"منه لله زوجي"..كلمة قالتها سعاد وقلبها ينفطر حزنا على عمرها الذي ضاع ما بين الفقر والزواج البائس، فمنذ صغرها تمنت أن تتزوج رجلا يكون سندها وملجأها، إلا أن القدر شاء لها أن تكون هي ضحية "ندالة" زوجها. أوتار الفقر تعزف ألحانها: اسمها سعاد، تبلغ من العمر 29 سنة، بدأت مأساتها عندما كانت تعيش وسط أسرتها بمنشأة ناصر، ولديها 3 شقيقات في مراحل مختلفة من التعليم، كان الأب هو العائل الوحيد لأسرتها الفقيرة، لم يملك من الدنيا سوى سيارة تاكسي يقتات منها، وبمرور الأيام تقدم به السن وأصبح لا يتحمل العمل بعد أن تملك منه المرض مفارقا الحياة. وضعت الأقدار سعاد في وجه المدفع، باعتبارها الشقيقة الأكبر، ومنذ ذلك اليوم أصبح الحمل ثقيلاً عليها، تركت المدرسة وقررت أن تعمل خادمة لعدة سنوات، واستطاعت خلالها توفير مصاريف الحياة لأسرتها. فى أحد الأيام، تعرفت سعاد على شاب يدعى أحمد يقطن فى منطقة مجاورة لها، تبادلا نظرات الإعجاب، وسرعان ما نشأت بينهما قصة حب، وطلبت سعاد من أحمد أن يتقدم لخطبتها، وبالفعل وافق وبعد مرور 6 أشهر تمت مراسم الزفاف وسط مباركة الأهل والأقارب. كانت تشعر سعاد بأنها أخيرا أصبحت في كنف رجل يرعاها ويلبى احتياجاتها، عاشت أيام معدودة مع السعادة، ورزقهما الله بأربعة أطفال فى عمر الزهور. أما زوجها أحمد، فكان يعمل بكل جهد لكي يؤمن مستقبل أبنائه، وعندما ضاقت عليه الدنيا؛ قرر أن يتاجر في المخدرات، وتعرف على "ناصر" أخطر مسجل خطر بمنشأة ناصر، وطلب منه أن يعمل معه فى تجارة المخدرات حيث المال الوفير. كان أحمد يخرج مساء كل يوم لتوزيع المواد المخدرة على عملائه ويعود فى الصباح الباكر. لم يكتفِ بنفسه بل جندها هي الأخرى: طلبت منه سعاد أن يترك تجارة المخدرات حرصاً على مستقبله ومستقبل أبنائه؛ حيث أنها تجارة رابحة مهلكة في ذات الوقت؛ لكن أحمد ضرب بكلامها عرض الحائط، بل ونجح في إقناعها بأن تشاركه تجارة المخدرات. كانت توزع الأقراص المخدرة على عملائها دون أن تقع فى قبضة الشرطة فهى امرأة حريصة جداً تسير فى عدة شوارع قبل ترويجها للسموم حتى تشتت رجال الشرطة ولا يستطيعوا رصدها. استمرت على ذلك 3 أشهر، حتى بدأ رجال الشرطة في تتبعها، وعندما وصلت معلومة للعميد أشرف عز العرب وكيل الإدارة العامة لمباحث القاهرة تفيد قيام سعاد بالاتجار في المواد المخدرة بالاشتراك مع زوجها، تم إخطار اللواء أسامة الصغير مساعد أول وزير الداخلية لأمن القاهرة الذي أمر بسرعة تشكيل فريق بحث للقبض على المتهمة وزوجها متلبسين. "ندالة" أحمد و"ندم" سعاد: خرج أحمد وزوجته مستقلين دراجة بخارية وبحوزتهما 20 كيلو بانجو لترويجها على عملائهما، يسيران بكورنيش المعادى فى انتظار أحد الأشخاص لتسليمه المخدرات، وعقارب الساعة تجاوزت الثانية صباحا. فجأة شعر أحمد برجال المباحث ينصبون له كميناً، وبسرعة البرق ألقى زوجته من أعلى الدراجة البخارية وبحوزتها حقيبة سوداء اللون بداخلها 20 كيلو بانجو وفر هارباً. وتمكن الرائد أحمد الجمال معاون مباحث المعادى من ضبط سعاد وبمواجهتها أمام العقيد محمد محجوب رئيس المباحث اعترفت بارتكاب الواقعة، وأمرت النيابة بسرعة ضبط المتهم الثاني. زوجي السبب! "محيط" التقت بالمتهمة أمام سرايا النيابة، فى البداية وقفت شاردة الذهن تنظر إلى جميع من حولها ولسان حالها يقول "أنا بريئة"، وبدأت تدافع عن نفسها. وأردفت قائلة : اعتقدت أن زوجي أحمد سيكون سنداً لي، ولكنني فوجئت به يتاجر فى المواد المخدرة بحجة أن مكسبها كبير، طلبت منه مرارا أن يترك هذا العمل المشبوه حفاظاً على مستقبل أبنائي ولكنه كان يسبني بأبشع الألفاظ وأجبرني على العمل معه وكان يعطينى الأقراص المخدرة لتوصيلها للزبائن. تتنهد المتهمة ثم تواصل حديثها : كنت مجبرة على العمل معه فهو أصبح إنساناً عصبيا بعد عمله فى تجارة المخدرات وكان يعتدي بالضرب المبرح على الأطفال بكل وحشية. وعن القبض عليها أفادت: أنا الآن في أشد الندم على زواجي من تاجر المخدرات الذي حول حياتي الى جحيم ثانٍ، وزج بي خلف القضبان دون أن أعرف مصير أولادي الذين يعيشون الآن فى حالة يرثى لها. انهت المتهمة حديثها معنا وطلبت من الحارس بسرعة ترحيلها إلى محبسها وهى تقول"منه لله زوجى". تم تحرير المحضر اللازم وأمر المستشار أحمد الشيخ مدير نيابة المعادى وبإشراف المستشار طارق أبو زيد المحامى العام الأول لنيابات جنوبالقاهرة بحبس المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيق واستعجال تحريات المباحث.