شواهد محكمة ، قطعية الورود والدلالة معا في النصوص الشرعية في الإسلام ، لتكريم الوحي المعصوم المنزل من الله - عز وجل - والمبلغ من نبي الإسلام لأهل الكتاب - اليهود والنصارى - سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - فمن ذلك : فرح المسلمين بنصر الروم على الفرس :
الآية 2 وما بعدها من سورة الروم ، تشير الآيات البينات إلى ما حصل من نصر الفرس المجوس على نصارى الشام ، فشمت كفار مكة في المسليمن ، فأخبر الله -عز وجل - بحصول نصر ساحق للروم على الفرس - قبل حصوله ببضع سنين قال ابن كثير : فلما انتصرت الروم على فارس ، فرح المؤمنون بذلك ؛ لأن الروم وأهل كتاب في الجملة ، فهم أقرب إلى المؤمنين من المجوس .
اعتزاز النبي محمد صلى الله عليه وسلم - بسيدنا المسيح - عليه السلام -:
أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم ودينهم واحد "
احتفال النبي صلى الله عليه وسلم - بنجأة سيدنا موسى - عليه السلام :-
أخرج الشيخان - البخاري ومسلم - في صحيحهما بسندهما عن ابن عباس - رضى الله عنهما : "قدم النبي صلى الله عليه وسلم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء ،فقال ما هذا ؟ قالوا هذا يوم صالح ، هذا يوم نجى الله - تعالى - بنى إسرائيل من عدوهم ، فصامه موسى - عليه السلام - قال فأنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه " .
ثناء القرآن على أهل الكتاب :
يعنى به الثناء العام على اليهود والنصارى قال الله تعالى "لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ 113 يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ،وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ "
الآيات 113 وما بعدها من سورة آل عمران :-
شواهد إيجابية تؤصل روح التسامح والتآلف ، وترسى دعائم التعاون والتعاطف وترسخ زمالة شرائع السماء .
أما ما ورد من شواهد خلاف ما ذكر فهى لظروف خاصة وأوضاع طارئة ، وأسباب مؤقتة ، تنزل على موردها ، أي حكم خاص بطائفة أو لفرد وليس حكماً عاماً .
حرص بالمؤسسات ذات العلاقة في الشرائع الثلاث نشر ثقافة المحبة فيما بينهم ، للتصدى للعدو المشترك الإلحاد والإرهاب ، وعرض صحيح الأحكام المرتكزة على " النص السماوى " لا الرأي البشرى ، فأخطر ما يكون على الثقافة الدينية جعل آراء ونقولات وتصورات بشرية بعد عصور النبوات في قوة الوحي دلالة ومنهاجاً مع تناقضها كما هو الحال في بعض كتابات العداء والاستعداء عند الجميع .
جعل الله تعالى مصر : مولد موسى ، وضيافة عيسى ، ورحمة محمد وأصله الكريمين هاجر وإسماعيل وزوجه ماريه وولده إبراهيم - عليهما جميعاً السلام واحدة المحبة القدوة والأسوة للناس جميعاً .
إن المظاهر ما يمكن تسميته " الاحتقان الديني أو الطائفي " موجود ملموس ومضاره ماثله في الحاضر والمستقبل القريب ، والقول بغير هذا النوع من الهروب من المواجهة التي صارت فريضة لا تقبل تسويفاً ولا استرخاء ولا تهويناً الذي جعله الله -عز وجل - أجل نعمائه وأعظم آلائه "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "
إذا علم هذا : فإن تدابير "وقائية " و " زجرية " ينبغي بيانها ، والأخذ بالأشياه والنظائر وصفة علاجية تستأصل الداء من جذوره .
أولاً : تدابير وقائية : غير خاف مقولة الحكماء " درهم وقاية خير من قنطار علاج ، فإن صحيح الثقافة ، وحسن فهم الدين وحسن عرضه ، يأتي على قمة المعالجة والمداوة ؛ لأن قصوراً شديداً فيما يذكر ومن أمثلة هذا :
1- العمل الدعوى لدى المسلمين ومسيحيين يحتاج إلى تقويم وحسم وجزم ، فليس من المقبول ولا المعقول ترك منابع وروافد التعصب والمغالاة وكراهية الآخر ورفضه هي منهاج "الدعوة" و "التبشير " - إن صح التعبير - ، وفي ضبابية الرؤية وغياب وضعف المؤسسات ذات العلاقة في الدولة المدنية ظهر "أشياخ " متسلفة وإخوان ، كمرجعيات بديلة للأزهر الشريف ، وحلت محل آئمة المساجد ، واقتحمت البيوت تحمل افتراءات منسوبة -للأسف - إلى الدين مثل "كفر النصارى " و " تحريم التهنئة والتعزية لهم " و " منع البدء بالسلام والتحية " و " وجوب إذلالهم " ...إلخ ما يقدم في قنوات فضائية وجمعيات ثقافية تحت سمع وبصر الجميع ، ليس رضا ولكنه "اللعب بورقة الدين " فقد ظن أن "السلفية " أهون من " الإخوان" وهذه من أسوأ الحسابات ويصدق عليها :
المستغيث بعمرو عند كربته كالمستغيث من الرمضاء بالنار !
واللهث وراء مغانم "سياسية " على حساب مصلحة الوطن العليا ، وإضعاف مرجعية " الوسطية " الأزهر الشريف لحسابات لا دينية ، أفرخ التطرف والإرهاب ، والسلفية الجهادية التي خرجت من عباءتها كل أشكال العنف الفكري والمسلح المعروفة ولكن " يا ليت قومي يعلمون !! " ومدارس الأحد عند مسيحيين افرزت ما يعد خروجاً عن جوهر المسيحية من مزاعم " أصل الوطن " و " الغزاة العرب " و " اللغة العربية الوافدة " و " المساواة العددية للسكان ودور العبادة ومناصب الدولة " وقنوات فضائية لا تقل خطراً تتطاول على " الإسلام " وفقط !!
2 - الإعلام الديني في مناخ سطوة وشراهة المال ووطنية منتجلة ، ثم تمكين نماذج من ذكر يقدمون ثقافة مغلوطة ، وتأويلات مشوهة لنصوص لها سياقها وظروفها وأحوالها وأوضاعها ، على أنها أصل الفكر والتعامل في الداخل والخارج على السواء "و لا حياة لمن تنادي !! "
3 - القيادة الدينية : الإسلام لا يعرف في أمور القيادة والرئاسة الدينية سوى " عالم الدين " لها شروطه ومواصفاته ، ولا يزال العالم أمور السياسة يشهد بهذا تاريخ الإسلام ، والمسيحية لا تعرف سوى " الرئيس الروحي " ومع استحداث " الإسلام السياسي " و " المسيحية السياسية في الشرق " صارت مرجعيات قيادية تزاول في الأوامر والوصايا والتعليمات ما هو من صلاحيات رئيس الدولة مثل " مرشد الإخوان " و " مرجعيات السلفية " و " بابا الكنيسة "
4 - التعليمات التعليمية : الأصل أن يتعلم الناس أمور دنياهم ودينهم في مؤسسات تعليمية وفق مناهج موضوعة من "ورشة علمية " جادة ، من معلمين تربويين ، مع مقرر ثقافي وغياب أو إهمال "الخبراء " والركون إلى غيرهم ممن نالوا " الترضية " لأسباب وعلل بعيدة تماماً عن العلم والمعرفة ، جعلت الناشئة في أمور دنياهم أسرى "دروس خصوصية " للمجموع وفقط ، وفي أمور دينهم ،إما إلى " إمام مسجد " أو " راعى كنيسة " متواضع المستوى العلمي والمعرفة لا يهمه إلا أداء " روتيني " يرضى عنه الرؤساء اجتلاباً لترقيات وعلاوات ، أو مدعى علم في قناة فضائية تنشر " المذهبية " وتؤجج العصبية ! .
تدابير زجرية : هل يستحق كاره لوطنه وبني وطنه شرف " الجنسية المصرية " والتمتع بمجانية التعليم وعلاج وتموين لأولاده ؟! . هل التعلل "بحرية " مفروض لها " آلية منضبطة " تجعل استحلال الدماء والأعراض والأموال ثقافة مجتمع ؟ .
هل التفاوت الطبقى الرهيب وازدياد أعداد المعدمين وتوحش الإقطاعيين الجدد يربى موطناً صالحاً ؟
هل روح " الاستهانة " و " البلادة " و " عشوائية " التخطيط توجد ثقافة سلام ؟
التدابير في ثنايا سطور وكنونات صدور لمن " كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد "
تحريم الاعتداء على المعابد الدينية :
المعابد مكان العبادة ومحلها ، والدينية منها حسب الاصطلاح الفقهي ( المسجد - الكنيسة - البيعة - الصومعة - الدير - الفهر - الصلوات وذكر كتاب الله - عز وجل - معظمهم مثل قوله - سبحانه "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ " سورة النور - "وأن المساجد " الآية 18 من سورة الجن " وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً "
وهذه الآية القرآنية المحكمة وضحت بعض أهداف الجهاد المشروع بمقتضياته وشروطه ومقاصده من حفظ أماكن العبادة أو كما قال المفسرون " ...لولا ما شرعه الله - تعالى - للأنبياء عليهم السلام - والمؤمنين من قتال الأعداء - ممن لا دين لهم - لاستولوا وعطوا ما بناه أهل الديانات من مواضع العبادات ، ولكنه دفع بأن وجب القتال ليفرغ أهل الدين للعبادة ..." تفسير القرطبي
ووضح رسول الإسلام سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - حرمة التعرض لرجال الدين اليهودى والمسيحي " ستجدون قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له - المنتقى للباجي ، والقاعدة الذهبية لآئمة الفقه : " الراهب والرهبة : حران لا يقتلان ولا يؤسران ويترك لهما قدر الكفاية من الوسائل المعيشية .
ونوه الفقهاء على حرمة هدم المعابد لغير المسلمين فمما قالوه " وعلى هذا فالكنائس الموضوعة الآن في دار الإسلام كلها ينبغي لا تهدم ، لأنها إن كانت في أمصار قديمة ، فلا شك أن الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - جين فتحوا علموا بها وابقوها .." فتح واضحة لمن كان " له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد "