علي رحاب الأراضي المصرية عقد مؤخرا مؤتمر الملتقى القومي الثالث للفنون الشعبية تحت عنوان "المأثورات الشعبية والتنوع الثقافي", الذي بدأ افتتاحه الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية في يومه الأول بمعرض الفنون الشعبية بمتحف محمود مختار, ثم استمرت فعالياته على مدار أربعة أيام بالمجلس الأعلى للثقافة, وضم عددا كبيرا من الدول العربية. محيط رهام محمود ألقى كلمة الإفتتاح أحمد علي مرسي مقرر الملتقى, وصفوت كمال رئيس الملتقى, وعلي عبد الله خليفة, وعن الباحثين العرب جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة. تضمن الملتقى عشر جلسات دارت حول محاور منها: الاتجاهات العالمية والمحلية لحماية التراث الثقافي, المأثورات الشعبية وحوار الثقافات, دور المأثورات الشعبية في التنشئة الاجتماعية للطفل والتنشئة الأسرية كما تعكسها الرواية العربية, واستلهام الحياة الشعبة والحارة المصرية في أعمال الفنان علي دسوقي. يعتبر هذا المؤتمر استمرارا للجهود السابقة التي بذلها مجموعة من الباحثين من أجل استنباط جذور قوية للثقافة الشعبية ومأثوراتها في حقول الدراسات الإنسانية والاجتماعية والتاريخية, لتأكيد أهمية المأثورات الشعبية في الإعلاء من شأن خصوصية الذات الوطنية والقومية, والحفاظ على تماسك المجتمع وتجانسه, ومنح حرية التعبر عن ثقافته وفنونه, وقد عقد المؤتمر الأول في القاهرة برعاية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في أكتوبر 1971, وبعد ثلاثين عام عقد المؤتمر الثاني في 2001 تحت عنوان "المأثورات الشعبية غي مائة عام". وفي ملتقى اليوم... جاءت كلمة د. أحمد مرسي معبرة عن أهمية القيام بجمع المأثورات وإعداد قاعدة بيانات لها والحفاظ عليها, كما أشار صفوت كمال رئيس الملتقى إلى أن المأثورات الشعبية هي التعبير المباشر عن ثقافتنا, ويجب الحفاظ عليها برؤية فكرية وثقافية واعية, وألقى د. عماد أبو غازي كلمة نيابة عن الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة, أشار فيها إلى أن الملتقى قد أصبح نشاطا دوريا للجنة الفنون الشعبية, ويسعى المجلس للحفاظ على دورية انعقادة, كما إقترح د. عبدالله خليفة تأسيس مركز عربي للدراسات الشعبية. أستهل عبد الحميد حواس أول جلسات الملتقى بأن قدم عرضا لأطروحته حول المأثورات الشعبية القديمة والدراسات العديدة التي أتاحت جمعها, أما الدكتور عبد الرحمن أيوب الباحث بالمعهد الوطني بتونس أكد على التلاحم الثقافي المباشر والغير مباشر عبر الزمن, بينما قدم عبد الحميد بورايو تقسيما عاما عن الوضعية الراهنة لأهمية العناية بالمأثورات الشعبية في الجزائر, وتدعو زينب صبرة لبناء ثقافة كونية تتضمن نسقا متكاملا من القيم والمعايير الفنية بهدف نشرها بين جميع الشعوب, وتحدثت أميمة منير جادو عن المأثورات الشعبية في التنشئة الإجتماعية للطفل, والتنمية الأسرية والإجتماعية. عرضت علية حسين إيجابيات وسلبيات المأثورات الشعبية والتنمية الإجتماعية في الواحات المصرية, وتحدث بعض الباحثين عن التراث الفني الشعبي مثل إبداعات الفخار في جنوب مصر, كما تحدث البعض عن الأغنية الشعبية والعناصر في النسيج كمأثور مادي, وتناول يوسف جوسية موقف المجتمعات الإفريقية المدافع عن التراث في مواجهة العولمة. وفي نهاية الجلسات أعلنت توصيات من الجانب المصري تدعو إلى تواصل الملتقى بصفة دورية كل عامين, وإنشاء أمانة له في القاهرة, ومعاهد علمية لتوثيق وحفظ وأرشفة المأثورات الشعبية والعربية, وتقييم التجربة المصرية في إنشاء أطلس الفلوكلور المصري, والعمل على نقل هذه الخبرة إلى البلدان العربية, وتقييم التجربة المصرية في إنشاء أطلس الفولكلور المصري, والعمل على نقل هذه الخبرة إلى البلدان العربية الأخرى بهدف إنشاء لأطلس للفولكلور العربي, والسعي لدى جامعة الدول العربية "منظمة الإليسكو" لإنشاء مؤسسة ثقافية عربية لإنتاج إصدارات في مجالات المأثورات الشعبية العربية. وأقترح الدكتور عبد الرحمن أيوب أن ترفق بهذه التوصيات توصيات جديدة أتفق عليها العرب "تونس, المغرب, الجزائر, ليبيا, الإمارات, البحرين", وهي أن تعقد لجنة لدراسات المأثورات الشعبية بالوطن العربي وبخاصة عن موضوع "الخيمة" في مدة لا تتجاوز سنة ونصف لتجتمع على سبيل المثال في تونس أو البحرين أو المغرب, وقد وافق أغلب الحاضرين عن ضم هذه التوصيات لكن البعض أعترض على الموضوع المخصص "الخيمة" وأقترح آخرون أن يكون الموضوع هو "الثقافة حول الرمز", وتسائل البعض كيف يحدد الموضوع فبل انعقاد لجنة, وبهذا أقترحت ممثلة المغرب بأن المغرب تستضيف هذا المؤتمر خلال سنتين, وأتفق أغلب الحاضرين والباحثين على تحديد الموضوع بصفة مبدأية عن "الرموز ودلالاتها في الثقافة", وأختتمت التوصيات بموافقة الجميع. واختتم الملتقى بعرض فيلم عن أعمال الفنان المصري علي الدسوقي والذي تناول الموضوعات الشعبية بصدق وبإحساس نابع من البيئة المصرية وتدور موضوعاته حول الزار, والسبوع, والمولد, ولعبة الحجلة, وبنات الغورية, والمسحراتي, زفة العروسة, القهاوي, الساقية, وعودة الفلاحين من العمل, وكان عرض الفيلم مصتحب بموسيقي وأغاني شعبية أضفت على الحاضرين الإحساس بدخولنا في لوحات الفنان, ووجودنا وسط البيئة الشعبية, فإننا نستشعر حقا قول الفنان أن الحارة المصرية تعيش في وجداني, وقد استخدم الفنان الألوان الزيتية في أعماله, والباتيك "الطباعة" التي أشتهر بها.