قضايا التعليم كثيرة ومتلاحقة للغاية، وهذا الأسبوع برز علي السطح عدة قضايا منها عام الفراغ وكيفية معالجته، كما برز أيضا مشروع الثانوية العامة الجديد، كذلك أزمة العام الدراسي وامتحانات آخر العام أما في الجامعات فبرز ما يحدث في جامعة حلوان وانتخابات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات وزيادة الدخول المعروف ببدل الجودة ولذلك سوف اختار قضية واحدة فقط من كل هذه العناوين الكثيرة لكي نسلط عليها الضوء ليس لأنها الأكثر أهمية ولكن لأنها المناسبة للتوقيت المحلي وهي امتحانات آخر العام الدراسي والمواعيد التي تم تحديدها للانتهاء منها. في أغسطس من العام الماضي اجتمع المجلس الأعلي للتعليم قبل الجامعي وخرج علينا ببيان يوضح فيه مواعيد بدء الدراسة وعدد أيامها ومواعيد الإجازات الرسمية ومواعيد انتهاء العام الدراسي أيضا، وكتبنا في ذلك الوقت أن المواعيد التي تم اتخاذ القرار بشأنها لا تمثل الحد الأدني لأن يكون لدينا عام دراسي حقيقي في مصر ورفضت وزارة التربية والتعليم في ذلك الوقت المطلب الجماهيري والضغط الشعبي للمطالبة بتأخير بداية العام الدراسي أسبوعا واحدا فقط لتزامنه مع شهر رمضان وعيد الفطر مما يمثل عبئا وضغطا اقتصاديا علي الأسرة المصرية ورفعت الوزارة شعار "كلمتي لا ممكن تنزل أبدا" العبارة التي اشتهر بها الفنان الراحل عبدالفتاح القصري في رائعته فيلم "ابن حميدو". ولكن المفاجأة الحقيقية حدثت خلال الأيام الماضية، حيث أعلنت أغلبية المحافظات ومديريات التربية والتعليم مواعيد امتحانات نهاية العام الدراسي وحددت بعضها أول مايو كما حدث في سوهاج وحدد البعض الآخر نهاية الأسبوع الأول من مايو كما حدث في 6 أكتوبر والجيزة وغيرهما من المحافظات ليصبح العام الدراسي لدينا "وبقدرة قادر" لا تتجاوز مدته مع درجات الرأفة 170 يوما أي خمسة أشهر ونصف الشهر فقط لا غير. وحتي لا يتهمنا أحد من الوزارة "كالعادة" بالافتراء فنحن نهديهم فقط آلة حاسبة صغيرة من المقررة علي طلاب الابتدائي حتي يحسبوا مدة العام الدراسي "مشفي" وأيام الأسبوع موجودة لم تتغير من الأزل وكذلك شهور السنة أيضا سنجد أن الترم الثاني الذي بدأ في نصف فبراير وينتهي بنهاية أبريل الحالي قد وصلت عدد أيام الدراسة فيه إلي 55 يوما فقط بعد خصم أيام الإجازات الرسمية وكذلك أيام الجمع والسبت إجازة في أغلب المحافظات، أما الترم الأول فقد كان أحسن حالا قليلا حيث وصل عدد أيام الدراسة به مع التجاوز إلي ما يقرب من 90 يوما فقط لا غير أي بإجمالي يقترب من 150 يوما فقط هذا لكل صفوف النقل الدراسية بدءا من الصف الأول حتي الأول الثانوي، ونرجو من السادة المسئولين ألا يقولوا إن العام الدراسي ممتد حتي يونيو علي أساس احتساب مواعيد شهادة الثانوية العامة لأن الواقع الفعلي الذي يعيشه الطلاب والمدرسون يقول إن طلاب الشهادات الابتدائية والإعدادية وحتي الدبلوم الفني والثانوية العامة عدد أيام الدراسة بها لم يتجاوز 180 يوما أي 6 أشهر في العام وهؤلاء عددهم يصل إلي ما يقرب من 2 مليون تلميذ فقط من إجمالي 16 مليون طالب في مختلف السنوات بالتأكيد لن نتحدث عن المناهج الدراسية وكيف يتم تدريسها خلال 150 يوما أو تطبيق نظام التقويم الشامل فيها وممارسة الأنشطة إلي غيره من العبارات الرنانة ولكن نتساءل فقط عن أين هي معايير الجودة التي تخصص لها الملايين لتطبيقها بالمدارس وأليس أحد معايير الجودة هي مدة العام الدراسي نفسه، فكيف ستحصل مدارسنا إذن علي شهادة الأيزو ب 150 يوما تعليما فقط "بالمناسبة" داخل هذه النسبة أيضا أيام الامتحانات وغيرها الذي يتضمن النظام المدرسي، وأين هيئة الجودة من كل ما يحدث، لماذا لم نسمع لها صوتا حول هذه القضية؟ وحتي لا نبتعد كثيرا سوف أدل المسئولين علي عدد من المدارس الأجنبية الدولية التي تمنحها الوزارة تراخيص العمل وأقول لهم إن هذه المدارس يبدأ العام الدراسي بها في أول سبتمبر وينتهي بنهاية يونيو من كل عام أي أن لدينا طلابا يحملون الجنسية المصرية يدرسون ما يزيد علي 220 يوما في السنة "بعد خصم الإجازات" وهذا يعني أن لدينا طلابا رغم قلة عددهم يتحصلون علي تعليم حقيقي وعام دراسي حقيقي أيضا. ومن المفارقات أننا نتحدث عن زيادة نسب التسرب من التعليم ووجود أمية وصلت إلي نسبة 27% من تعداد الشعب المصري، فهل علمنا الآن لماذا يحدث تسرب من التعليم؟ حالها ولماذا لم تختف الأمية من حياتنا لأن تعليم "خمسة أشهر في السنة" ليس له فائدة ونلمسه يوميا في حياتنا. "ورحم الله الفنان عبدالفتاح القصري وكلمته التي "نزلت" المرة دي بس"