عن عمر يناهز ال 74 عامًا وبعد مسيرة إبداعية دامت لنصف قرن، رحل عن عالمنا أمس عبقري المسرح المصري لينين الرملي، وذلك بعد إصابته بجلطة أدخلته في غيبوبة أودع على إثرها مستشفى 6 أكتوبر إلى أن وافته المنية هناك، حسبما ذكرت فاطمة المعدول، زوجة الراحل. تميّز الرملي منذ بداية مسيرته الإبداعية بتناوله للقضايا السياسيّة والفكريّة والاجتماعيّة بحسّ ساخر مرير ممَّا جعل أعماله خالدة في أذهان الجمهور، حيث بدأت موهبته الكتابية في سن مبكر، فكتب أول قصة قصيرة له في عام 1956، وأول قصة منشورة في كتاب عام 1958 وهو في الثالثة عشر من عمره، ثم كتب في مجلتي صباح الخير وروز اليوسف، بالإضافة إلى مقالاته النقدية الساخرة التي كتبها في صحيفة العمال تحت عنوان "أدب وقلة أدب". ولم يكن الرملي عَلمًا في عالم الأدب فقط، لكن ترك بصمته في عالم الفن أيضًا، وذلك من خلال أكثر من 60 عملاً فنيًّا ما بين السينما والمسرح والتلفزيون، وأثناء هذه المسيرة الفنية حرص على أن ينأي بنفسه عن الحديث في السياسة أو الاستغراق في إبداء رأيه السياسي، إذ كان يؤمن أن الفن هو موهبته ووظيفته الحقيقية التي تستطيع أن تجعل له شخصية منفردة. وشكّل الراحل مع الفنان محمد صبحي أحد أنجح الثنائيات الفنية، فقدَّما معًا للمسرح العربي عددًا من أبرز العروض في النصف الثاني من القرن العشرين، منها "أنت حر"، "الهمجي"، "تخاريف"، "وجهة نظر"، "انتهى الدرس يا غبي"، "سكة السلامة". ومن روائعه المسرحية الأخرى، "سك على بناتك" مع الفنان فؤاد المهندس، فضلًا عن "أهلا يا بكوات"، "عفريت لكل مواطن"، "الحادثة". وعلى صعيد السينما، قدّم نحو 12 فيلمًا، لعل أبرزهم فيلم "البداية" مع المخرج صلاح أبو سيف الذي آمن بموهبة لينين وكان بينهما مشروع "النعامة والطاووس" فاعترضت الرقابة عليه، ثم رحل أبو سيف ووافقت الرقابة، فأخرجه ابنه محمد أبو سيف. كما قدّم "الرجل الذي عطس"، "محامي تحت التمرين"، "العميل 13"، وخلال فترة التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة شكّل مع الفنان عادل إمام ثنائي آخر ناجح، أثمر عن "الإرهابي"، "بخيت وعديلة"، "هاللو أمريكا". ولم يفُته أن يترك للتليفزيون نصيبًا من إبداعاته، فساهم ب "هند والدكتور نعمان" و"حكاية ميزو" و"مبروك جالك ولد". أمّا آخر أعماله، فكانت مسرحية "اضحك لما تموت" التي قدّمها مع المخرج عصام السيد عام 2018 على المسرح القومي، بطولة النجمين محمود الجندي ونبيل الحلفاوي، والتي استوحى الرملي قصتها من معايشته لثورة 25 يناير، حيث تتناول العلاقة بين جيل الآباء وجيل يناير مُظهرة التباين والفارق الكبير بين فكرهما وقناعاتهما وموقفهما من الثورة التي أحبها كلاهما ولكن كلٌّ على طريقته. وحصد الرملي خلال مشواره الحافل العديد من الجوائز، منها جائزة الأمير الهولندى كلاوس ضمن عشرة فائزين على مستوى العالم، ثم حصل بعد ذلك على جائزة الدولة التقديرية في مصر. وُلد لينين فتحي عبدالله فكري الرملي في 18 أغسطس عام 1945 بمحافظة القاهرة، واهتم منذ صغره بالانفتاح والاطلاع على العديد من الأعمال العالمية ممَّا أثرى كتاباته الأولى، وتخرَّج في معهد الفنون المسرحية، بعد حصوله على بكالوريوس النقد الأدبي. وعن اسمه الذي تسبب له في العديد من المشاكل، على حدّ قوله، أوضح لينين في تصريحات له قبل رحيله، أن والده هو الذي أطلق عليه هذا الاسم لإعجابه بالزعيم الشيوعي فلاديمير لينين، حيث أن والديه كانا ينتميان إلى الحركة الشيوعية ويؤمنان بأفكارها.