مخلفات البكتيريا.. أحدث وسيلة لإنتاج الوقود الحيوي
محيط - محمد السيد
نظراً لما يشهده العالم من ارتفاع رهيب في أسعار الوقود التي تزداد يوماً بعد يوم، وفى المقابل تزداد معها احتياجاتنا له كمصدر أساسي للطاقة في حياتنا، تتضافر جهود العلماء للبحث والتنقيب عن وسائل طاقة بديلة وغير مكلفة وفي نفس الوقت لا تضر بالبيئة.
وبعد موجة الانتقادات التي تعرضت لها الدول الكبرى نتيجة سعيها لتحويل المحاصيل الزراعية كالذرة والقمح والسكر إلى وقود حيوي، وأدت إلى تفجر موجة الغلاء في العالم، لجأ العلماء إلى أسلوب جديد لإنتاج الوقود الحيوي عبر تسخير البكتيريا لتحويل النفايات النباتية وجميع المزروعات التي تحتوي على السكر، وخاصة تلك التي لا تحمل قيمة غذائية للبشر، إلى وقود حيوي، بعيداً عن الحبوب الزراعية، الأمر الذي سيعالج نقطة جوهرية في الخلاف الدائر حول استخدام الوقود الحيوي.
ونجحت مختبرات أمريكية في تطوير هذا الأسلوب الجديد لإنتاج الوقود الحيوي المستدام، من خلال اتباع أسلوب الطبيعة، لكن مع اختصار الوقت.. فعوضاً عن انتظار تحول بقايا النباتات والكائنات الحية إلى وقود بعد عشرات ملايين السنيين بفعل التحلل، جرى تعديل جينات بكتيريا متناهية الصغر، بحيث تهضم مواد نباتية وتحولها إلى وقود خلال أيام.
ويقول ستيفان ديلكاردير عالم الكيمياء الحيوية، نائب رئيس مختبرات LS9 لشؤون الأبحاث والتطوير، إن التجارب في هذا الإطار بدأت قبل عامين في منزله، لكنها تطورت اليوم إلى حد بات معه قادراً على إنتاج عدة براميل من الوقود يومياً.
ويشرح العالم الأمريكي أسلوب عمله بالقول، إنه عدّل جينات أنواع معينة من البكتيريا الأحادية الخلية من فصيلة E.Coli ، بشكل جعلها قادرة على هضم جميع أنواع النباتات التي تحتوى على السكر وتحويله إلى وقود.
ويقول ديلكاردير لشبكة CNN إن فريقه العلمي يركز حالياً على إنتاج الوقود الحيوي، لكن الهندسة الوراثية قادرة على تعديل عمل البكتيريا بحيث تنتج أنوعاً بعينها من الوقود، مثل البنزين أو المحروقات المخصصة للطائرات.
وتعمد مختبرات LS9 على نقطة أساسية ترى أنها تصب مباشرة في صالحها، وهي أن الوقود الذي تنتجه البكتيريا مماثل لأنواع الوقود الحالية، وبالتالي فلن يكون هناك ضرورة لتغيير محركات السيارات أو وسائل التخزين الحالية، كما هي الحال لدى استخدام الوقود الحيوي المستخرج من النباتات.
وقود من القمامة
يبدو أن فكرة تحويل محتويات برميل أو سلة نفايات الى وقود لخزانات التدفئة أو خزانات السيارات أصبحت أقرب للتحقق من أي وقت مضى، حيث أعلنت شركة بلووفاير لانتاج الايثانول أنها حصلت على تصريح ببناء مرفق لتحويل النفايات الى وقود ايثانول قرب مدافن نفايات مدينة لانكستر بولاية كاليفورنيا الاميركية.
وذكرت شبكة "ايرث2تيك" أن هذه الشركة التي تقطر كحول الايثانول قد أعدت العدة لاستكمال بناء وبدء تشغيل المرفق الجديد بنهاية العام القادم.
وتعتبر بلووفاير هذا المرفق هو الاول فى الولاياتالمتحدة على المستوى التجاري لانتاج الايثانول أي تحويل النفايات الحيوية "العضوية" الى ايثانول رغم وجود عدد وافر من المنافسين الذين لهم خطط انتاج طموحة مماثلة.
وعلى الجانب الآخر، تعتزم شركة الطيران الأوربية "ايرباص" تشغيل طائراتها بواسطة وقود حيوي من الجيل الثاني المشتق من نباتات غير قابلة للاستهلاك البشري كبعض أنواع الطحالب التي تستهلك كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون بحسب مسئول في المجموعة.
وقال فيليب فونتا مدير التنمية المستدامة في ايرباص خلال مؤتمر حول قطاع الطيران والبيئة في طوكيو : "ليس واردا على الإطلاق أن نستخدم وقودا حيويا مشتقا من نباتات ضرورية لتغذية البشرية".
وتعلق شركة ايرباص آمالا كبيرة على الوقود الحيوي من الجيل الثاني في ظل ارتفاع أسعار وقود الطيران "كيروزين" وضرورة مساهمة قطاع الطيران الذي يشهد نموا متواصلا في مكافحة الاحتباس الحراري.
وقال فونتا: "الحل المثالي يكمن في استخدام مادة منتجة من نوعية من الطحالب الملتهمة لثاني أكسيد الكربون، للحد من الانبعاثات الملوثة وتقليص الاعتماد على الوقود التقليدي".
وتمكن باحثون أمريكيون من إجراء بحوث تتيح تحويل دهون الدجاج إلى وقود حيوي.
وأشار باحثون بجامعة اركنساس، إلى أن مهندسين كيميائيين نجحوا باستخدام طريقة معالجة الميثانول ال "super critical" لتحويل دهون الدجاج وزيوت الأحماض الدهنية إلى وقود حيوي، مؤكدين أن النتيجة كانت أكثر من 90 فى المئة.
وأوضح الباحثون أن المواد "super critical" تتحول لدى تسخينها وضغطها إلى نقطة حاسمة، أى إلى أعلى درجة حرارة وضغط يمكن أن توجد فيها المادة فى حالة توازن كبخار وسائل.
يذكر أن الوقود الحيوي الصديق للبيئة والمناخ يعد من ضمن النقاط المختلف عليها، حيث يرى بعض الخبراء أن هذه النوعية من الوقود أقل كفاءة كما أن بعض أنواع الوقود الحيوي تتعرض لانتقادات لان انتاجها يتسبب في استخدام محاصيل غذائية تشتد الحاجة إليها.