يخطئ من يظن أن لحوم الأضاحي وحدها تجتذب اهتمام الأثرياء والفقراء والمسئولين في مختلف الدول وفي شتى البقاع . فإذا كان الثري يعني بتقطيعها وتوزيعها، وإذا كان الفقير يهتم بالحصول عليها والوصول إليها ، وإذا كان المسئولون معنيون بتوفير المسالخ وبالإشراف على عمليات الذبح، فإن الكثيرين لا يلتفتون إلى ذلك كله، لأن ما يعنيهم في الذبيحة جلودها . وفي الكويت، كما في غيرها من دول العالم الإسلامي، تحظى جلود الأضاحي باهتمام حكومي وشعبي كبير، فالحكومة تحرص على جمعها من المسالخ في حاويات مخصصة وتوصيلها إلى مصانع الدبغ لتحويلها إلي منتجات محلية تخفف شيئا من لهيب الاستيراد، بينما العامة يجمعونها لسببين إما لبيعها وتحقيق عائد مادي منها، أو لتوزيع ريعها على الفقراء والمحتاجين في شتى الدول . ويبقى للطبيعة القبلية في الكويت نصيب كبير من جلود الأضاحي، إذ لايزال بدو الكويت يفترشون بها الأرض في مخيماتهم ومنازلهم، ويصنعون منها ملبوسات خاصة بهم تمتد لجذور عاداتهم وتقاليدهم. وتتراوح أسعار الجلود في الكويت بين دينار و دينار و600 فلسا (3.5_ 5.6 دولار)، حسب نوعيتها وجودتها. ويتراوح سعر الأضحية في الكويت هذا العام ما بين 100إلى 200 دينار (350– 700 دولار) حسب نوعيتها، فالسعودية منها تصل إلى مبالغ خيالية وكذلك السورية، فيما تبقى الإيرانية والاسترالية في نطاقات معقولة . وكان للأزمة السورية والحرب الدائرة هناك تأثيرا مباشرا علي ارتفاعات أسعار الأضاحي بالكويت، إذ شهد السوق هذا العام نقصا شديد في المعروض من الأضاحي، مما تسبب في ارتفاع أسعارها بشكل جنوني من جانب التجار، دون تدخل فاعل من قبل الجهات الرقابية . وتصنع من بعض الجلود المدبوغة، الأحذية ،والأحزمة، والقفازات، والمعاطف، والقبعات والقمصان، والحقائب، بالإضافة إلى منتجات أخرى عديدة، خاصة في مصانع الجيلاتين، وكذلك المواد العضوية، التي يتم الاستفادة منها في صناعات الأغذية والأدوية . كما يصنع الجسم الخارجي لكرات اليد وكرات السلة والقدم من الجلد، وتستخدم في بعض الصناعات الجلدية ذات المواصفات العالية، وتعتمد العربات والحافلات على حوامل محمية بطبقة من الجلد، وتتميز الجلود بمقاومتها العالية للظروف المناخية المتقلبة العالية، ودرجة تحملها الكبيرة. وقال مدير عام اتحاد الصناعات السابق محمد صالح موسي، في تصريح لمراسل وكالة الأناضول، اليوم الأثنين، إن الكويت بها مصنعين متخصصين في دبغ الجلود وصناعتها ، وهما في منطقة الصبية ،الا انهما يواجهان معاناة بسبب نقص الجلود، خاصة أن هناك العديد من التجار يقومون بجمعها من المجازر وتصديرها إلى الخارج لتحقيق أعلى استفادة مالية. وبين، أن المصانع المحلية يبدوا أنها قد أعدت العدة هذا العام لتجميع كيات كبيرة من جلود الأضاحي بنفسها أو عبر وكلاء ثقة لديها، لتقوم بدبغها والاستفادة منها خاصة أن أرباحها تتجاوز 400% عن أسعار الجلود . وتقوم العديد من المؤسسات الأهلية والخيرية بالكويت كل عام على جمع جلود الأضاحي وتوجيهها لمسلمي العالم المحتاجين، ومن تلك المؤسسات بيت الزكاة، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، جمعية التراث الإسلامي ، لجنة الرحمة العالمية، لجنة مسلمي أسيا، ومؤسسة مشاريع الخير، لجنة مصابيح الهدى، لجنة النجاة الخيرية، لجنة العون المباشر، جمعية بيادر السلام النسائية. وتقوم تلك المؤسسات في الغالب بجمع جلود الأضاحي من المتبرعين بها ثم تقوم ببيعها لمصانع محلية أو عالمية بعد دبغها، ثم تبعث بقيمتها لدول مثل فلسطين وسوريا وبعض الدول الإسلامية الفقيرة. وأضاف موسي أن موسم عيد الأضحى يمكن أصحاب المصانع من الاستفادة من الجلود التي تتراكم في المجازر بكميات كبيرة للغاية، حيث ان كثيرا من الكويتيون أصحاب الأضاحي أو حتى الذبائح العادية يتركون الجلود للمسالخ دون مقابل ولا يكترثون بها أين تذهب ولا يفكرون في توجيهها لاماكن خيرية ، ولا تستطيع المجازر تخزينها. ويقدر مسئول في أحد المسالخ ما يذبح من أغنام فقط في عيد الأضحى بالكويت بما يقارب ال800 ألف رأس غنم، وبمتوسط سعر للأضحية يبلغ 100دينار يصبح سعر ما يتم التضحية به قرابة ال80 مليون دينار (281.988 مليون دولار)، و بالتالي تسعي المجازر وهي تابعة للقطاع الخاص، الى التخلص من جلودها وما بقي منها خشية تحرير مخالفات عليها من البلدية والبيئة نتيجة انها تحتاج الى عمليات تخزين معينة لا تتوافر في هذه المجازر التي تقع معظمها في مناطق سكنية وعمرانية . وأوضح موسي ان هذه الجلود تمثل ثروة لمن يقدرها من الصناعيين والمتخصصين في صناعة الجلود خاصة انها توفر الكثير على المصانع الوطنية ، كما انها توفر مواد خام حلال للدول العربية بدلا من تلك المواد المصنوعة من جلود محرمة علينا كالخنازير ومتوافرة بكثرة. وقال سمير البنهاوي، مدير فني سابق في احدي مصانع الجلود بالكويت ان حجم سوق الدباغة، تقدر بما يتجاوز 50 مليون دولار، وهي من الأعمال التي تجد صعوبات بسبب نقص المواد الخام واعتمادها على استيراد مواد كيماوية من الخارج، واخيرا وجود نقص في العمالة. ولفت إلى انه في الشهور الأربعة الأولى بعد عيد الأضحى تعمل المصانع المتخصصة في الدباغة والجلود بكامل طاقتها الإنتاجية لتوافر الجلود وبعد ذلك تهدأ عجلة العمل لنقص المواد الخام، مما يجبرها على الانتظار حتى الانفراج من جديد. وشدد البنهاوي على انه لابد من إصدار قانون بمنع تصدير الجلود الخام خارج الكويت مما يساهم في تأسيس صناعة حقيقية، حيث ستتوافر المواد الخام من الجلود التي تساعد هذه الصناعة على النمو. وبرزت في الآونة الأخيرة دعوا ت متكررة للتبرع بجلود الأضاحي لمساعدة الثورة السورية سواء بجلود الأضاحي أو بالأموال وغيرها، سواء عبر إعلانات الشوارع للعديد من المؤسسات الأهلية والخيرية، أو عن طريق الملصقات الورقية على جدران وأبواب المساجد أو في الأماكن العامة .