حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بالبنوك في أول يوم عمل بعد تثبيت الفائدة    طلاب ب "إعلام أكاديمية الشروق" يطلقون حملة ترويجية لتطبيق يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسهيل الحياة في العاصمة الإدارية    «القسام»: أسرنا جنود إسرائيليين في كمين مركب وقتلنا آخرين في مخيم جباليا    لابيد: أولادنا يموتون في قطاع غزة    فهمي: سيطرة إسرائيل الأمنية على غزة بعد الحرب غير قابل للتطبيق ويعوق اتفاق السلام    مدير وحدة الأبحاث بمعهد فلسطين: مأزق إسرائيلى فى غزة.. ومصر حائط صد    قيادى بحركة فتح: مصر تحارب من أجل بقاء القضية الفلسطينية ولولاها لانتهت    ربيعة: لاعبو الأهلي على قلب رجل واحد.. وفخور باللقب ال12    الأهلي يعبر عن خالص شكره وتقديره للرئيس عبدالفتاح السيسي    عماد النحاس: سعيد بتتويج الأهلي بأبطال إفريقيا وكنت أتابع المباراة كمشجع    وزير الرياضة يعلن موعد انضمام صلاح ل معسكر منتخب مصر    كولر: نستحق التتويج.. وتعودنا في الأهلي على حصد الألقاب    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    غدًا.. نتائج صفوف النقل عبر الموقع الإلكتروني ب«تعليم الجيزة»    نتيجة الشهادة الاعدادية 2024، الترم الثاني محافظة أسوان برقم الجلوس أو الاسم عبر بوابة الفجر وموقع وزارة التربية والتعليم    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    «تشريعية النواب»: تعديل على قانون تعاطي المخدرات للموظفين بعدما فقدت أسر مصدر رزقها    بعد الأجواء الحارة.. الأرصاد تكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    طباخ ينهي حياة زوجته على سرير الزوجية لسبب صادم!    «مبروك يا ابن المحظوظة».. أحمد سعد يهنئ الأهلي ببطولة أفريقيا (فيديو)    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الجدي    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    أستاذ قانون: القضاء الدولى ينتفض ضد إسرائيل بسبب جرائمها فى غزة    طارق الملا ل قصواء: كل الشركات العالمية متواجدة فى مصر للتنقيب عن البترول    جورج لوكاس يتسلم "السعفة الذهبية" بحضور كوبولا في ختام كان السينمائي    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    تجدد الاحتجاجات ضد نتنياهو في تل أبيب وأماكن أخرى.. وأهالي الأسرى يطالبونه بصفقة مع حماس    مبابي يودع باريس سان جيرمان بحصد لقب كأس فرنسا 2024    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    "يا هنانا يا سعدنا إمام عاشور عندنا".. جماهير الأهلي فى كفر الشيخ تحتفل ببطولة أفريقيا (صور)    رابطة النقاد الرياضيين تشيد بالتنظيم الجيد في نهائي دوري أبطال إفريقيا    مصر في 24 ساعة| السيسي يُصارح المصريين بأزمة انقطاع الكهرباء.. والأهلي يتوج بالأميرة السمراء    "نيوزويك": بوتين يدرس التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    زاهي حواس: بناء الأهرامات كان المشروع القومي للمصريين القدماء.. واستغرق 28 عاما    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    عيار 21 الآن بالمصنعية.. تراجع جديد في سعر الذهب اليوم الأحد «بيع وشراء» في مصر (تفاصيل)    آلام التهاب بطانة الرحم.. هل تتداخل مع ألام الدورة الشهرية؟    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    مستشار وزير الزراعة: الرئيس السيسى افتتح 8 أنشطة كبيرة كل نشاط بمثابة بطولة    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل إيف بونفوا آخر الشعراء الفرنسيين الكبار
نشر في نقطة ضوء يوم 10 - 07 - 2016

ولد إيف بونفوا يوم 24 يونيو 1923 في مدينة تور الفرنسية وتوفي بباريس يوم غرّة يوليو 2016، وهو يعتبر بمثابة أهم شاعر فرنسي اليوم، فمنذ إصداره أوّل كتاب شعري سنة 1953، تحت عنوان “عن حركة وثبات دوف”، ما انفكّ بونفوا يسائل الشعر، تحديدا ما يجعل من الشعر فعلا، وذلك من خلال قصائد وأبحاث ونصوص عن الفنّ والموسيقى وترجمات ومعاجم. وهي أعمال تجاوزت المئة عنوان وهي وليدة عصرها وأزماتها وتساؤلاتها لأنّ إيف بونفوا من الأدباء الذين يعون أنّ الأدب التزام حقيقي فما عادت الكتابة
نفسها بعد الحرب العالمية الثانية وبعد معارك التحرير والاستقلال ومايو 1968 وغيرها من الأحداث التاريخية. وهذا ما جعله يكتب أنّ “جذور الشعر سياسية. إنّها استعادة حضور الآخر في حياتنا، وذلك الحضور هو عمود الديمقراطية. لا وجود للديمقراطية إلاّ في تحمّلنا مسؤولية كافّة تجليّات وجود الآخر”.
حلم نوبل
هذا الكلام وغيره جعل الكثيرين يحلمون بأن يطول عمر الشاعر كي يتحصّل على جائزة نوبل للآداب. إذ أنّ المطلعين على الأدب الفرنسي يفضّلون إيف بونفوا على الروائيين لوكليزيو وبتريك موديانو الفائزين بالجائزة سنة 2008 و2014.
لا سرّ في ذلك، لأنّ بونفوا يمثّل الفكر والأدب وخاصة الشعر الفرنسي بأتمّ معنى الكلمة وهو في الحقيقة إرث فرنسي يجعل، منذ هوغو وبودلير مرورا برامبو وملارمي وصولا إلى بول فاليري، من الشاعر رمزا إنسانيا، فهو قدوة فكرية وإبداعية وسياسية من خلالها يمكن الحكم على العصر وعلى ما فيه من محاسن ومن مساوئ في الآن نفسه.
كان بونفوا يمثل كل هذا، فقد درس الرياضيات والفلسفة كما اضطلع بتاريخ الفنون ممّا مكّنه من أن يُنتخبَ لمنصب أستاذ في “كوليج دو فرانس” سنة 1981، وهي مؤسسة عريقة بعثت في القرن السادس عشر في فترة عصر النهضة الفرنسية لتشجيع تدريس الرياضيات والعلوم واللغات بغية تجويد التعامل مع النصوص الدينية. كان انتخاب بونفوا مهمّا لأنّه أسّس لكرسي “الدراسات المقارنة في الوظيفة الشعريّة”، وبفضل ذلك مكّن الشاعر من بلورة دروس وندوات وحلقات تفكير حول الشعر والشعرية والفنون والجماليات بين اللغات والثقافات.
هوس الشعر
للشاعر مجموعة لا بأس بها من الكتب التي أوضح فيها نظرته الأكاديمية والثقافية والأنثروبولوجية للإبداع، مثل كتاب “اللامحتمل” و”الغيمة الحمراء” و”حقيقة الكلام ومقالات أخرى”، لكن لكتاب صغير صدر سنة 2007 تحت عنوان “الشعر بصوت عال”، وهو متكوّن من ثلاث محاضرات ومن حوارين، وقع خاص للمهتمّين بشعرية إيف بونفوا بصفة خاصة وبتطورات الحركة الشعرية في النصف الثاني من القرن العشرين بصفة عامّة “لقد نضجتُ في فترة من التاريخ لم تمكّن بعض الآخرين من الوعي بالمخاطر في رحم اللغة وفي الفخاخ التي يمكن أن تقع اللغة فيها، حتّى وإن كانت مهووسة بالشعر”.
لا يمكن فهم ما يقصده بونفوا إن لم نستحضر حكم الفيلسوف الألماني تيودور أدورنو القائل إنّه “من البربرية كتابة الشعر بعد أوشفيتز”، وذلك لإرجاع الهيبة والقيمة لليهود بعد الهولوكوست بما أنّهم شعب الكتاب السّماوي الأوّل، لكن لشاعرنا رأي آخر، رأي ضارب في الإنسانيّة لا يسمح بتجريد البشر من نعمة الكلمة ومن نعمة الشعر لأنّ شعبا قرّر لأسباب أو لأخرى تدمير آخر. يقول إذن إيف بونفوا “بعد أوشفيتز، كان على الشعر أن يبدو أكثر ضروريّة من السّابق، كان يجب أن يبدو شرطا لا غنى عنه. من الناحية السياسية، بصفة خاصّة، كان يمكن للشعر أن يساعد على استرجاع القوى، على إعادة الاعتبار للفكر النقدي، على الدفع بالطموحات الكريمة للتعرّف على قيمتها في برامج سياسية أو ربّما في قرارات فعليّة. الخطر الوحيد يكمن في إمكانيّة أن يضع الشعراء فصاحة لغتهم في خدمة هذه البرامج مثلما تطلبه هي منهم”.
هذا إذن ما انتبه إليه بونفوا: كيفيّة الخروج بالشعر من برجه العاجي وكيفيّة تمكين الشاعر من لعب دوره كمواطن فاعل. لهذا السبب يرفض بونفوا الانحصار في خطاب أدبي أو أيديولوجي مغلق، كما يرفض السقوط في صراعات أو سجالات تخصّ الدين أو الإستيتيقا أو الفلسفة، لأنّ الموروثات، كلّ هذه الموروثات، حتّى السلبيّة منها، مهمّة لفهم الحاضر ولبناء المستقبل، لأنّ الماضي والتاريخ بنيا عليها. من هنا، تبدو مقولة المصلح إيراسموس التي تفيد بأنّ “الإنسان لا يولد بل يصير إنسانا” نقطة انطلاق ممكنة لفهم عوالم إيف بونفوا.
المسألة عند إيف بونفوا الشاعر والناقد والمفكر تكمن في الصراع الجدلي بين الحركة والثبات، وهذا موجود منذ عمله الشعري الأوّل حيث حوّل “دوف”، وهو في الأصل خندق مائي مجعول لحماية القلاع في القرون الوسطى، إلى شخصيّة آدميّة ورمزيّة، حيوانيّة وأحيانا معدنيّة، ليقف بنا أمام الموت ولينشد ما سمّاه “المكان الحقيقي”. هكذا إذن، توجد في أحد شوارع باريس، تحديدا في شارع ديكارت، قصيدة جداريّة مرفوقة بلوحة للفنّان الكبير بيير أليشنسكي، وهي ربّما محاولة مزدوجة من قبل الشاعر والرسّام للحوار مع البعض ومع المكان حتّى يصير أكثر إنسانيّة:
“أيّها العابر،
أنظر إلى هذه الشجرة الضخمة وعبرها،
يمكن أن يكفي.
لأنّها حتّى وإن كانت ممزّقة ووسخة، شجرة الشوارع
هي الطبيعة بأسرها، السّماء بأسرها،
العصفور يحطّ عليها، الرّيح تتحرّك فيها، الشمس
تقول فيها ذات الأمل، بالرغم من الموت.
أيّها الفيلسوف،
هل من حظّك أن تكون الشجرة في شارعك،
ستكون أفكارك أقلّ صعوبة، وعيناك أكثر حرّية،
ويداك راغبتان في ليل أقل”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.