقي للشخصيات. وجميع القصص بها شكل جمالي لغوي، وهناك قصة مهمة أيضا "حب حتى مطلع الكراهية" وهي قصة امرأة متزوجة تتحدث الى والدها في قبره وتعاتبه عن حياتها القاسية. لا تخلو المجموعة من دفء الحكاية وتظهر هنا تقنية الحوار مثل يوميات صعلوك. أما المجموعة الأخرى نجد بها لحظات التنوير يكمن فيها الحقيقة، وقد صدرت عن مركز الأدب للثقافة بأسيوط الذي أتمنى أن يكونوا قريبا ضيوفا علينا في المجلس الأعلى للثقافة. أعود للمجموعة التي تحمل نهايات قاسية تطارد الأبطال؛ قصة "بكاء السواقي" حين تذهب الطفلة البريئة لالقاء شيء في صندوق القمامة, كما تعلمت فتنفجر فيها قنبلة، مصير البطل هنا خارج عن إرادتها. المجموعة تحمل صورا متعددة لمعاناة الفرد ودعوة للتفكر وإعمال العقل. قصة "الجمل الثائر" التي تناول الكاتب فيها موقعة الجمل. في هذه القصة يستنطق الجمل الذي يثور أيضا. ثم وجّه المبدع ثروت عكاشة الشكر لكل الحضور، وقدم قراءة سلوى بكر لقصة "البحيرة وسنينها" ل هيام عبدالهادي, وقال إن القصة تتناول التجربة الخاصة لهؤلاء الصيادين الذين لهم عوالم كثيرة وجدت بسبب هذه البحيرة، فالجغرافيا هنا تصنع التاريخ، ولعل التماسيح الأكثر حضورا من الكائنات وهناك عوالم أخرى مثل الذئاب والعقارب والطيور من خلال السرد الروائي هي مشاهد واقعية تعكس علاقات حميمية مثل "العجوز والبحر". أيضا سلطة الدولة حاضرة بقوة في الرواية الدولة وأجهزتها ومؤسساتها لا تغيب عن البحيرة، مثلا هي التي تمنح رخص الصيد بالبحيرة, وهكذا اختمت سلوى بكر قراءتها كما أخبرنا عنها عكاشة حين قالت المرأة قادرة على تجاوز الحدود والآفاق غير المحدودة.