أن الدول في العالم الديمقراطي لا يمكن أن تكتسب الديمقراطية ما لم يسود فيها القانون فيخضع له المحكوم و الحاكم على حد سواء فتلتزم فيها جميع السلطات العامة بالخضوع للقواعد القانونية و على راس تلك القواعد تلك التي يأتي بها الدستور و هو ما يعرف بمبدأ سمو الدستور .. و مبدأ سمو الدستور يتعين أن تكفل له الدولة الديمقراطية الوسيلة التي تحميه من أي محاولة من الاعتداء عليه و هو ما يتم من خلال الرقابة على دستورية القوانين .. و ثمة أسلوبين تتبعهم مختلف الدول الديمقراطية في الرقابة على دستورية القوانين إما الرقابة السابقة أو الرقابة اللاحقة و الاولى رقابة وقائية تتم قبل إقرار القانون اما الثانية فتتم بالطعن في القانون المخالف بعد اقراره .. اما في الشريعة الإسلامية فالأمر مختلف فالرقابة على دستورية القوانين رقابة سابقة و لاحقة في آن واحد وهو ما تمتاز به عن الرقابة في التشريعات الوضعية و التي قد تكون رقابتها سابقة أو تكون لاحقة كما اشرنا.. أما الرقابة السابقة في الشريعة الإسلامية فيكفلها مبدأ الشورى لما فيه من ضمانة أساسية لعدم مخالفة أي سلطة لنصوص القران أو السنة و خير دليل على الرقابة السابقة في الإسلام عندما أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحديد المهور في الزواج عندما بالغ به الناس في عهده ، وكان هدفه تيسير الزواج لشباب المسلمين خطب بالناس ، وأفتى بتحديد المهور وكان الموجودين علماء وكبار الصحابة وغالبيتهم ، ولم ينكر ذلك أحد منهم . فقامت امرأة عجوز وقالت : يا عمر لِم تحدد ما لم يُحدده الله ورسوله ؟ ألم تسمع قوله تعالى " وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا " ؟ فقال عمر : أخطأ عمر وأصابت امرأة . أما الرقابة اللاحقة في الشريعة الإسلامية فتتمثل في إلزام المسلم بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر وهو ما في قول الله تعالى " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ " و قوله تعالى " كنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ " الامر الذي يتضح معه كيف اهتمت الشريعة الغراء بالدستور و حرصت علي سموه This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.