استضافت مساحة الرواق بالعاصمة البحرينيةالمنامة، مؤخرا، معرض “دفاتر فنسنت فان غوخ” لكل من الشاعر قاسم حداد والفنانة طفول حداد والموسيقار محمد حداد، وفيه دشّن قاسم حداد الطبعة الثانية من مجموعته “أيها الفحم يا سيدي: دفاتر فنسنت فان غوخ”، حيث كانت طبعته الأولى العام الماضي عن دار مسعى البحرينية، كما قدّم حداد مجموعة أعمال فنية مستوحاة من حياة فان غوخ الفنية بالاشتراك مع ابنته طفول حداد، وبلغ عدد الأعمال 66 عملا تفاوتت اشتغالاتها وموادها وأحجامها، لكنها اتفقت جميعها على فان غوخ. وكانت عائلة قاسم حداد قد زارت دولا ذات أهمية في حياة فنسنت فان غوخ نذكر منها هولندا، وألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا. واحتفالا بهذه الرحلة الفنية الثقافية التي اشترك فيها كل أفراد العائلة؛ حداد وابنه محمد وابنته طفول، قام بوضع جزء من صور هذه الرحلة على شكل فيديو تمّ عرضه أثناء المعرض. ألبوم موسيقي كما تم بالمناسبة إطلاق ألبوم موسيقي تحت عنوان “فنسنت” من تأليف الموسيقي البحريني محمد حداد الذي استلهم مقطوعاته الموسيقية جميعها من حياة فان غوخ وكتاب قاسم حداد محاولا التجسير الفني الجاد بين عالمين عظيمين؛ الشرق والغرب بلغة موسيقية متاحة لقراءة الجميع. وعن ألبوم “فنسنت” يقول محمد حداد “خلف هذه الألوان المبهجة التي اشتغل عليها فنسنت توجد ألوان قاتمة ساهمت في تكوينه النفسي. أحاول في هذا الألبوم استدعاء هذه الألوان الحميمة التي ربما لم تظهر في لوحاته بشكل واضح، وأحاول ترجمتها إلى نغمات تحاكي انطباعيته، وألمه الذي لم يهدأ طوال حياته”. بالتزامن مع معرضها في الرواق، دشّنت الفنانة طفول حداد كتابها “أزرقان” مشتملا على فصلين؛ أزرق الرسم وأزرق الحياة. وبحسب طفول فقد استوحت هذا العمل من قراءتها لنص “أيها الفحم يا سيدي” لقاسم حداد ورسائل فنسنت فان غوخ لأخيه ثيو، وقد استخدمت فيه لخلق الصور تقنية “التعريض المتعدد”، واختارت أن يكون العنوان “أزرقان” لكون الأزرق لون فنسنت الطاغي في أغلب لوحاته بالإضافة إلى عشقها العظيم لهذا اللون، وأيضا، من منطلق المتحاورين في الفن وفي الحياة: الرسم والحياة، الكاتب والرسام، قاسم وفنست، والكاتب واللوحة، فنسنت وثيو، والظل والضوء، الفحم وزهرة الشمس، الليل والنهار، الشمس والنجوم، المنجم والحقل، الحب والحزن، الحبر واللون، الإبداع والجنون، اليأس والحلم. تقول طفول حداد عن تجربتها في “أزرقان” “ما عرفناه عن فنسنت فان غوخ هو ذلك الرسام المجنون الذي قطع أذنه ليهديها إلى امرأة أحبها. ذلك الجنون الذي استطاع بشكل أو بآخر أن يسافر بسحر لوحاته إلى كل بيت في كل مدينة من هذا العالم الشاسع. اقتربتُ أكثر من حياته قبل رسومه، فصرت أعرف أن الإنسان داخل فنسنت هو سحر الفن في لوحاته، فكل لوحة تحمل جزءا من قلبه الأزرق”. وتتابع حداد “زرقة سماء أحبها فنسنت كثيرا، سماء رحبة مليئة بالنجوم والشمس وأعين الفقراء والعمال، وأسى نسائهم، وأنين أطفالهم. إنسان أحب الناس أكثر مما أحبوه، وعاش مع آلامهم وظلمة مناجمهم، لكنه ظل في وحدته إلى أن تركته الحياة وهو لم يزل في شغف الرسم. أهدانا الطبيعة وألوانها، لنلوّن بها الحياة، لعلها تسعفنا في ظلمة قلوبنا. وضعنا في الأفق الأزرق لنبحر بمخيلتنا، تلك هي محاولاته المجنونة التي نخسرها. قال مرة لشقيقه ثيو من المتاح أن تنتمي، ولكن ليس من الحكمة أن تعوّل على ذلك”. البرنامج الثقافي مع هذا التدشين الفني الاستثنائي لمعرض حداد يقيم الرواق برنامجا ثقافيا على هامشه، وذلك على شكل أيام فنية باسم “دفاتر فنسنت فان غوخ” لمدة ثلاثة أسابيع ابتداء من أول مايو الجاري، وذلك في سبيل تعزيز حضور الثقافة الفنية في تجارب محبي الفنون في البحرين وخيالهم. ويعنى البرنامج المصاحب بسدّ الفجوة بين الثقافة المحلية والعالمية من خلال برنامج إبداعي متنوّع يشمل ورشات فنية وعروض أفلام ونقاشات ثقافية وفعاليات مختلفة في غاليري الرواق وخارجه. ويشمل البرنامج محاضرة لعالمة الاجتماع الفرنسية ناتلي هاينتك بعنوان “عظمة فان غوخ”، وورشتين لدانيل دونلي بعنوان “دراسة في ألوان فان غوغ” و”حرف فان غوخ”، ومحاضرة لبلقيس فخرو تحت عنوان “فان غوخ وما بعد الانطباعية”، وعرض فيلمين “فنسنت وثيو” و”الأحلام” في 19 و21 مايو الجاري، برعاية السفارة الأميركية في البحرين.