فتح وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود النار على نفسه بتصريحاته المثيرة وكلماته المفعمة بالإيحاءات الجنسية التي أثارات جدلا واسعا بين الصحفيين والنشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماع ، والتي جعلته يلقب ب "الوزير المتحرش".
وبدأت القصة في سبتمبر 2012، أثناء لقائه مع الإعلامية السورية زينة يازجي مقدمة برنامج "الشارع العربي"، والتي كانت تخبره بأنها تلقت عدد من أراء المواطنين حول موضوع الحلقة قال "بس متكونش أسئلة سخنه زيك ".. فأجبته المذيعة "أسئلتي هي إلي سخنه, أنا باردة".
وأدى كلام الوزير الذي تم تعيينه في أغسطس 2012، إلى جدل واسع دفعه إلى إصدار توضيح لاحقا نافيا قصد الإساءة.
وأثير الجدل مؤخرا بعد كلمات الوزير الإيحائية ،خلال حفل لتوزيع جوائز على الفائزين بجائزة مصطفى وعلي أمين للصحافة يوم السبت، حيث توجهت الصحفية ندى محمد للوزير بسؤال عن حرية التعبير، قائلة له: "فين يافندم الحرية دي والصحفيين بيموتوا ويتصابوا في كل مكان".
فرد عليها الوزير :" ابقي تعالي وأنا أقول لك فين"، وتبع كلمته بضحكة ثم غير مسار الحديث وقال: "من لا يشعر بحرية الصحافة بمصر يرد على الزميلة الكريمة المحترمة".
إجراء قانوني
ونتيجة لكلمات وزير الإعلام المتحرشة ، قالت الصحفية ندى محمد إنها تدرس اتخاذ إجراء قانوني ضد وزير الإعلام ، بعدما رد على سؤال لها في إحدى الفعاليات بطريقة اعتبرتها "تحرشا" بها.
وقالت ندى التي تعمل في موقع "حقوق دوت كوم" في تصريحات خاصة ل "سكاي نيوز" عربية:" لن أسكت على الإهانه التي وجهها لي وزير الإعلام.. وأدرس الآن مع محامي اتخاذ إجراءات قانونية ضده".
واعتبرت ندى أن رد الوزير نوع من الإهانة في حين يرى كثيرون أنه في مصر يحمل ذلك إيحاء جنسيا.
وقالت الصحفية: "لم أتوقع هذا الرد من الوزير.. فقد عصف بكل قواعد المهنة، وقواعد التعامل مع الآخرين برد غريب جدا، لا يليق بالحاضرين ولا يليق بالمناسبة ولا يليق بوزير الإعلام".
وقفة احتجاجية
وفي هذة الاثناء ، دعا عدد من النشطاء السياسيين عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي"الفيس بوك"، لتنظيم وقفة تضامنية مع الصحفية ندى، ظهر الثلاثاء بمقر نقابة الصحفيين، احتجاجاً على رد وزير الإعلام عليها بطريقة غير لائقة.
كما دشن عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر"، حملة لإقالة وزير الإعلام .
وقام النشطاء كما نشر موقع " حقوق دوت كوم" بكتابة العديد من التدوينات المهاجمة لوزير الإعلام من بينها، المطالبة بتطهير الإعلام وتكون البداية بالوزير نفسه.
كما طالب الملحن عزيز الشافعي بعمل حملة حبس لوزير الإعلام وقال : "لو عايز يعرف هنحبسه فين يبقي يجي وأنا أقوله".
واستنكرت أحد النشطاء من أفعال الوزير وقالت :"حاجه غريبة جدا إن جماعة تربط إسمها ب"الإسلام" وهم كل تفكيرهم في القذارة !! طيب سيبوا الإسلام في حاله وارحموه.
وهناك من علق بشكل فكاهي وقال:" تسريبات عن تنحي وزير الإعلام لاستشعاره الحرج". وقال أخر "أي واحدة ست تروح لوزير الإعلام أوع تطلب ميراندا تفاح ..لأن الضمير انعدم خلاص".
استنكار إعلامي
من جهة أخرى ، استنكر سياسيون وإعلاميون طريقة رد الوزير على سؤال الصحفية، وقالوا إن رده لا يليق بمسئول حكومي، من المفترض أن تكون ردوده تليق بموقع وزير ومكانة مسئول، وخاصة أن تلك الواقعة لم تكن الأولى من نوعها.
وانتقد الكاتب والروائي علاء الأسواني رد وزير الإعلام عبر حسابه الخاص على " تويتر" وقال : "السخرية البذيئة التي وجهها وزير الإعلام إلى صحفية وتلميحاته الخارجة من قبل مع مذيعة تدل على أنه لا يعرف الفرق بين كلام المسئول وكلام الحواري".
ومن جانبها طالبت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي، بعزل وزير الإعلام صلاح عبد المقصود من منصبه فورا بعد تلفظه بهذه الألفاظ، مضيفة "لا أستغرب ذلك لأن كل أتباع هذا التيار اليميني المتطرف، الذين يأخذون من الدين ستارا لهم، لا يشغل فكرهم إلا الجزء الأسفل من الإنسان".
وأضافت الشوباشي ولو نظرنا إلى قنواتهم الفضائية لوجدنا أن كل كلامهم عن كيفية قمع المرأة واختفائها عن الساحة، ولا أفهم كيف يكون مثل هذا الرجل وزيرا للإعلام، وكيف يكون مسئولا عن الوجه الإعلامي في بلد بحجم مصر، ولا أفهم كيف تكون هذه هي لغته في مخاطبة الآخر ".
وبدوره قال الخبير في التشريعات الإعلامية إيهاب سلام لقناة "سكاي نيو عربية" إنه يمكن اعتبار الواقعة من قبيل التحرش الجنسي، فالقانون لا يعتد فقط بالتصريح المباشر في التحرش وإنما بالتلميح والإيحاءات وفقا للثقافة السائدة في المجتمع.
وأضاف إن "العبرة في المعنى الذي يصل للمتلقي"، وهي إحدى القواعد التي يفسر على أساسها القاضي الإساءة.
لكن الخبير القانوني والحقوقي لفت إلى أن الأمر يتعدى الإشكالية القانونية، قائلا إن "كون هذا الكلام يصدر من مسئول يعبر عن الحكومة، فيجب أن يحاسب عليه سياسيا، ويتوجب عليه أن يوضح ماذا كان يقصد ويبرره، إضافة إلى الاعتذار عما صدر عنه من كلام قد يكون أساء للصحفية".
واعتبر أن طريقة رد الوزير على الصحفية تعد من الناحية الحقوقية، نوعا من أنواع القهر الأدبي والأخلاقي، وهو ما قد يردع في المستقبل خصوصا الصحفيات في توجيه أسئلة لهذا المسؤول خشية التعرض لموقف محرج.
مطالب بإقالته
وأصدرت الشبكة العربية لحقوق الإنسان بيانا أدانت فيه ردود وزير الإعلام، وطالبت بإقالته من منصبه، مؤكّدة أن هشام قنديل رئيس الوزراء عليه أن يعتذر عن الكلمات التي وجهها وزير الإعلام للصحفية ندى محمد.
كما اعتبرت الشبكة أن هذه الألفاظ لا يتم استخدامها في الشارع المصري، إلاّ في حالات التحرّش.
وأكدت الشبكة عبر بيانها الصادر أمس، أنّه غير مقبول استخدام مثل هذه الألفاظ من وزير مسئول عن إدارة أكبر جهاز إعلامي في مصر، والتي تفتقر على أقل تقدير لأدنى مقومات الفهم والمهنية التي ينبغي على وزير الإعلام أن يتمتع بها، مؤكدة أن "إقالته والاعتذار من رئيس الوزراء أقل ما يجب اتخاذه".
وتظل كلمات وزير الإعلام تلاحقه إعلاميا وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وربما يصل الأمر أن تلاحقه إلى المحاكم والقضاء ، ما إن برر كلماته في تصريح علني لعل يكون الجمهور والصحفية أساءت فهمها.