عندما يبدي وزير الخارجية أحمد أبو الغيط قلق مصر من احتمالات ما يمكن ان تسفر عنه نتائج الاستفتاء علي الانفصال في السودان المقرر ان يتم في التاسع من يناير المقبل ويتمني تأجيله، لابد ان ندرك ان هناك خطورة ما يمكن ان تضر بالامن المصري، فالانفصال كما قال ابو الغيط قد يصحبه بعض أعمال العنف وهو ما سيؤثر بلاشك علي علاقة السودان بدول الجوار ومصر التي يمكن أن تضطرها الظروف الي استقبال آلاف المهاجرين السودانيين وهذا مايبين مدي القلق المصري كلما اقترب موعد الاستفتاء. وكان قد تم الاتفاق علي اجراء هذا الاستفتاء في يناير بموجب اتفاق السلام الذي وقع عام 2005 وأنهي حربا أهلية استمرت عدة عقود. ومن المرجح أن يؤيد الجنوب الانفصال عن شمال السودان لكن الاستعدادات للاستفتاء لا تجري طبقاً للمواعيد المقررة وأثارت نزاعات بشأن الجدول الزمني مخاوف من العودة الي الحرب. وتسعي السياسة المصرية الي طرح الحلول للوضع في السودان، وعرض وزير الخارجية علي السودان حلاً باعتماد "الكونفدرالية" بعد اجراء الاستفتاء وفي حالة حدوث انفصال. كما اعلنت مصرانها ستمنح جنوب السودان 300 مليون دولار لتمويل مشاريع للمياه والكهرباء وان شركة مصر للطيران ستسير رحلتين أسبوعيا الي جوبا عاصمة جنوب السودان، كل ذلك يأتي في اطار السعي المصري للتوصل الي ارضية مشتركة للمصالح السودانية المصرية خاصة وان مصر ترتبط بعلاقات طيبة مع شمال السودان وجنوبه. ومع اقتراب موعد الاستفتاء تزداد الاتهامات من الجانبين في السودان فيتهم مسئولو الجنوبالخرطوم بتسليح ميليشيات لاذكاء صراعات بهدف اظهار أن الجنوب عاجز عن ادارة نفسه قبل الاستفتاء بينما يتهم الجنوبيون الحكومة السودانية بالعمل علي استمرار الاوضاع كما هي في الجنوب وزيادة معاناة الجنوبيين. وهناك تحذيرات تنطلق من داخل السودان نفسه من اجراء الاستفتاء دون توافق بين الشريكين علي القضايا الأساسية ليكون مدخلا للاستقرار لا وصفة للحرب، كما ان النقاش الدائر في السودان هذه الأيام ليس حول الاستفتاء من عدمه وانما حول التوافق علي ضمان شروط اجراء هذا الاستفتاء. ومن الواضح ان الوضع السياسي والأمني في السودان حاليا يتسم بالخطورة فهناك خلافات وتعقيدات كبيرة بين مختلف مكونات الساحة السياسية في البلاد. ويبدو واضحا ان الادارة الامريكية من بعيد تمارس دور الوصاية علي السودان وتنتهك سيادته من خلال الضغط علي شريكي الحكم.. فالمؤتمر الوطني في الشمال يخشاها ويعمل علي التقرب منها والحركة الشعبية في الجنوب تربطها بها مودة وتطلب منها المساعدة بعيدا عن المجتمع الدولي المشغول بقضايا اخري ولايعنيه السلام في السودان. ومن المؤكد انه للخروج من الأوضاع الخطيرة التي يعيشها السودان اليوم لابد من التوافق بين السودانيين انفسهم والاتفاق علي هدف واحد هو حماية أمن واستقرار البلاد شمالها وجنوبها من اجل التعايش السلمي والأمن والاستقرار. ولابد للدول العربية وللجامعة العربية من التحرك الفعلي للوقوف مع السودان وحمايته من الاخطار التي تطوقه قبل فوات الاوان وقبل ان تنفجر بؤرة صراع جديدة في المنطقة التي لم تعد في حاجة الي مشاكل جديدة. E.atshahin1951*yahoo.com