هشام طلعت مصطفى قرأت منذ أيام خبرا مثيرا عن ارتفاع قيمة استثمارات المجموعة الاقتصادية لرجل الأعمال الشهير هشام طلعت مصطفى بالمملكة العربية السعودية وحدها إلى 12 مليار ريال بما يعادل 4.5 مليار دولار أمريكي وحوالي 20 مليار "سحتوت" مصري وهو الاسم المتداول حاليا لجنيه هذا العصر في بلدي المحبوبة مصر وعلى الفور قفز على رأسي سؤال طائش، كم يلزمني من المال والعمر لأصبح مثل هذا الرجل مع ملاحظة أنني لست من هواة الحسد أو "القر والنق".
فعلى اعتبار أن المستثمر الكبير ربنا يرزقه كمان وكمان لديه في مصر وكم بلد تاني مثل ما يستثمر في السعودية فسيكون لديه واللهم لا حسد بالميت 40 مليار جنيه ، عفوا سحتوت وبفرض أنني شددت الحزام وجوعت نفسي ومن أعول وادخرت من راتبي الذي حرام فيه الادخار من باب الضرب في المرتب حرام 500 جنيه شهريا فوجدت أنني بحسبة بسيطة أحتاج 2000 شهرا بما يعادل 166 عاما ليكون معي مليون جنيه وبالتالي أحتاج 666666 "ستمائة وست وستين ألف وستمائة وستة وستون سنة" ليكون معي مثل ما معه، وطبعا إذا حولنا هذه السنوات إلى شهور فلن أقول لكم العدد المطلوب لكننا إذا حولنا هذا الرقم إلى أيام فان الآلة الحاسبة ستصاب بلوثة ولن تعطي نتيجة مفهومة.
وإزاء هذه الأرقام الأسطورية حاولت البحث عن راحة "دماغي"، فوجدت أنه من الأفضل دائما الابتهال إلى الله الخالق الرزاق القادر وحده على صنع المعجزات، بأن يتضاعف راتبي حتى يزيد المبلغ الذي يمكنني ادخاره وبالتالي أختصر نصف مقدار المسافة الزمنية، لكنني حين حاولت حسابها فوجدت أن ذلك يحتاج 333333 سنة، هذا على فرض تحقق المعجزة بمضاعفة راتبي، لكنني وجدت أيضا أننا لم نعرف أحدا عاش واحد على 100 ألف من هذا العمر.
هذا مع الوضع في الاعتبار معدلات ارتفاع الأسعار بشكل يومي وهنا وجدت أن من الأسهل أن أبتهل إلى الله بالدعاء التالي: "اللهم اجعلني طلعت مصطفى"، وأوضح لقرائي المعدودين على أصابع اليد الواحدة أن هذا ليس طمعا في المال أو حبا في الثراء ولكن لأحقق عدة أحلام تراود خيالي دائما من أمثلتها:
محاولة إدخال البسمة على شفاه كل بائس وعلاج كل مريض ومساعدة كل شاب وفتاة في إيجاد شقة وتوفير فرصة عمل لكل متعطل وبناء مدارس آدمية لتعليم أبنائنا وزيادة عدد الأتوبيسات لاستيعاب ملايين المشردين يوميا ورصف الشوارع التعسة، وأولهم الذي أقطن فيه وتحمل نفقات تركيب موتور مياه جديد في "عمارة يعقوبيان" التي أسكن فيها بدلا من معاناة إقناع السكان بضرورة الوقوف على قلب رجل واحد لحل أزمة عدم وصول المياه وقبل كل هذا وذاك مد يد العون لحكومتنا التي تعاني عجزا أبديا في الموازنة يضطرها دائما للتضحية بالشعب حتى تعيش الحكومة.
وعند البند الأخير هذا طرأ هاجس على خاطري يحذرني من أنني إذا حاولت عمل كل هذا فإنني ربما سأزيد عدد الفقراء واحدا فعدت إلى رشدي وتنازلت عن دعوتي بأن أصبح طلعت مصطفى ودعوت الله أن يجعلني مثلي أنا، وأن يلهمني القدرة على الصبر والاستمتاع بأنعم الله التي لا تقدر بمال وأن أحاول تحقيق كل ما أتمناه وأنا معي الجنيهات وكأنني صاحب مليارات، وأيقنت أننا في ذلك الحين ستكون الدنيا حقا بخير.
نعم فنحن نحتاج إلى من يعطي وينسى ويأخذ ولا ينسى، إلى من ينحني ليرفع الآخرين، إلى من يحب الناس جميعا لا فئة دون أخرى، إلى من يسعد بفقره كسعادته بغناه، من يشكر الله في الضراء مثل السراء، من يحاول رسم بسمة على وجه الآخرين ومسح دمعة المكلومين، عندئذ سنكون أغنى الناس.