أكد الباحث الأثري تامر المنشاوي أن حي "مصر الجديدة" من أرقى ضواحي القاهرة الكبرى التي أسسها البلجيكي البارون إمبان صاحب قصر (البارون) الأثري، والذي حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على افتتاحه مع مشروعات تطوير شرق القاهرة اليوم بعد انتهاء مشروع ترميمه وتحويله لمعرض أثري يحكي تاريخ حي مصر الجديدة ومظاهر ونمط الحياة في تلك الفترة الزمنية المميزة. وقال المنشاوي، لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم إن افتتاح قصر البارون، يأتي مواكبة لمرور 115 عامًا على إنشاء حي مصر الجديدة الذي يرجع إلى 23 مايو عام 1905، وهو اليوم الذي تم فيه توقيع عقد إنشاء شركة تحت اسم .واحات عين شمس والمعروفة الآن باسم شركة مصر الجديدة. وأضاف أن الهدف الرئيسي كان إنشاء خط سكة حديد وخطوط ترام لربط منطقة وسط القاهرة بالمدينة الجديدة في مقابل بناء حي جديد على مساحة 25 كم مربع، وأطلق عليه (هليوبوليس)، وهو اسم يوناني أطلقه اليونانيون على مدينة (أون) المصرية القديمة، التي تعني مدينة الشمس، وكانت تجمع حيي المطرية وعين شمس المتاخمين لمصر الجديدة. وأوضح أن البارون إمبان أسس حي مصر الجديدة، بمساعدة بعض الشركاء المصريين، وكان بمثابة ملتقى لمختلف الأعراق والأجناس والأديان، وحرصوا على اختيار مجموعة متميزة من المهندسين والمعماريين من مختلف الجنسيات لتصميم وبناء الحي مما أعطى له طابعًا متميزًا ونمط حياة الحضارة الأوروبية الحديثة، بداية من تصميم الطرق والشوارع والمباني ذات التصميمات المميزة، والحدائق الكثيرة والمساحات المفتوحة. وكشف الأثري تامر المنشاوي عن أبرز ما يميز حي مصر الجديدة العريق، حيث يقع في موقع قريب من المنطقة الأثرية القديمة وهي اون القديمة بالمطرية والتي تضم مسلة الملك سنوسرت الأول وعددًا من التماثيل واللوحات والنقوش والأعمدة التي تعود للحضارة المصرية القديمة وعثر في منطقة سوق الخميس على تمثال الملك بسماتيك الأول والمحفوظ بالمتحف المصري بالتحرير. وأشار إلى أن حي مصر الجديدة به عدد من القصور التاريخية المهمة في مقدمتها (قصر البارون إمبان) مؤسس مصر الجديدة والذي حضر افتتاحه عام 1911 السلطان حسين كامل، كما يضم الحي (قصر بوغوص نوبار باشا) رئيس وزراء مصر الأسبق والشريك الأول للبارون إمبان في تأسيس حي هليوبولس ويقع بالقرب من قصر البارون إمبان. وتابع قائلًا إنه يوجد في مواجهة قصر البارون، قصر( السلطانة ملك) زوجة السلطان حسين كامل، وقام البارون إمبان بتقديمه كهدية له، وتقوم حاليًا وزارة السياحة والآثار بمشروع لترميمه حيث يتميز بالطابع الإسلامي والأوروبي. وأوضح أن ما يميز حي مصر الجديدة ( قصر الاتحادية)، فهو من أشهر القصور في مصر، كونه مقر القصر الجمهوري، وكان في السابق فندقًا قام بتصميمه ألكسندر مارسيل وقام بشئون الديكور جورج أوي كلود وتم إنشاؤه عام 1906 وافتتاحه عام 1910، لافتًا إلى أنه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات خلال عام 1972 تحول القصر إلى مقر اتحاد الجمهوريات والذي كان يضم (مصر وسوريا وليبيا)، ومن هنا أطلق عليه اسم قصر الاتحادية، وفي عهد الرئيس الراحل حسني مبارك تحول القصر إلى مقر لرئاسة الجمهورية ولاستقبال رؤساء وملوك وزعماء العالم. وقال إن حي مصر الجديدة يضم كذلك ( قصر الفريد شماس)، وهو تاجر من أصول شامية وعاش في مصر، وأقامت فيه الملكة فريدة ولقد اختار الملك فاروق هذا القصر لكي تستقر فيه حتى موعد الزفاف، وفي 20 يناير 1938 أقيمت فيه حفل الزفاف الملكية بين الملك فاروق والملكة فريدة. وأكد أن مصر الجديدة تضم مجمعًا للأديان متكاملًا (مساجد وكنائس أثرية ومعبد يهودي) تدل جميعها على التسامح السمة الأساسية للمصريين، حيث يوجد بها (مسجد عباس) في ميدان الجامع، وهو أول مسجد في حي مصر الجديدة تم افتتاحه عام 1911 ويطلق عليه حاليا اسم( مسجد جمال الدين الأفغاني)، كما يوجد (مسجد حفيظة الالفي) ثاني مسجد في مصر الجديد الذي تم إنشاؤه عام 1930 وهو مسجد السيدة حفيظة رستم حلمي الألفي حرم يوسف بك نجيب ويقع في شارع بيروت. وأضاف أنه يوجد (مسجد السلطان حسين كامل) بالقرب من قصر السلطانة ملك وتم تغيير اسمه إلى (مسجد الثورة) ،و يحتوي بداخله علي منبر يحمل اسم الملك أحمد فؤاد الأول. وبالنسبة للكنائس الأثرية، أشار إلى أن أشهر تلك الكنائس (كنيسة البازليك)، التي قام بإنشائها مؤسس مصر الجديدة البارون إمبان، وهو مدفون داخل قبو أسفلها في 17 فبراير عام 1930، وتعتبر من أشهر المعالم التاريخية و التراثية في منطقة هليوبوليس،كما يوجد ( كنيسة مارمرقس) الواقعة في شارع كليوباترا ، والتي تم وضع حجر أساسها عام 1922. وأما عن المعبد اليهودي في مصر الجديدة، قال إنه يوجد في شارع المسلة ويطلق عليه اسم (معبد فيتالي ماجار) وتم بناؤه عام 1927، ولذلك تعد مصر الجديدة مجمعًا تراثيًّا يضم ثلاثة أديان سماوية تعبر عن عظمة التسامح والتعايش في هذه المنطقة التاريخية. وعن أشهر الأماكن التراثية بمصر الجديدة، أوضح الأثري تامر المنشاوي أن مبنى سباق الخيول والذي يطلق عليه حاليًا (غرناطة)، قام بتأسيسه البارون إمبان عام 1905 في حي مصر الجديدة ويعتبر من الأماكن التاريخية والتراثية، التي شيدت مبانيها على الطراز الأندلسي حيث كان يجلس الملك فاروق مع الوفود المختلفة من الزوار داخل البرج و مدرجات المبنى لمتابعة سباقات الخيول. وأشار إلى أن مصر الجديدة تضم عددًا من الميادين المهمة منها (ميدان الكوربة) بشكله المثلث وويرجع تسمية الميدان بهذا الاسم .لا كوربيه إلى استدارة الشارع على غير عادة الشوارع فى ذلك الوقت والكلمة تعني بالإيطالية الإنحناءة أو القوس حيث كان الترام يأخذ إنحناءة أو دوران في هذا المكان في رحلة عودته قادمًا من شارع فؤاد الأول (وسط البلد) فكان (الكمساري) البلجيكي الجنسية ينادي بكلمة (الكورب) فصارت اسما للمكان. وتابع أن (ميدان روكسي) يعد كذلك من أهم المعالم التراثية في مصر الجديدة و يحتوي على البواكي والمباني التراثية التي تعود للعمارة الفنية الإسلامية المغربية الهندية وكان يمر الترام من شارع بغداد بهذه المنطقة قادمًا إلى منطقة روكسي. ولفت إلى (شارع الأهرام) الشهير بمصر الجديدة، حيث كان المارة وسكان الشارع يستطيعون منه مشاهدة الأهرامات الأثرية بالجيزة وذلك قبل إنشاء المباني العالية، لذلك أطلق عليه شارع الأهرام، كما يضم حي مصر الجديدة ميدان الجامع و ميدان الإسماعلية اللذين يضمان عددًا من المباني التراثية التاريخية التي تدل على عظمة هذا الحي العريق.