في إحصاء حديث في فرنسا، وجد أن الجلوكوما " المياه الزرقاء " تعتبر ثاني سبب لفقد البصر بعد ضمور المقلة المصاحب لكبر العمر، وسابق للعمي الناتج عن مرض السكر. أما نسبة حدوث الجلوكوما في السكان فهي عادة 1 إلي 2% من الذين يبلغون 50 سنة من العمر، وهي أقل من ذلك في الأصغر سناً وأكثر من ذلك في الأكبر سناً، والجلوكوما أكثر حدوثاً في الإناث عنها في الذكور. وهناك عامل عرقي، إذ تزيد نسبة حدوث الجلوكوما في السود عن البيض، وهناك عامل عائلي أو أسري لا شك فيه، ولكن ليس من الضروري أن يصاب كل أفراد الأسرة بالجلوكوما. وفي مصر كشفت إحصائية بمناسبة اليوم العالمي للجلوكوما، أجرواها مستشفي النور عن إصابة مليون و800 ألف مصري بمرض الجلوكوما، مما يعني أن حوالي مليوني مصري في طريقهم إلي العمي فهو اللص الصامت المتسلل، الذي يسرق البصر دون أن يشعر به المريض، حيث يصيب العصب البصري، نتيجة ارتفاع في ضغط العين، مما يؤدي إلي تكون المياه الزرقاء، نتيجة ضيق تدريجي في المسام والقنوات الموجودة بزاوية العين. الاستاذ الدكتور اسماعيل موسي عبداللطيف، رئيس قسم الرمد بكلية الطب جامعة سوهاج، الذي يعتبر الجلوكوما مرضاً لمن تعدوا الأربعين، يري أن نسبة انتشار المرض في مصر، أكثر من مليونين بكثير، سواء الجلوكوما (المزمنة) التي تعد أكثر الأنواع انتشارا وتمثل 90% من إجمالي الحالات المصابة بالمرض، حيث تظل زاوية العين بداخل الحجرة الأمامية مفتوحة، لكن سائل العين يتسرب ببطء شديد، فيتراكم مع ارتفاع بطيء في ضغط العين، ولايشعر المريض بأي أعراض، حتي يصل لمرحلة متقدمة، ويعاني وقتها من عدم وضوح الرؤية. أو النوع الآخر، " الجلوكوما الحادة "، وهي أقل شيوعا، وتسبب مرض طول النظر، وتحدث ارتفاعا في ضغط العين علي مدي ساعات قليلة، ويعاني المريض من ألم شديد، وحالات من قوس قزح حول الأضواء، بالإضافة إلي نوبات من الصداع وحالات قيء وغثيان. هناك نوع آخر يصيب الاطفال، وتلاحظ الأم تغييرا في لون عين طفلها، حيث تكتسي القرنية باللون الأبيض، وتتساقط الدموع من العين، التي لاتقدر علي احتمال الضوء، ويحدث تغيير في لون العين، فتميل إلي اللون الأبيض أو الأزرق. الأطباء في العالم يواجهون بكل ما لديهم هذا التحدي، الذي تسببه النسب المرتفعة من المرض، وهناك علاجات جديدة بدأت في الدخول الي مصر، لكن الدكتور اسماعيل، يري انها باهظة التكاليف حاليا، حيث لا تناسب الحالة المادية لمعظم المرضي المصريين، وهو كطبيب يفضل أن يلجأ في البداية مع المريض الي العلاجات الأقدم، التي هي أقل تكلفة، حيث يري ان الخطوة الأولي في العلاج، هي أن يتعامل المريض مع مرضه، بوصفه مرضا مزمنا، مثل مرض الضغط المرتفع، ومرض السكر، وهذا الوضع المزمن لا يناسبه العلاجات المكلفة ماليا، وإلا ستكون استنزافا للدخل المحدود لأغلبية المرضي، كما أن وضع المرض المزمن، يتطلب ارادة كبيرة من المريض، سواء في الانتظام في العلاج اليومي، أو الوعي بما يجب ان يفعله علي مستوي السلوك البصري، كي لا يعظم حالته المرضية، ويحافظ علي بصره من هذا المتسلل أطول فترة زمنية ممكنة، وحتي لا يصل لا قدر الله، وحفظنا الله وإياكم إلي العمي.