منها صحيفة حالة جنائية.. شروط التراخيص المؤقتة للحضانات (تعرف عليها)    هل ترتفع أسعار الذهب حال خفض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة؟ «الشعبة»: متوقع جدًا    رئيس وزراء قطر: الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة سابقة خطيرة ولا يمكن أن يعد حادثا عابرا    «رفع لافتة تشارلي كيرك على مبنى بلبنان».. حقيقة الصورة المتداولة    جدول ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد هدف محمد صلاح اليوم    محمد أبوتريكة: عصام الحضري أفضل من دوناروما    شك في وجود علاقة بين زوجته وصديقه فتخلص منها.. الإعدام لعامل وصديقه بالقليوبية    «تموين المنوفية»: ضبط مصنع غير مرخص للأدوية والمكملات بمدينة السادات    رسالة ماجستير في «إعلام القاهرة»: «Extra News» أول قناة يتابعها الجمهور لمتابعة «أزمة المياه في مصر»    «سحر لا يقاوم ونهايات موجعة».. أبراج تأسر القلوب وتكسرها    مدير تعليم المنوفية يناقش استعدادات العام الدراسي الجديد    حقيقة اقتحام الشرطة لمنزل سيدة بالمنوفية    جامعة قناة السويس تستقبل وفد منطقة الوعظ بالإسماعيلية لبحث التعاون    محافظ الشرقية يلتقي وكيل وزارة التموين    "ديجافو" من ما تراه ليس كما يبدو تتصدر الأعلى مشاهدة على المنصات بعد عرض أولى حلقاتها    مستشفيات سوهاج الجامعية تطلق نظام الحجز الهاتفي للعيادات الخارجية لتخفيف الزحام    بالصور- شباب سفينة النيل العربي يزورون معبد فيلة والسد العالي بأسوان    منال عوض تلتقي الجهات المنظمة لاحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدولة للإنتاج الحربي: نعمل على جذب استثمارات وتعزيز قدرات القطاع الصناعي    توزيع حقائب مدرسية وأدوات مكتبية على الأيتام والأسر غير القادرة بمطروح    الصحة: إيفاد كوادر تمريضية إلى اليابان للتدريب على أحدث الأساليب في إدارة التمريض    شركة مياه الشرب تعلن عن وظائف جديدة بمحافظات القناة    تحريات مكثفة لكشف ملابسات مقتل شخص طعنا بسلاح أبيض فى بولاق الدكرور    تجهيز 7 آلاف فصل جديد لخدمة 280 ألف طالب في العام الدراسي الجديد    "فيشر موجود وأسد مش صح".. شوبير يكشف تحركات الأهلي في الساعات الماضية    «صلاح من بينهم».. أبوتركية ينتقد لاعبي ليفربول: «لابسين بدلة وبيلعبوا بالشوكة والسكينة»    ردود أفعال ايجابية بأداء كريم أسامة نجل الإعلامية لمياء فهمي عبد الحميد في "أزمة ثقة"    رمضان محمد ل"مصراوي" تامر حسني يخضع للعلاج الطبيعي بالمستشفى    رئيس جامعة القاهرة السابق: دخلت عالم أعتى الفلاسفة الملحدين وخرجت منه أكثر إيمانًا    بتصويت الرهبان.. تعيين الأنبا سميون مطرانًا لدير سانت كاترين    "أسرار كارثية".. نجم الزمالك السابق يفجر مفاجأة بعد رحيله: "أنا صريح"    تطعيمات ضرورية يجب حصول الطلاب عليها قبل بدء العام الدراسي    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    البنك الأهلي يساهم ب 60 مليون جنيه لصالح وحدة "الايكمو" من خلال لجنة زكاة طوارئ قصر العيني    تشيلسي يرسل كشافة لمراقبة جناح يوفنتوس التركي كينان يلديز    حتى المساء.. أمطار غزيرة على هذه المناطق في السعودية    رسوم السحب النقدي من ماكينات الATM لجميع البنوك والحد الأقصى لعمليات السحب    وفاة الإعلامي السعودي سعود العتيبي    منظومة شرطية إنسانية.. الجوازات تقدم خدماتها للحالات الطارئة بكفاءة    "معلومات الوزراء": الذكاء الاصطناعي أصبح جاهزًا لإحداث ثورة في مجال السياحة العالمية    نور النبوي يستعد لتصوير «كان يا مكان».. ويواصل صعوده نحو نجومية مختلفة    مستقبل وطن بالإسماعيلية يدعم مستشفى القصاصين التخصصي    مطروح: توزيع حقائب وكتب وزي مدرسي على 2000 من طلاب المدارس من الأولى بالرعاية    لمدة 5 ساعات.. مياه الأقصر تعلن إنقطاع المياه عن عدة مناطق بالطود اليوم    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعطيل العمل بالقسم القنصلي للسفارة المصرية بالدوحة    السيسي يؤكد أهمية تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير فرص العمل في قطاع الطاقة الجديدة    "معلومات الوزراء": توقعات بنمو متسارع لسوق الذكاء الاصطناعى بقطاع السياحة العالمى    حشود بالآلاف واشتباكات عنيفة مع الشرطة.. أكبر مسيرة لليمين المتطرف فى لندن    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيامه    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    المدير التنفيذي للأهلي يكشف كواليس قرار الخطيب بالانسحاب من الانتخابات    الهلال الأحمر يدفع ب3200 طن مساعدات إغاثية عبر قافلة زاد العزة ال36 إلى غزة    الصين تحذر الفلبين من «الاستفزاز» في بحر الصين الجنوبي    صحيفة نمساوية: بولندا باتت تدرك حقيقة قدرات الناتو بعد حادثة الطائرات المسيرة    وزير الخارجية الأمريكي يصل إلى إسرائيل    خطوات استخراج البطاقة الشخصية 2025 ب 5 طرق أبرزها عبر الإنترنت    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاني أبو أسعد: «يا طير الطاير» أعطاني الأمل ... والاحتلال إلى زوال!
نشر في نقطة ضوء يوم 06 - 02 - 2016

هاني أبو أسعد (1961) الذي يحمل في جعبته 15 فيلماً وثائقياً وروائياً بدأ اسمه بالظهور عالمياً بعد فيلم «الجنة الآن» (2005) الذي نال جائزة ال «الغولدن غلوب» وترشح للأوسكار في العام نفسه، وفيلم «عمر» (2013) الذي انتزع جائزة النقاد في تظاهرة «نظرة ما» ضمن «مهرجان كان السينمائي»، وعاد للترشح للأوسكار للمرة الثانية. ظلَّت أفلامه مثار جدل عربياً وعالمياً، وهذا ما عاد ليؤكد عليه في فيلمه الجديد «يا طير الطاير» (2015) المستلهم من سيرة الفنان الفلسطيني محمد عساف (يجسده توفيق برهوم في العمل)، ولسان حاله يقول مرحى بالجدل. «يا طير الطاير» الذي تقيم «مؤسسة التعاون لبنان» الفلسطينية (راجع الكادر) عرضه الأول الاثنين في بيروت، قبل أن يطرح الخميس المقبل في الصالات اللبنانية، قوبل بحفاوة خاصة في العديد من مهرجانات المهمة منها «مهرجان تورنتو» الذي احتضن أول عرض للفيلم في أيلول (سبتمبر) الماضي. ما زال الشريط يجول حاصداً العديد من الجوائز آخرها جائزة الجمهور في «مهرجان دبي»، حاصداً الحماس والترحيب. إلا أنّه لم يسلم أيضاً من الانتقادات، خصوصاً في بلد المخرج. انتقادات طالت تفاصيل عدة من قصة الفيلم مروراً بالممثلين والسيناريو وصولاً إلى مواقع التصوير. خروج «يا طير الطاير» إلى الصالات اللبنانية كان مناسبة للبحث عن المخرج الفلسطيني المشاكس. لكن أين سنجده الآن؟! بعثنا له رسالة إلكترونية وعثرنا على ابن الناصرة في لوس أنجلوس. حسناً، ماذا تفعل في لوس أنجلوس يا هاني؟ جاء صوته عبر السكايب واثقاً ومرحاً وبدا كأنه يأكل البوظة ليجيب «عم بشتغل» وكانت هذه الدردشة:
طارق حمدان
ما هي المقولة أو المقاربة التي أردت الإفصاح عنها في «يا طير الطاير»؟
«يا طير الطاير» أكثر فيلم يشبهني، وهو الأقرب إلى قلبي، أعطاني شعوراً بالعز والفخر والأمل، ذاك الأمل الذي يعمل الاحتلال على أن نفقده، وهنا أشعر بالمسؤولية، سينجح الاحتلال في مهمته فقط عندما نفقد الأمل، وإن فقدناه فهذا يعني أننا انتهينا. وظيفة الفنان هي ترسيخ الأمل حتى في أحلك الظروف.
هناك فلسطينيون فقدوا إيمانهم بقضيتهم وتخلوا عنها لأنهم فقدوا الأمل، نعلم ذلك جيداً. ليست لدينا دبابات وطائرات ولا دعم عربي وعالمي، لدينا شعب عنيد ما زال يحافظ على هويته ويطالب بحقوقه. هذا الفيلم يصب في هذا الإيمان، والإنتاج الفني والثقافي هو الأداة المهمة لترسيخ وتعزيز هذا الإيمان. في فيلمي، أردت أن أعطي الأمل والإلهام من ناحية، وأعطي شعوب العالم شعوراً بالتماثل مع فلسطين والفلسطينيين من ناحية أخرى، هنا تتلخص مقولة الفيلم.
عند انطلاق عروض الفيلم في فلسطين، خرجت انتقادات كثيرة حول تفاصيله، كيف تلقيت تلك الانتقادات؟
هذا أمر طبيعي، أحترم جميع الآراء التي تنتقد الفيلم. لكل فرد وجهة نظر وذوق فني معيَّن، وله الحق في أن يقيّم وينتقد. قلما نجد إجماعاً كاملاً على فيلم أو عمل فني ما. هناك دوماً تفاوت بين من هو معجب ومن يرى العكس. حتى الآن وحسب غالبية ردود الفعل العامة التي تلقيتها أو اطلعت عليها، فهي ايجابية جداً.
هناك العديد من الفنانين الفلسطينيين الذين يملكون قصصاً مؤثرة تضاهي قصة محمد عساف، منهم من رحل، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة، لماذا عساف تحديداً؟
بالتأكيد هناك قصص مثيرة أكثر، لكن بصراحة شديدة قصة عساف في هذا الوقت قصة جماهيرية وممتازة لترويجها عالمياً. أحد أهدافنا هو الوصول إلى أكبر عدد من الجماهير في العالم العربي وخارجه. أنا لست كاتب تاريخ ولا أوثق لشخصيات، أنا أحكي قصة ساعدت الظروف أن تخرج في «يا طير الطاير»، هذا الأمر لا يعني أبداً التقليل من أهمية الكثير من الأسماء الفلسطينية الفنية التي تعلَّمنا منها وحفرت في ذاكرتنا ووجداننا.
هل أنت راض عن تجربة «ياطير الطاير»؟
إلى حد بعيد، هو أكثر فيلم خرجت منه بشعور كبير بالرضى. في فيلمي «الجنة الآن» و«عمر»، كان هناك الكثير من المشاكل والصعوبات؛ التي كان من شأنها أحياناً تعريض المشروع للانهيار، بل حتى تعريض حياتنا للخطر. تلك الأفلام لم تكن سلسة ولم أخرج منها سعيداً، ولدي ملاحظات كثيرة حولها. أما «يا طير الطاير»، فأعطاني شعوراً مختلفاً وأثَّر بي. فيلم يخاطب المشاعر ويحمل جماليات عالية متعلقة بفلسطين وشعبها وغزة المحاصرة. عندما تمر الشعوب في أوقات صعبة وهذا ما تمر به فلسطين، على الفنان أن يحوّل المأساة إلى مواساة ببعدها الإيجابي طبعاً. الفنان يخفف من وطأة الحياة القاسية ويسهم في المقاومة والاستمرار. في فلسطين، ليس بإمكاننا التعامل مع الفن كما يتم التعامل معه في أوروبا مثلاً، ونحن نمر بمرحلة تتطلب من الفنان أن يلعب دوراً مختلفاً.
أفلامك ليست نخبوية، لا تتوجه إلى النخبة بقدر توجهها إلى الجماهير وجميع الشرائح، هذا دفع بعضهم إلى وصفها بالتجارية، ما تعليقك؟
ما يهمني أكثر من موضوع النخب والنخبوية أن يكون هناك تقارب بين أفلامي والجمهور العادي. بعيداً عن الادعاء، أرى أن النخب التي تتعاطى السينما بحرفية في العالم تعجبها أفلامي. أفلامي قد تكون نخبوية أيضاً، فأنا أحاول أن أعمل على السهل الممتنع. يجب أن تكون السينما جماهيرية، وأن لا نترك الجمهور ل «وولت ديزني» وغيرها من الشركات الكبرى التي خلقت ذوقاً فاسداً، ونحن بدورنا كمخرجين وصنّاع أفلام، ليس مناسباً أن نستعلي على الجمهور وندّعي أن هذه ليست مشكلتنا بل مشكلة الجمهور وذوقه الفاسد وثقافته المتدنية. هناك من يفكر أنه إذا كانت الأفلام جماهيرية فهي هابطة، وأنا أرى عكس ذلك تماماً، هناك الكثير من الأفلام التي قد يعتبرها بعضهم نخبوية هي جماهيرية أيضاً، والتجاري بالنسبة لي لا يعني مطلقاً العوائد المادية ولا يعني أن يكون هابطاً أو سلبياً. كي تكون مؤثراً وكي توصل قصتك، يجب أن تكون مشاهداً من قبل الجماهير لا النُخب. بالنسبة لي، أنا أعتمد على القصة البسيطة المتماسكة التي يسهل على الجميع فهمها سواء في فلسطين أو في ألاسكا أو في الصين، وهذا ما ينطبق على معظم أفلامي. نحن نحارب أعداءنا بالجماليات، عدونا يريد لنا أن نفقد الثقة بأنفسنا وبقضيتنا، فلتكن تجارة نربح منها الوقوف في وجه الاحتلال.
أفلامك تنهل من الواقع الفلسطيني دائماً، ألا يوجد مكان للفانتازيا الخارجة عن الواقع الفلسطيني في أفلام أبو أسعد، وإلى أي مدى أثر الاحتلال على السينما الفلسطينية، هل ممكن أن نحلم بفيلم فلسطيني بدون احتلال؟
- نحن نعيش تحت احتلال همجي، وللأسف هذه البيئة التي وجدنا أنفسنا فيها. الفنان لديه نوع من الصلة الوثيقة الخاصة بينه وبين مجتمعه ومحيطه، وهو انعكاس لهذا المجتمع وتلك البيئة. بالرغم من هذا، فإن الاحتلال يظهر دائماً في أفلامي كديكور وكخلفية وليس كعنصر رئيسي. الاحتلال سيزول، أنا واثق من ذلك، والتاريخ يثبت أنه كلما كبر الظلم، قصر عمره، حتى لو لم نتمكن من هزيمته، فإنه سيزول عاجلاً أم آجلاً، وأريد لأفلامي أن تبقى بعد زوال هذا الاحتلال، ولهذا لن يكون أبداً في واجهة أفلامي.
قلت في إحدى مقابلاتك أنك في شبابك كنت تنوي الالتحاق بالتنظيمات الفلسطينية ولم تتمكن، هل كانت السينما بمثابة عزاء؟
في مرحلة الشباب كان لدي شغف كبير بأن أكون جزءاً من حركة التحرر الوطني. الظلم كان مسلطاً علينا جميعاً في كل المناطق الفلسطينية. وقتها، كان هناك خيار أن تكون جزءاً من حركة التحرر أو أن لا تكترث إطلاقاً. في أواخر الستينات، كان هنالك أمل في منظمة التحرير والكفاح المسلح. حاولت الانتساب إلى منظمة التحرير ولم أتمكن من الذهاب إلى بيروت أو الالتحاق بهم لأسباب عديدة. في حصار بيروت كان واضحاً أن الكفاح المسلح قد انتهى دوره، وأذكر اللحظات الأولى بعد قراءة قصيدة «مديح الظل العالي» لمحمود درويش. كيف تمكن هذا الشاعر من تحويل المأساة إلى جماليات والضعف إلى قوة. عرفت أن هذه القصيدة ستحفر في التاريخ وستبقى محافظة على شعلة أمل للفلسطينيين ولكل أحرار العالم، وتلك القصيدة هي ما دفعني إلى التوجه إلى الفن. محمود درويش وكثير من القامات الفلسطينية الكبيرة كناجي العلي، ومعين بسيسو، وغسان كنفاني وغيرهم نبهوني إلى أن الفن هو سلاح لا يستهان به، وأحياناً هو أقوى وفعال أكثر من السلاح التقليدي. بعد حصار بيروت، كان هناك جيل فلسطيني حوّل المأساة إلى جماليات بإمكاننا أن نحارب ونقاوم بها. الآن ورغم صعوبة الأوضاع في فلسطين، إلا أنني مؤمن بأن الاحتلال والظلم سيزولان قريباً. مع أنّ القضية الفلسطينية لم تعد مركزية لا للعالم العربي ولا للعالم بأسره، إلا أنها تتقدم بشكل واثق وتقف في وجه المشروع الصهيوني. قد يكون الكفاح المسلح بشكله التقليدي قد انتهى، لكننا ما زلنا نحارب بالجماليات وبكل ما تيسر لنا، نحن في موضع قوة نرى ذلك على الأرض كل يوم. ما يحبطني ويخيفني في الوقت الراهن هو وضع العالم العربي الذي ننظر إليه ونضرب جبهاتنا بأكفنا. فلسطين هي جزء من العالم العربي وما يجري محبط جداً ليس فقط للقضية الفلسطينية، ولكن على الصعيد الشخصي كفرد يحلم ببلاد عربية يسودها الاستقرار والأمان والازدهار. للأسف، ليس سهلاً إزاحة التخلف الذي بناه الحكام العرب على مدار عشرات السنين، ونحن ندفع الآن فاتورة التخلف والجهل الذي تراكم.
السينما العربية تعتمد بشكل أساسي على الصناديق المانحة والمانحين في غياب شبه كامل لشركات الإنتاج القادرة على صناعة أفلام جيدة، إلى أي مدى يؤثر هذا الأمر على صناعة السينما العربية؟
هناك ما هو إيجابي وما هو سلبي في الموضوع. السلبي أن المؤسسات المانحة ومعظمها أوروبية غالباً ما تكون لديها أجندات وتوجهات معينة تفرضها على العمل. لكن هناك دائماً إمكانية للمراوغة والمناورة بحيث لا ترضخ إلى الأجندات وتحافظ على المقولة التي تريد أن تعبّر عنها. هناك الآن صناديق عربية ظهرت في السنوات الأخيرة ولكنها متواضعة وغير كافية. وفي هذا السياق، فإن الحكومات العربية والقائمين عليها للأسف هم أبعد ما يكون عن الثقافة والفن، ويتعاملون معها كأشياء ثانوية من المنطقي الاستغناء عنها. وهذه مشكلة كبيرة في النخب السياسية والإدارية العربية، هذه المشكلة مثلاً لم تكن في أوروبا حتى في عصورها الوسطى، إذ كان الحاكم المتسلط يتعاطى الفنون ويعتبرها من الحاجات الأساسية له على الأقل. بالتأكيد غياب شركات سينمائية محترفة يدفع صناع السينما إلى الاتجاه للمؤسسات المانحة، وهذا له تبعاته، نتمنى أن تختلف الصورة ولكن حالياً لا يوجد هناك أي مبشرات.
العام الماضي كان عاماً سينمائياً فلسطينياً بامتياز، ظهرت العديد من التجارب الجديدة والواعدة، ونالت أفلامها اهتماماً عالمياً، كيف تنظر إلى هذه التجارب الجديدة؟
حال السينما الفلسطينية يدفعني إلى البهجة، فهي تتطور بشكل سريع وملحوظ، وبالفعل هناك دائماً مفاجآت.عندما بدأت العمل السينمائي قبل 25 عاماً، كان هنالك أربعة مخرجين فقط، والآن الوضع تغير، وهذا ما لمسته في أفلامي الأخيرة. على سبيل المثال، ففيلم «يا طير الطاير» ليس مخرجه فقط فلسطينياً، بل جميع الطاقم، التصوير وفريق الإنتاج والتصميم والصوت... هناك تطور مهم جداً، وهذا لا يتعلق فقط بالمخرجين بل بكل تفاصيل صناعة السينما، وهناك أسماء جديدة لافتة ومبهرة، منهم عامر شوملي ومؤيد عليّان واسكندر قبطي وغيرهم الكثير، الجو سينمائياً مشجع جداً.
ما هو الفيلم الذي يحلم به هاني أبو أسعد؟
هنالك الكثير من القصص التي أحلم بها، منها فيلم عن انطلاقة الثورة الفلسطينية، وفيلم عن نشأة الإسلام. آمل أن يأتي اليوم الذي سيسمح لي بالعمل عليها.
ما هو أكثر نقد سمعته أغضبك أو أضحك؟
«هاني أبو أسعد يستغل القضية الفلسطينية للنجاح الشخصي». هذا يدل على عدم وعي أو عدم تجربة. وفي هذه المناسبة أود القول إن من يبحث عن النجاح العالمي، عليه أن يبتعد عن القضية الفلسطينية. بالنسبة إلي، هذا خيار وجودي نابع من هويتي وقضيتي والظلم الذي تعرضنا له كفلسطينيين. وصلتُ إلى أكبر استوديوهات العالم التي من الممكن أن تستقبلني بترحيب للعمل معها، وعُرضت عليَّ أشياء كثيرة تتيح لي صنع ثروات وأمجاد شرط أن أبتعد عن إسرائيل، بكل هذه الصراحة كانت تقدم لي العروض. بالمجمل أكيد أن هناك من يدعمني لأني فلسطيني، وهناك من يحاربني أيضاً لأني فلسطيني، ولو أردت البحث عن نجاح شخصي محض، لكنت تركت قضيتي منذ زمن بعيد.
هل أنت راض عن تناول الصحافة العربية للسينما ولأعمالك تحديداً، هل هناك نقد سينمائي محترف؟
للأسف حال الصحافة العربية لا يشجع، هناك ضعف شديد، وليست هناك صحافة سينمائية محترفة، بالتأكيد نجد بعض الكتاب والنقاد الذين يكتبون عن السينما بشكل جيد، لكنهم قلَّة، وهذه مشكلة كبيرة نسبة إلى عدد الصحف العربية أو عدد سكان العالم العربي.
ماذا بعد «يا طير الطاير»؟
هناك مشاريع وأفكار كثيرة بدأت بأحدها، ولكن أفضِّل في الوقت الحالي عدم الكشف عنه إلى أن يختمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.