حماس تنعى أمين حركة المجاهدين أسعد أبو شريعة    الخارجية الروسية: نرفض استهداف منشآت إيران النووية ونسعى لحل بين واشنطن وطهران    زيزو يكشف تفاصيل مكالمة الخطيب ويرد على وصفه بصفقة القرن    "العربية بقت خردة".. سائق يصدم 6 أشخاص أعلى دائري المنيب    لقاءات تثقيفية وورش للأطفال.. قصر ثقافة الإسماعيلية يحتفل بعيد الأضحى    الشوارع غرقت.. كسر خط مياه شرب فى مدينة طور سيناء    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    «كتائب القسام» تنفذ عملية «نوعية» في خان يونس    اندلاع حريق كبير في السوق القديم بمدينة بندر عباس جنوبي إيران    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يقترب من تجديد عقد ليونيل ميسي    عاجل|تصعيد خطير في لبنان رغم الهدنة.. غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية ومخاوف من انفجار وشيك    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    ممدوح عباس يوجه رسالة قوية للزمالك: لن آخذ على عاتقي التزامات جديدة    نجم الأهلي على موعد مع التاريخ في كأس العالم للأندية    «الفلوس؟».. زيزو يكشف سر انتقاله إلى الأهلي    اتحاد الكرة يخاطب الإمارات وقطر لمواجهة منتخبي الشباب والناشئين وديا    أحمد الشيخ يعلن الرحيل عن الإسماعيلى رسميا    ستام أسطورة هولندا: أرشح صلاح للفوز بالكرة الذهبية.. ومجموعة الأهلى بالمونديال صعبة    "قومي المرأة" ينظم لقاء تعريفيا بمبادرة "معا بالوعي نحميها" بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس    إصابة طالب بطلق ناري في قنا    ضبط 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    رابط نتيجة الصف الأول الإعدادي 2025 برقم الجلوس    بعد هبوطه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 8 يونيو 2025    ابن شقيق عبد الحليم حافظ: صوت الفن ليس من حقها التعاقد على حفل مهرجان موازين    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    أمريكا.. تفشي السالمونيلا في 7 ولايات وسحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق    أحمد زيزو: سأحترم جماهير الزمالك إذا سجلت في القمة    وزير الخارجية يُندد بمواصلة إسرائيل «انتهاك القانون الدولي»    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    الربان عمر المختار صميدة رئيس حزب المؤتمر:الجمهورية الجديدة سمحت للأحزاب بممارسة دورها الحقيقى    برنامج متكامل لدعم 12 تكتلًا اقتصاديًا بالصعيد    أنشطة رياضية وترفيهية للمتعافين من الإدمان بمراكز العزيمة    ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    إقبال كثيف على «مصايف الغلابة» بدمياط وكفرالشيخ والدقهلية    أخبار × 24 ساعة.. النقل: غرامة لمن يستخدم حارة الأتوبيس الترددى على الدائرى    سعر الذهب اليوم الأحد 8 يونيو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    بمساحة 10فدان.. مراحل استقبال الاضحيات بأحد المجازر العمومية في الإسكندرية    مجلس الوزراء: التوجيه بالمتابعة المستمرة لذبح الأضاحي بالمجازر الحكومية    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    مها الصغير: رفضت فرصة للتمثيل أمام أحمد زكي.. وأستعد لإقامة معرض فني للوحاتي    «ماسك» يتحدى «ترامب» ب«حزب جديد» ينافس «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»    «الرعاية الصحية»: جولات ميدانية مكثفة لمتابعة سير العمل    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    قوافل ومبادرات صحية تجوب المنوفية في ثاني أيام العيد.. صور    القاهرة الإخبارية: شرطة الاحتلال تعتدي على المتظاهرين وسط تل أبيب    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    استمرار أعمال التجميل ورفع المخلفات بميادين الإسماعيلية    كل عام ومصر بخير    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتابة الهامش في رواية «المصب» للتونسية شادية القاسمي
نشر في نقطة ضوء يوم 16 - 07 - 2016

لا نعني بكتابة الهامش تهميش الكتابة أو رسم الهوامش والشواهد وغير ذلك، ولكننا نعني بها تحويل الهامش إلى الأدب واتخاذه مرجعا تخييليا، وهو توجه بارز في الرواية العربية التي تحاول تجاوز الخط الرسمي و«بورجوازية الرواية».
ويمكن أن نعتبره مجالا مفتوحا للسرد يحاول معاكسة الخطاب الرسمي، من خلال تصوير الواقع اليومي المتردي للحياة اليومية، ومحاولة تبني مشاغل الناس في المناطق والأنحاء المهمشة، وهي المواضيع التي تحاول الخطابات السلطوية العربية تجاهلها والصمت عنها، كي يفسح المجال لخطاباتها ولإنجازاتها، كما تجتاز كتابة الهامش الخطوط الأخلاقية الحمر وتقترب من الخطابات المحرمة والممنوعة، ولعل روايات المغربي محمد شكري تندرج في هذا المجال. وتفسح هذه الكتابة المجال للمهمشين والمتمردين والمقصيين بالبوح والحكي، ومن الطبيعي أن الحديث في هذه النوعية من الخطابات الأدبية والسردية يطول، ذلك أنها أحدثت تراكما لا بأس به في الأدب العربي قديما وحديثا… ولعل الرواية التي نتناولها في هذا النص تشكل واحدة من الروايات التي يمكن تصنيفها ضمن هذا التوجه السردي والروائي، فهي رواية تحاول كتابة الهامش الاجتماعي وتتخذ من عوالم المهمشين متخيلا.
ورواية «المصب»هي الرواية الأولى للكاتبة شادية القاسمي، التي تخوض في الوقت نفسه تجربة الكتابة الشعرية، إذ سبق أن صدرت لها مجموعة شعرية عنوانها «تراتيل»، وقد استطاعت هذه الرواية أن تكون واحدة من الأعمال المتوجة في مسابقة «كومار» للرواية التونسية في دورتها الأخيرة، وهي رواية من النوع الواقعي الاجتماعي تتخذ حكايتها طابع مشابهة الواقع وكتابة المحتمل المستند إلى مرجع واقعي، وهي تمعن في كتابة واقعية سوداء، هي الكتابة التي تغوص في أعماق الفئات الاجتماعية وتحاول تبني قضاياها ومشاغلها وإبراز تناقضاتها، من خلال تخييل عالم حكائي شبيه بعالمها ومن طبيعة هذا النوع من الكتابات السردية أن يعج بالقضايا الاجتماعية ويرسم هموم الواقع، أو بالأحرى هي رواية تنهل من الهامش الاجتماعي وتلتقط حكاياته ويومياته وتفسح المجال لضحاياه للحديث عن تجاربهم.
لعل ابرز سمات سرد الهامش إفساح المجال للشخصيات المعدمة والمنبوذة والمتحررة من سلطة المجتمع وأقنعته لتتكلم، وهي محاولة لاستنطاق المسكوت عنه، ولعلها محاولة إيهام من الروائي ليتمكن من نقل الخطابات الممنوعة. ولعلنا نجد هذه السمة في هذه الرواية من خلال تولي الشخصية الرئيسية، وهي امرأة تنحدر من عائلة فقيرة تشتغل في المصب وتتزوج سكيرا معدما، سرد أحداث الرواية سردا معتمدا على أسلوب الصوت الواحد والسرد الذاتي بضمير المتكلم، ومعبرة عن رؤية واحدة للأحداث، من خلال سرد يغلب عليه أسلوب التذكر والتتابع، وقد قسمت الكاتبة هذه الاعترافات إلى نصوص قصيرة… وهكذا تحملت هذه الشخصية البائسة مهام السرد فكانت الفصول سردا ووصفا لحياتها اليومية ومأساتها بلا أقنعة:
«أواصل طريقي إلى عمل قار لم أجد غيره… أهرع كقطة إلى المزابل أبحث عن قوت… كرهت قذارتي… كرهت الأشياء من حولي لأنها تلونت بلونها… أفتح نافذة العمر أطل على كوم من القاذورات المتنوعة فلا أجد مهربا منها غير النسيان واللا ذاكرة».
على هذا النحو من البوح والاعتراف ترحل بنا الساردة طارحة علينا ذاكرة عمر من العذاب والحطام ومحطات حياة مأساوية مع الأماكن والأشخاص متنقلة بين بيت والديها القصديري ومسكن زوجها الجماعي وبين أحداث العنف والموت وحوادث القتل والانتحار والموت المفاجئ.
أما السمة الثانية لكتابة الهامش فهي تصوير الفضاءات الهامشية من مدن وقرى صغيرة ومساكن يائسة ومحلات محرمة وغير ذلك، وهو ما نجده في هذه الرواية، حيث تتعدد الأماكن الهامشية وتتخذ بعدا مرجعيا فهي ليست أماكن مدققة ولكن لها ما يشابهها في الواقع اليومي ومنها:
*الحي الشعبي الفقير وهي حالة أحياء كثيرة في المدن التونسية نشأت على هامش التحولات الاجتماعية وحركة النزوح نحو المدن وأصبحت تشكل تراكمات سلبية في أغلب المدن بما تفرزه من واقع معيشي صعب وما تمثله من أوضاع مزرية لأنها تتشكل من أشخاص ذوي وضعيات اجتماعية صعبة.
* مصب الفضلات وهو الفضاء الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى مصدر رزق لعائلات كثيرة منتمية لهذه الأحياء الشعبية الفقيرة، حيث يشتغل الكثيرون بالبحث عما تجود به هذه المصبات من أشياء يمكن بيعها والحصول منها على مصدر رزق، وقد اهتمت وسائل الإعلام في بعض تحقيقاتها بهذه الظاهرة التي انتشرت في أغلب المدن.
*الفضاءات المغلقة: «المسكن القصديري المتواضع الذي لا تتوفر فيه مقومات العيش/ البيت التقليدي الكبير الذي يضم كامل العائلة، حيث يكتفي الذكور بعد زواجهم بالحصول على غرفة لممارسة الحياة الزوجية وهي من سمات العائلات التقليدية الفقيرة/غرفة الزوجية في البيت الكبير/مركز الإيقاف/فضاء السجن…».
كل هذه الفضاءات الهامشية كانت محطات سردية مرت بها الساردة مصورة حياة بائسة وقد سيطرت على كل الفصول ماعدا فصل البداية والنهاية، حيث ينفتح الفضاء الروائي على الفضاء الأجنبي فنشهد رحلة البطلة وعودتها… وهذا لا يغير شيئا من طبيعة الرواية ومناخاتها.
أما السمة الثالثة لكتابة الهامش فتتصل بنوعية الشخصيات، حيث تكون متصادمة مع الواقع وتعاني التهميش والرفض وهو ما نجده في شخصيات هذه الرواية المعدمة والفقيرة والتائهة في الحياة، وهي تعيش الفوضى والخصاصة والعنف والإجرام، ومن بينها الساردة المنحدرة من أسرة فقيرة والمتزوجة غصبا من سكير هو زوجها «كيمو» الذي كانت نهايته القتل على يد زوجة أخيه حنان التي كانت تربطه بها علاقة محرمة، والتي انتهت بدورها منتحرة في السجن، إضافة إلى حياة شقيقة الساردة التي عاشت الاغتصاب وبقية إخوتها الذين اختطفهم الموت في صراعهم مع لقمة العيش.. فهي شخصيات يطاردها الموت وهو ما يطبع الرواية بمسحة جنائزية ويجعل الساردة تنتقل من موت إلى آخر، فالرواية تجمع بين مصبين.. مصب للفضلات وآخر للممارسات الاجتماعية وهي محاولة روائية أخرى لكتابة الهامش وتحويله إلى الأدب، ولا شك أن لكتابة الهامش مقومات أخرى تتوفر بعضها في هذه الرواية، ولكننا نغض عنها النظر استجابة لضغط المساحة ومنها كتابة الجنس والخطاب الإباحي أو وصف القمع، حسبنا أننا بينا انشداد هذه التجربة إلى عوالم الهامش وأحطنا بمناخات هذا النص الروائي.
.....
٭ ناقد تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.