أصالة الكاتب والناقد والباحث السينمائي أحمد رأفت بهجت هي التي تحركه .وهي أيضًا ولا شك التي دفعته إلي إهداء كتابه البديع (مصر وسينما العالم) نحو آفاق أفضل ..إلي روح الفنان الكبير شادي عبد السلام. الكتاب الذي صدر ضمن مطبوعات مهرجان .القاهرة السينمائي الدولي 34. تجسيد حقيقي للشغف العالمي بمصر. وهو الشغف الذي أنعكس صداه في عدد كبير من الأفلام الروائية والتسجيلية المتعددة الأشكال التي احتضنها العالم منذ بداية ظهور السينما وشكلت ملمحًا رئيسيا في أفلام بلدان مثل أمريكا وفرنسا وإنجلترا وايطاليا وألمانيا واسبانيا وبولندا واليابان والمكسيك وصولا إلي بلدان أقل شهرة وبعدًا عن مصر وحضارتها. لقد قدمت تلك الأفلام أرض الفراعنة بكل أمجادها وأساطيرها وانتقلت بين الماضي والحاضر لتقدم مصر خلال كل العصور برؤي قد نتفق أو نختلف حولها ولكنها في النهاية تعكس ظاهرة تنفرد بها مصر دون غيرها لدرجة أن ملكة مثل كليوباترا تم اختيارها في موسوعة جينيس للأفلام السينمائية كصاحبة اكبر عدد من الأفلام السينمائية التي قدمت عن ملك أو ملكة في التاريخ القديم والحديث، وكان عدد الأفلام التي ذكرتها الموسوعة يزيد علي 40 فيلما . ويعترف المؤلف بأن كتابه ليس سجلا كاملا لكل ما قدم سينمائيا عن مصر.خاصة وان هناك أفلامًا تعاملت مع الشخصية المصرية وتم إنتاجها في بلدان كبيرة مثل تركيا واندونيسيا وإيران والهند وباكستان واستراليا وكندا والاتحاد السوفيتي القديم والصين ..الخ. إلا أنه لم يوفق في متابعتها أو متابعة ما كتب عنها في إطار رؤية شاملة للسينما التي أنتجتها. والمحصلة أننا أمام رؤية مجملة وحصر مبدئي للأفلام التي تم توزيعها عالميا خارج إطار بلد المنشأ ويتجاوز عددها 500 فيلم وهو عدد لايستهان به. ويؤكد المؤلف احمد رأفت بهجت أن هذا العدد الكبير من الأفلام لايمكن أن يتوفر تقديمه عن أي شعب لا ينتمي للبلدان التي انتجت هذه الأفلام وهو ما قد يراه البعض امتدادا لظاهرة (الاجيبتومينيا) التي تعكس الشغف العالمي بمصر وتاريخها. والواقع أن الدارس لتلك الأفلام يجد نفسه مقسما بين الحيرة والقلق .فهو يعلم حساسية الموضوع .والمزايدات التي يمكن أن تثار حوله سواء من المثقفين أو نقاد السينما مع تنوع اتجاهاتهم الفكرية والسياسية. ويري المؤلف أنه يمكن أن يري البعض أن الدراسة تعكس رؤية شوفينية تبعد مصر عن جذورها العربية الإسلامية _ وهو غير صحيح بالمرة_ طبقا لرؤية المؤلف الذي يري أن الكتاب امتداد طبيعي لكتابه (الشخصية العربية في السينما العالمية )الذي صدر في جزأين أولهما في 1987 والثاني 2002. ويأمل المؤلف أن يؤسس هذا الكتاب لانطلاقة سينمائية تسعي إلي آفاق أفضل تتجاوز ماهو قائم نحو سينما أكثر رحابه وخصوصية. الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة السينمائية التي تحتاج إلي مثل هذه الدراسات الموضوعية الجادة التي تكشف ما خفي من تاريخ السينما العالمية..وهو كثير.