دراما السيرة الذاتية قادت كتابها ومنتجيها إلي المحاكم ، حيث ينظر القضاء المصري حاليا قضيتين لمسلسلين ينتميان إلي فن السير الذاتية ، أحدهما يتناول مسيرة الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" والآخر عن الفنانة الراحلة "ليلي مراد" فلم ينفرد أقارب "السادات" و"ليلي مراد" فقد سبقهما كثيرون السؤال هل أصبح الأبناء والورثة رقباء علي الإبداع؟ وما حقوق الكاتب "المبدع"؟ وأين يبدأ حق الورثة وأين ينتهي؟ وما الضوابط والمحظورات عند تناول السير الذاتية؟ أسئلة عديدة نطرحها لنصل إلي الإجابة وهل من حق "المبدع" الحذف أو الإضافة لاعتبارات درامية أو سينمائية؟ في السطور التالية الإجابة.. السيدة "رقية محمد أنور السادات" ابنة الرئيس المصري الراحل تطالب في دعواها القضائية ضد المنتج "يسري عكاشة" والكاتب "أنيس الدغيدي" بوقف إنتاج مسلسل عن حياة والدها، مؤكدة أن كاتب المسلسل لم يحصل علي موافقة أو إذن كتابي ولا شفهي منها ولا من أي فرد من أسرة وورثة الرئيس "السادات". وقالت: إن تناول سيرة حياة الرئيس "السادات" لا يوضع تحت بند أنه شخصية عامة ملك للعامة، فهو شخصية تاريخية وعالمية، ومن هنا لابد من تحري الدقة في المعلومة والمشاهد التي يطرحها أي عمل درامي تتعرض لمسيرة الرئيس الراحل. واستندت "رقية" إلي واقعة سابقة متعلقة بمسلسل درامي عن حياة الشيخ "زكريا أحمد" للكاتبة "جيلان حمزة"، وبعد أن بدأ تصويره بالفعل، ورغم موافقة بعض الأبناء، فإن الابنة الكبري للشيخ "زكريا" استطاعت أن توقف تصوير المسلسل لأنها لم توافق علي السيناريو. ولم يتوقف شرط السيدة "رقية السادات" علي قراءة السيناريو والموافقة عليه فقط، بل أضافت "وحتي بعد الموافقة علي السيناريو والحوار لابد من متابعة العمل الدرامي سواء مسلسلا أو فيلما أثناء تصويره للتأكد من خلو أي مشهد مما قد يشوه شخصية تاريخية عالمية كالسادات، والذي قد يبرره الكاتب بحرية الإبداع." ووصفت الأمر بأنه خطير، مشيرة إلي أن هذه النوعية من المسلسلات الدرامية أصبحت مصدرا للمعلومات، كالمسلسلات الدينية والتاريخية، والتي تتخذها هي شخصيا مصدرا لاستقاء معلومة ما. وأكدت ضرورة أن يكون الكاتب محايدا تماما عند تناوله لمسيرة الرئيس "السادات"، مؤكدة أن الإبداع مسموح به لكن بدون تشويه للشخصية أو تأويل المواقف حسب ميول واتجاهات الكاتب وما يؤمن به. وقالت: إنه عند تناول مثل هذه الشخصية التاريخية العالمية سيتم التعرض لجانبين الأول تاريخي موثق يحمل مواقف سياسية هي المحور الرئيسي لمسيرة "السادات"، وهنا علي الكاتب أن يعرض الموقف بحيادية دون أن يفرض رأيه، فيجب أن يكون أمينا ولا يحور الحدث إيجابيا أو سلبيا، خاصة وأن معظمها مواقف موثقة ومعروفة لدي الجميع، أما بعض المواقف السياسية التي قد لا يعرفها أحد إلا المقربين فلابد أن يدقق الكاتب معلوماته عنها بالرجوع إلي المحيطين بالرئيس سياسيا وتاريخيا حتي يخرج العمل بمصداقية. أما الجانب الآخر الذي سيتعرض له المسلسل حتما فهو الحياة الشخصية للرئيس "السادات"، وبالتأكيد ستتدخل هنا الحبكة الدرامية للعمل، وبالتالي علي الكاتب أيضا أن يستقي معلوماته بشأن حياة الرئيس الخاصة من عائلته وورثته كي يحافظ علي العمل الدرامي متكاملا. ونفت "رقية السادات" أن يكون الهدف من رفع الدعوي القضائية هو الحصول علي الحق المادي من القائمين علي العمل الدرامي، مؤكدة أن الحقوق التاريخية لشخصية والدها التي شكلت وأثرت في وجدان أجيال ولم يتكرر مثلها هي السبب الرئيسي وراء القضية. وقالت: "ما يهمنا هي الحقوق التاريخية وآخر حاجة نتكلم فيها هي الحقوق المادية." فحياة الرئيس الراحل مليئة بالأحداث السياسية الموثقة والمغالطة فيها جرم. لكن نفس الكاتب "أنيس الدغيدي" - الخصم في القضية - سبق له أن نشر كتابا وطرح في الأسواق بعنوان (هؤلاء قتلوا السادات) لكنه لم يثر مثل هذه الضجة والدعاوي القضائية كما حدث تجاه الإعلان عن تقديم مسلسل درامي عن حياة "السادات"، الأمر الذي أجابت عنه السيدة "رقية" بأن الكتاب وجهة نظر شخص لا يفرضها إلا علي من يشتري كتابه بإرادته، أما العمل الدرامي فهو مؤثر وسيشاهده الجميع، إذا كان مسلسلا سيدخل البيوت، وحتي لو كان فيلما يتطلب مجهودا ورغبة شخصية لمن يدفع ثمن تذكرة السينما ويذهب إلي الفيلم بنفسه لمشاهدته لكنه بعد ذلك سيعرض علي شاشة التليفزيون أيضا، وبالتالي سيدخل العمل بيوت الجميع حتما، لذا يجب تحري الدقة فيما سيطرحه العمل الدرامي. وقالت إنها لم تقرأ الكتاب رغم أن "الدغيدي" أرسل لها نسخة منه. من جهة أخري، أعلنت "رقية السادات" رفضها لأن يقوم بإخراج المسلسل مخرج سوري، واصفة ذلك بأنه أمر غير منطقي. وتساءلت "كيف يخرج سوري عملا عن "السادات"؟!، ولماذا لا يقوم مخرج مصري بإخراج مسلسل عن حافظ الأسد؟! وكما يقول المثل كل واحد أولي بلحمه." وقالت: "لن نوافق علي أن تقدم مسيرة السادات أي دولة غير محايدة، يعني بصراحة كدة لا إيران ولا سوريا". وأضافت "إيران قدمت فيلم (إعدام فرعون)، وسوريا بدلا من أن تحرر الجولان تخبط في السادات -علي حد تعبيرها - رغم أن الزمن أثبت أن الزعيم الراحل "السادات" كان علي صواب.