جريمة تحدث فى عز الظهر ولا تجد من يتصدى لها! والمعتدى عليه هو الملك سنفرو من أعظم ملوك مصر وابو الملك خوفو الذى بنى الهرم الأكبر بالجيزة .. أما المعتدى فهم الأهالى الذين يقيمون بجوار الملك فى منطقة دهشور.. والشهود هم كل مصرى يغار على تاريخة وبلدة؛ يتضامن معهم ملايين الأجانب فى كل مكان بالعالم، لأن هذا التراث ليس ملك مصر فقط بل ملك الإنسانية كلها. نعود الى مسرح الأحداث لنصف هذة الجريمة البشعة التى يجب أن نقف كلنا ضدها وندافع عن أعز ما نملك لأننا يمكن أن نخسر أى شئ فى الدنيا عدا الأثار وتاريخنا العظيم الذى يعود الى خمسة الاف عام .. لقد قام الأهالى من قرية دهشور مستغلين الإنفلات الأمنى وخوف الشرطة من الإلتحام بالمواطنين وبنوا جبانة ضخمة على الطريق الصاعد لهرم الملك سنفرو فى دهشور .. وفى يوم وليلة وجدنا عشرات المقابر يتم بناؤها فى عز النهار وأمام الجميع. وظل الأثريون بالمنطقة الأثرية يصرخون فى كل مكان وعبر وسائل الإعلام لعلهم يجدوا مسئولاً ينقذ أثار الملك سنفرو الموضوعة على قائمة التراث العالمى؛ ولكن للأسف الكل مشغول فى المظاهرات والأحداث المتوالية التى تعصف بالمحروسة – مصر أم الدنيا .. ولم يستطع الأثريون ولا حراس منطقة دهشور أن يقفوا أمام هذا الإعتداء وكان ما فعلوه هو تقديم البلاغات الواحد تلو الأخر للشرطة التى لم تنتقل حتى لوقف التعدى على أرض الأثار والذى حدث فى الجزء الأول من شهر يناير قبيل عيد الأثريين الذى لم يحتفل به الأثريون وكنت أتمنى أن يذهب كل الأثريون يوم 14 يناير ويعتصموا فى دهشور حتى يتم إيقاف التعدى على الملك سنفروا ولكن للأسف الشديد لم أرى أى تحرك سوى الدموع فى عيون من أحبوا الأثار وعشقوها .. وأنا شخصياً لم أتصور أن يحدث هذا التعدى لأن دهشور من المناطق التى لم يعتدى عليها أى مواطن من قبل! الملك سنفرو يستغيث للعالم كله؛ يطالب المجتمع الدولى واليونسكو للحفاظ على أثاره بدهشور. وعلينا أن ندرك أن هذا الإعتداء يدمر تراث دهشور ويمحو المعالم الأثرية، ودائماً ما أعلن أنه إذا سرقت قطعة أثرية فسوف تعود الى مصر فى يوم ما ولكن الإعتداء بالبناء أو الزراعة على المواقع الأثرية هو تدمير كامل لجزء من التاريخ سوف يذهب الى غير رجعه. جاء الملك فاروق الى دهشور وبنى بها إستراحة صغيرة وجميلة على بحيرة دهشور وذلك لصيد البط والأستمتاع بجمال وهدوء المنطقة ورؤية أهرامات الملك سنفرو، دون أن يعتدى على الأثار. وللأسف فأن أهالى دهشور لا يدركون أنهم سوف يفقدون هويتهم بهذا الإعتداء السافر على الملك سنفرو الذى بنى هرمين بدهشور؛ الأول يعرف باسم الهرم المنحنى .. وهذا الهرم الفريد ليس له مثيل بين أهرامات مصر كلها حيث أن المهندس المعمارى العبقرى "نفر ماعت"ابن عم الملك سنفرو بدأ يبنى هذا الهرم وبعد ذلك وجد أن الأستمرار فى البناء بنفس الزاوية التى بدأ بها سوف تجعل هذا الهرم بناءاً ضخماً لذلك فقد غير مضطراً الزاوية لينهى بناء الهرم بزاوية أصغر الأمر الذى تسبب فى جعل الهرم بهذا الشكل المميز والذى يطلق عليه الهرم المنكسر، أو الهرم المنبعج أو الهرم المنحنى. وهو الهرم الذى لم يفتح للزيارة بعد ولكن دخوله فى الحقيقة عبارة عن مغامرة خطيرة لوجود سراديب وأنفاق يصعب تسلقها ولكنى دوماً ما أهوى المغامرة ولذلك دخلت الى هذا الهرم لكى أكتشف خفاياه من سراديب وممرات.. لقد إعتقد العلماء أن حجرة الدفن الخاصة بالملك سنفرو ما زالت لم تكتشف بعد. ولنا أن نتخيل إذا تم بالفعل إكتشاف هذة الحجرة السرية التى لم تفتح منذ ألاف السنين!! ماذا يمكن أن تحتوى من الكنوز.. وقد لاحظ العلماء وجود هواء بارد داخل الهرم وعندما تتبعوا مصدر هذا الهواء إتضح لهم أنه يأتى عبر ممر أو حجرة لم تفتح من قبل. وعندما دخلت هذا الهرم لأول مرة وتسلقت الممرات حتى وصلت الى أعلى ممر داخل الهرم وهناك وجدت الهواء البارد يأتى من خلال مكان لم يكتشف من قبل داخل الهرم.. وهنا يصبح السؤال كيف يتم إكتشاف هذه الحجرة؟ أماالهرم الأخر للملك سنفروا بدهشورفيسمى الهرم الأحمر وهو أول هرم حقيقى كامل الزوايا يتم بناءه فى مصر القديمة. إن دهشور منطقة أثرية عزراء؛ أى أن الحفائر التى تمت بها قليلة, وهذا الإعتداء على الملك سنفرو يعتبر جريمة بشعة يجب أن نقف أمامها جميعاً... ويجب أن نتذكر دوماً أنه عندما تمت حفائر علمية بدهشور عثر على مراكب خشبية ضخمة؛ واحدة موجودة الأن فى شيكاغو وأخرى فى مدينة بترسبرج بأمريكا وأخرى بالمتحف المصرى بالقاهرة.. ومرة أخرى شاهدت عملية إستخراج كنز ذهبى من أسفل هرم الملك سنوسرت الثانى أحد ملوك مصر فى الدولة الوسطى أى منذ حوالى 3700 سنة تقريباً.. كما كشف الأثريون عن كنز أسفل الهرم يخص الملكة ورت أم هذا الملك.. والكنز عبارة عن أساور وعقود ذهبية،ولم أكنأصدق عينى ونحن نقوم بإخراجها من أسفل الهرم.. ويومها جاءت الشرطة بأسلحتها ليتم إرسال الكنز فى حراسة شديدة الى المتحف المصرى. هذه هى بعض القصص الخاصة بمنطقة دهشور الملك سنفرو يصرخ ويستغيث بكل شعب مصر والأثريين والرجال الشرفاء لكى يتم إزالة التعديات عن أهراماته وأثار دهشور وذلك قبل أن نفقدها ويومها لن ينفع الندم .. .. وما زال الملك سنفرو يستغيث.