الشعراوي يؤله السادات في مجلس الشعب سيد طنطاوي : التطبيع حلال والعمليات الاستشهادية حرام شيخ الأزهر يستقيل بسبب فتوى الإصلاح الزراعي عرابي والخديوي توفيق يتبادلان فتاوى التكفير وكيل الأزهر : الزواج بإسرائيليات حلال وجدي غنيم يكفر مبارك بسبب غزة كثيراً ما لا تحتمل لعبة السياسة أن تنقسم على اثنين.. ساعتها لا يتورع كل طرف عن استخدام أي سلاح ممكن للقضاء على الخصوم وحسم المعارك معهم.. ولأن الدين يحتل مكاناً متفرداً في النفس الإنسانية منذ الأزل، فلم يتورع السياسيون منذ خلقت السياسة عن توظيفه في معاركهم السياسية وفي خدمة مصالحهم وأهدافهم، ووجدوا على الدوام من الكهان والأحبار والرهبان والمشايخ من يقدم لهم التفسيرات الدينية والفتاوى والنصوص. وفي المجتمعات الشرقية التي تتنفس الدين مع الهواء، تصبح الظاهرة أوضح وأخطر، ويصبح توظيف الدين في خدمة السياسة، فعلاً معتاداً، حتى ممن ينادون ليل نهار بفصل الدين عن السياسة، وحين تحتدم الصراعات السياسية، وتصبح السلطة في مفترق طرق، تبرز الفتوى الدينية، كأحد الأسلحة الرئيسية في ميدان الصراع.. وكثيرا ما أثبتت جدواها وقدرتها..ومؤخراً، وفي خضم الصراع السياسي الراهن، حضرت الفتوى الدينية في المشهد السياسي، بقوة، وباتت من أبرز معالمه، بالفيديوهات التي انتشرت تحمل فتاوى من علماء ودعاة مشهورين، ضد جماعة الإخوان المسلمين، أو ضدها، وهو ما دعانا لفتح هذا الملف الحساس.. ملف الفتوى السياسية.. عرابي والخديو توفيق التاريخ البشري مليء بالأحداث والوقائع التي استخدمت فيها الفتاوى الدينية في الصراعات السياسية، في المجتمعات المختلفة، ولم تغب تلك الظاهرة عن التاريخ المصري الحديث، فحين أراد علي بك الكبير الاستقلال بمصر عن الدولة العثمانية، أصدرت الدولة العثمانية فتوى بكفره، والسبب أنه استورد بنادق من روسيا، وحين بدأ الغزو البريطاني مصر، في نهاية الثورة العرابية، استصدر الزعيم أحمد عرابي من شيوخ الأزهر فتوى تقضي بتكفير الخديوي توفيق لخيانته للدولة ومساعدته العدو لاحتلال أرض مصر، وفي المقابل أصدر مفتي السلطنة العثمانية فتوى بعصيان عرابي، وكانت من أسباب انصراف كثير من النخبة المصرية عن عرابى، الأمر الذى ساهم في نجاح الغزو البريطاني. وعقب ثورة يوليو 1952م، كان رفض شيخ الأزهر عبد المجيد سليم لقانون الإصلاح الزراعي سبباً في استقالته، وتعيين التونسي محمد الخضر حسين، كأول شيخ للأزهر من غير المصريين، وفي العهد الناصري أصدر الأزهر عدداً كبيراص من الفتاوى التي تحرم التعامل مع الدولة الصهيونية (إسرائيل)، وتوجب قتالها. فتاوى لصالح إسرائيل وفي السبعينيات تغير الوضع، فحين قرر السادات زيارة القدس والصلح مع الصهاينة، خرجت الفتاوى الرسمية التي تؤيد تلك السياسة، ففي اليوم التالي لزيارة السادات القدس، أي بتاريخ 20/11/1977م نشرت جريدة "الأخبار" برقية أرسلها د.عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر آنذاك، تضمنت التأييد التام للزيارة. كما نشرت صحيفة" الأهرام" في عدد 17/11/1977م أي قبيل الزيارة بيومين تحقيقا بعنوان «كلمة الشارع المصري في ذهاب الرئيس إلي الكنيست»، ونشرت فيه آراء عدد من علماء الدين منهم الشيخ عبد الرحمن بيصار وكيل الأزهر وعبد الرحمن النجار مدير عام المساجد اللذان قالا إن القاعدة الإسلامية:«وإن جنحوا للسلم فاجنح لها»، «وذهاب الرئيس لا يعني تنازلا فالرسول فاوض المشركين»!! . وخرجت فتاوى تشبه صلح السادات مع الصهاينة بصلح الحديبية الذي أبرمه النبي (ص) مع أهل مكة سنة 6 هجرية. الشعراوي يؤله الساداتوفي مارس 1978م، وقف الشيخ متولي الشعراوي، وكان وزيراً للأوقاف، يدافع في مجلس الشعب عن الرئيس السادات الذي كان منهمكاً في مفاوضات كامب ديفيد، وقال الشيخ كلمته الشهيرة عن السادات:" لو كان الأمر بيدي، لرفعت هذا الرجل [ يقصد السادات] إلى مكانه من لا يُسأل عما يفعل!!"، وقد أثارت هذه الفتوى ضجة حينها، لأن هذا الوصف وصف الله به نفسه في القرآن، ولا يليق وصف غيره به!! وبعد أن قُتل السادات، لم يتردد الشيخ الشعراوي في وصفه ب"الشهيد"، والترحم عليه. طنطاوي ملك الفتاوى وفي عهد مبارك زادت ظاهرة الفتاوى السياسية، وكان شيخ الأزهر الراحل، سيد طنطاوي، صاحب النصيب الأكبر منها، منذ كان يشغل منصب مفتي الجمهورية، ففي نهاية الثمانينيات أصدر فتوى بحل فوائد البنوك، وهي الفتوى التي رفضها الأزهر آنذاك، واتُهم طنطاوي بأنه أصدر تلك الفتوى إرضاء لنظام مبارك، وحين صار طنطاوي شيخاً للأزهر، توالت فتاوه الصادمة، ففى نوفمبر 2003م، ولم تكن انتفاضة الأقصى قد خمدت بعد، قرر سيد طنطاوي أن يقول رأيه في العمليات الاستشهادية، واختار المكان المناسب لذلك من وجهة نظره، وهو التليفزيون الإسرائيلي!! وفى اللقاء أكد الشيخ بهدوء يحسد عليه أن العمليات الاستشهادية التي يقوم بها المقاومون في فلسطين، هي في حقيقتها "عمليات انتحارية " تعارض أحكام الإسلام، وأن من يقوم بها يُعامَل في الآخرة معاملة المنتحر، أي يكون من أهل النار، وندد الشيخ كذلك بمن يدعون لتلك العمليات، لأنهم في رأيه يهددون الاستقرار ويشعلون الصراعات في المنطقة العربية.وفى سبتمبر 2005م، قال الشيخ طنطاوي:"لا يوجد في الدين الإسلامي ما يحرم التطبيع مع الدول الأخرى، خاصة إسرائيل، طالما كان التطبيع في غير الدين، وفى المجالات التي تخدم شئون الحياة واحتياجاتها!!"، وبهذه الفتوى ذات الكلمات المعدودة، بات طنطاوي أول شيخ للأزهر يدعو للاعتراف ب "إسرائيل"، والتطبيع معها. الزواج بالإسرائيليات حلال وفي 8 نوفمبر 2007 نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية فتوى من الشيخ محمود عاشور (الوكيل السابق للأزهر) بجواز الزواج من الإسرائيليات، استند فيها إلى أن الشرع أحل الزواج من الكتابيات، وبحسب كلمات الشيخ:" فإذا تزوج المسلم من يهودية مقيمة في أي مكان في العالم، يصبح زواجاً شرعياً بنص هذه الآية القرآنية". ورداً على انتماء الإسرائيليات لدار الحرب، قال الشيخ عاشور:" إن إسرائيل لم تعد لنا نحن المصريين دار حرب، لأنه هناك اتفاقيات ومعاهدات سلام بيننا وبينها، وهناك يهود يأتون من إسرائيل إلى مصر في أمان وكذلك هناك مصريون يذهبون إلى إسرائيل.." وكلما اقتربنا من ثورة يناير وما بعدها كانت الفتاوى السياسية تزداد سخونة، وإثارة للجدل.. وللحديث بقية..