أطلق مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة ترجمة جديدة لكتاب من اللغة العبرية إلى العربية بعنوان "أكاذيب عن السلام" لمؤلفته الكاتبة اليهودية الإسرائيلية تنيا رينهارت، وهى ناشطة سياسية وأستاذة جامعية بجامعة تل أبيب قادت حملة دولية ضخمة عام 2002 تحث فيها على مقاطعة الجامعات الإسرائيلية التى التزمت الصمت إزاء الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى حتى استجابت لها بعض الجامعات البريطانية والفرنسية. وخلال إحدى موجات العدوان الإسرائيلى على غزة كتبت تقول:"جيش الدفاع جائع للحروب فمن أجل ماذا تقاتلون"، وكانت بداية مواقفها الفكرية تجاه القضية الفلسطينية عقب التوقيع على اتفاقيات أوسلو، لأنها رأت مع أقلية من الإسرائيليين أنها إجحاف بحق الفلسطينيين. وعندما انتهك شارون ساحة المسجد الأقصى ومعه ألفا شرطى كتبت تقول: إن مسئولية المذبحة التى وقعت لا يتحملها شارون وحده، بل يشاركه فى المسئولية آخرون بمن فيهم أعضاء معسكر السلام، لأنهم يعلمون أن ذلك سيشعل النار فى الأراضى المحتلة". وركز كتاب "أكاذيب عن السلام" على عصر ما بعد انتفاضة أوسلو بعد أن أصبح واضحاً كما تقول الكاتبة أن هناك آلية لحجب المعلومات فى المجتمع الإسرائيلى لفهم ما يجرى فى الواقع ويمتد هذا الحجب إلى وسائل الإعلام الغربية. ويعتمد الكتاب فى الأساس على الوقائع التى جرت بعد أن قرر باراك والمنظومة العسكرية إلغاء اتفاقيات أوسلو، فيما يكشف الكتاب عن بعض أكاذيب السياسة الإسرائيلية التى تعاون فيها رئيسى الوزراء الإسرائيليين اهود باراك وبنيامين نتنياهو بشأن سعى إسرائيل لتحقيق السلام ولجوء وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى خلق مفاهيم كاذبة توحى بأن القيادة الإسرائيلية تعتزم التفاوض على الانسحاب بينما كانت أحاديث تلك القيادة تشيد بالمستعمرين فى الضفة الغربية. ويكشف الكتاب "الذى ضم 10 فصول" مدى الزيف فيما تدعيه إسرائيل عن التعنت السورى فى مفاوضات السلام، حيث يشير الكتاب من خلال المواد المنشورة بأن سوريا كانت الأسبق إلى تقديم لفتات تعبر عن نيتها وسعيها لتحقيق السلام فى الوقت الذى امتنعت فيه إسرائيل عن تقديم أى تنازلات ولم تسع إسرائيل إلى التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين إلا من أجل الحصول على تنازلات وتمتنع عن تنفيذها بحجة خرق الجانب الفلسطينى للاتفاق حتى تبدأ بطلب إعادة المفاوضات للحصول على تنازلات أخرى. ويكشف أيضا الكتاب على أن اتفاقية أوسلو لم يرد فيها فى أى موضع كلمة انسحاب وهو ما يدل على أن إسرائيل لم يكن فى نيتها على الإطلاق الانسحاب من المناطق الفلسطينية للتواصل إلى وجودهم محاصرين فى الضفة الغربية وقطاع غزة ولجأت إلى استخدام مصطلح "إعادة الانتشار خارج التجمعات السكانية" والتى لا يمكن وصفها بأنها انسحاب، وتساءلت الكاتبة كيف قبلت القيادة الفلسطينية بذلك، ولكنها أكدت أن الإسرائيليين أقنعوا الفلسطينيين بحساسية الشعب الإسرائيلى تجاه كلمة انسحاب إلا أن الفلسطينيين تعلموا الآن أن كلمة انسحاب ليست كلمة خارجة. كما تناول الكتاب بعض الحقائق التى تشير إلى انسياق الجانب العربى إلى ما يصفونه بالضمانات الأمريكية، وإلى قدرة الإسرائيليين على التلاعب بالقادة الأمريكيين وكيف يمكن أن تكون ضماناتهم بدون قيمة، وتلفت الكاتبة إلى ضرورة أن يكون الالتزام الذى يمكن أن يحصل عليه الجانب العربى هو التزام إسرائيلى يضمنه المجتمع الدولى. وقال الدكتور محمد عثمان الخشت، مدير مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة، إن هذا الكتاب يمكن أن يسهم فى تعريف الباحث والقارئ العربى بالمجتمع الإسرائيلى من كافة الجوانب وبالمنطق الذى يفكر به القادة الإسرائيليون، مشيراً إلى أن مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة وبدعم من رئيس الجامعة يقوم حالياً وفى إطار مشروع جامعة القاهرة للترجمة بترجمة بحوث أكاديمية وتقارير محكمة ونصوص إعلامية من اللغات اليابانية والصينية والإسبانية ليكون المشروع قد ترجم أغلب اللغات بعد ترجمة أكثر من 40 كتاباً من اللغات الإنجليزية والفرنسية واليونانية والعبرية والفارسية. جاء ذلك فى مبادرة ثقافية مهمة لمشروع جامعة القاهرة للترجمة برعاية الدكتور جابر نصار، رئيس الجامعة، والذى عهد به إلى مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية بإشراف الدكتور محمد عثمان الخشت، مدير المركز بهدف تعميق الدور الثقافى والتنويرى لجامعة القاهرة وتحسين قدراتها التنافسية فى مجال الترجمة والنشر الأكاديمى عن طريق ترجمة أفضل ما قدمه العلماء والمفكرون والكتاب من بحوث أكاديمية وتقارير محكمة وأعمال فكرية باللغات المختلفة فى كافة المجالات المعرفية والتى تشهد نموا هائلا على المستوى الدولى.