وسط حالة من الترقب العالمي شهدت كينيا انتخابات رئاسية لاختيار رئيسها الرابع منذ استقلالها ، حيث تعاقب على حكم كينيا التي يبلغ عدد سكانها 41 مليون نسمة، منذ استقلالها عن الاستعمار البريطاني عام 1964 ثلاثة رؤساء فقط هم جوما كينياتا (1964- 1978) ودانيال أرب موي (1978- 2002) والرئيس مواي كيباكي (2002 - 2013) الذي لم يترشح في الانتخابات الرئاسية الاخيرة . ولا يقتصر هذا الترقب على سير الانتخابات فقط ولكن على ما ستسفر عنه أيضاً ، خاصة أن بعض المشاركين في السباق الرئاسي من المتهمين بارتكاب جرائم والتحريض علي العنف امام المحكمة الجنائية الدولية.
وكان الدستور الذي أقر في عام 2010 قد أحدث الكثير من التغييرات في المشهد الانتخابي، من أهمها تحديد مدة حكم الرئيس بفترتين رئاسيتين فقط واعتماد النظام الأمريكي فيما يتعلق بانتخاب نائب الرئيس ، ويأمل في أن يساهم هذا الدستور في إحلال المزيد من الإنصاف وتقليص الفساد.
وينظر إلى هذه الانتخابات التي أجريت الأسبوع الماضي يوم 4 مارس الماضي ، على أنها اختبار حاسم لكينيا التي تمثل أكبر اقتصاد في شرق أفريقيا والتي تضررت صورتها كديمقراطية مستقرة بسبب إراقة الدماء التي أعقبت انتخابات عام 2007.
وعاشت كينيا علي مدي الشهور الأخيرة ترتيبات انعقاد الانتخابات الرئاسية ، وسط مخاوف من تكرار الصراع القبلي الذي شهدته الانتخابات السابقة في عام2007 وأفضي إلي مصرع1200 شخص. وتشريد ما يقارب250 ألفا آخرين، وذلك قبل التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة بين موي كيباكي ورايلا أودينجا ينص علي بقاء الأول في منصب الرئيس رغم الاتهامات التي وجهت إليه بالتزوير، علي أن يتولي الثاني رئاسة الحكومة .
وتنافس علي الفوز في الانتخابات الرئاسية الكينية ثمانية مرشحين، من بينهم أمراة، حيث يعد رئيس الوزراء الحالي رايلا أودينجا ونائبه أوهورو كينياتا وزير المالية سابق وابن أول رئيس لكينيا من أبرز المرشحين.
كينياتا والفوز ووسط ترقب الجميع لنتائج الانتخابات وما ستحمله من آثار ايجابية اوسلبية علي الاستقرار والتنمية في كينيا، كشفت لجنة الانتخابات في كينيا مساء الجمعة عن ان نتائج انتخابات الرئاسة تظهر فوز أوهورو كينياتا على خصمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته رايلا أدوينغا بأكثر من 50% من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات التي جرت الاثنين الماضي. لكن اللجنة أوضحت أن النتائج الرسمية والنهائية ستعلن اليوم السبت.
وأعلنت قناة "الجزيرة" فوز أوهورو كينياتا نائب رئيس الوزراء الكيني على منافسه رئيس الوزراء رايلا اودينجا بأكثر من 50% من الأصوات.
وسيتوقف المشهد في كينيا على مدى قبول النتائج النهائية وما إذا كان سيطعن عليها أمام المحاكم أو الاحتجاج عليها في الشوارع.
وحسب النتائج الكاملة للانتخابات ولكن غير المصادق عليها رسميا، وفق لجنة الانتخابات، حصل كينياتا على ستة ملايين و173 ألفا و433 صوتا من أصل 12 مليونا و338 ألفا و667 صوتا، أي ما يساوي 50.03% من الأصوات، وهو ما يزيد قليلا جدا عن الأكثرية المطلقة المطلوبة للفوز بالرئاسة من الدورة الأولى، وإذا أعلنت هذه النتائج رسميا ونهائيا فإنها ستجنب المرشحين الدخول في جولة إعادة ثانية في أبريل/نيسان المقبل.
وكانت اللجنة أعلنت في وقت سابق من مساء الجمعة أن النتيجة النهائية للانتخابات ستعلن صباح السبت قرابة الساعة 11:00 بالتوقيت المحلي (08:00 غرينتش)، ولكن مسئولين في اللجنة واصلوا خلال المساء إعلان نتائج فرز الأصوات في آخر الدوائر الانتخابية التي لم تكن نتيجتها قد أعلنت بعد، لتكتمل بذلك نتائج الدوائر ال291 بأسرها ويظهر فوز كينياتا نائب رئيس الحكومة المنتهية ولايتها.
وحسب النتائج نفسها حصل منافسه الأبرز رئيس الوزراء المنتهية ولايته أودينغا على خمسة ملايين و340 ألفا و546 صوتا أي 43.28% من الأصوات.
وكانت خسارة أودينغا الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول 2007 أغرقت البلاد في حمام دم استمر أسابيع وحصد أكثر من ألف قتيل وأسفر أيضا عن أكثر من 600 ألف نازح.
ولم يترشح للانتخابات هذه المرة الرئيس المنتهية ولايته مواي كيباكي (81 سنة) الذي فاز حينها بفارق ضئيل على رايلا أودينغا (68 سنة).
وبرز أوهورو كينياتا (51 سنة) في الانتخابات السابقة من خلال تأييد مواي كيباكي. ووجهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى كينياتا للاشتباه بتورطه في جرائم ضد الإنسانية ومجازر قبل خمس سنوات، وهي اتهامات ينفيها نفيا قاطعا.
اخفاق شقيق أوباما وكان من المشاركين في الانتخابات أيضا مالك أوباما الأخ غير الشقيق للرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أخفق بشكل بائس في سعيه الانتخابي ليصبح حاكماً في غرب كينيا حيث أظهرت النتائج حصوله على واحد في المئة فقط من أصوات الناخبين في دائرته. وحصل المحاسب الكيني (54 عاماً) الذي خاض الانتخابات مستقلاً على 694 صوتاً فقط في سباق أدلى فيه أكثر من 55 ألف ناخب بأصواتهم في مقاطعة سيايا.
وخاض مالك الانتخابات بحملة عن "التغيير"، مردداً شعارات أخيه الأصغر عن الأمل والتغيير في الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2008. وقال مالك إن المرة الأخيرة التي تحدث فيها مع أخيه كانت في أعقاب الانتخابات الأمريكية عندما تعهد الأخير بزيارة كينيا في حال كانت الانتخابات نزيهة وشفافة. وشعر كثير من الكينيين بخيبة أمل لعدم زيارة الرئيس الأمريكي بلادهم خلال فترة ولايته الأولى. وفي العام 2009، كانت أول رحلة يقوم بها أوباما إلى إفريقيا حيث زار غانا. يشار إلى أن آخر مرة زار فيها باراك أوباما كينيا كانت في العام 2006 عندما كان سيناتوراً.
أودينجا يطعن وبعد هذه النتائج أعلن مستشار رئيس الوزراء الكيني، رايلا أودينجا اليوم السبت، إن أودينغا لن يعترف بانتخابات الرئاسة التي جرت في الأسبوع الماضي وأنه سيقدم طعنا قانونيا إذا أعلن رسميا فوز منافسه أوهورو كينياتا بمنصب الرئيس.
وقال معسكر أودينجا خلال فرز الأصوات إنه "وقعت عيوب كثيرة في عملية الفرز ودعا إلى وقفها".
وأضاف سالم لوني مستشار مقرب من أودينجا "انه لا يعترف بالانتخابات. إذا أعلن أن أوهورو كينياتا هو الرئيس المنتخب فإنه سيلجأ للقضاء فورا".
وكانت خسارة أودينجا الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2007 أغرقت البلاد في حمام دم استمر أسابيع، وحصد أكثر من ألف قتيل، وأسفر أيضا عن أكثر من 600 ألف نازح.
وسيشكل فوز كينياتا معضلة للمانحين الغربيين الكبار، لأنه من المقرر أن يحاكم في لاهاي بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بأحداث العنف التي أعقبت الانتخابات الماضية عام 2007 .
تكنولوجيا جديدة وخلال هذه الانتخابات استعانت كينيا بتكنولوجيا جديدة في محاولة لضمان شفافية الانتخابات الرئاسية لتثبت أن البلاد قادرة على إعادة صورتها بعد انتخابات عام 2007 .
وكان مراقبون مستقلون يتحدثون بشكل منتظم عن مخالفات انتخابية مثل حشو صناديق الاقتراع وغيرها من المخالفات في الانتخابات، لكن سباق عام 2007 كان الأكثر دموية مع سقوط أكثر من 1200 قتيل في معارك بين أنصار مرشحين خصمين. ولا يمكن لكينيا تحمل تكرار للأزمة التي دفعت بأكبر اقتصاد في شرق افريقيا إلى حالة من الجمود وأحدثت تلفيات في مسارات التجارة إلى الدول المجاورة. وتساور دول غربية مانحة القلق بشأن استقرار الحليف الإقليمي في معركته مع متشدين إسلاميين.
ويعتمد هذا النظام على انه بمجرد فرز الأصوات سيجري بث النتائج من كل لجنة اقتراع الكترونيا إلى لجنة الانتخابات المركزية إلى جانب عرضها علانية. ويهدف النظام الجديد المماثل للنظام الذي تم العمل به في غانا عام 2012 إلى القضاء على الأخطاء ومنع الاتهامات بالتلاعب في الأصوات. وقالت اللجنة المركزية للانتخابات إن التصويت سيظل على بطاقات الاقتراع الورقية لكن التعرف على هوية الناخبين سيكون الكترونيا.
وقال ديسماس أونجوندي مدير الإعلام وتكنولوجيا الاتصالات في اللجنة المركزية للانتخابات "وضعنا عددا كبيرا من أشكال الرقابة للتأكد من عدم تكرار ما كان يحدث سابقا."
أحداث 2007 بعد انتخابات كينيا في 2007 طالب نشطاء تابعين لمنظمات المجتمع المدني لجورج سوروس بالانقلاب على نتيجة الانتخابات.
واندلعت اعمال العنف والفوضى في البلاد مؤدية لمقتل اكثر من الف شخص وتشريد 350 الف من منازلهم وتعرض الآلاف للإصابات والتعذيب والاغتصاب.
وتمثلت استراتيجية التغيير لجورج سوروس المكونة في خمس نقاط هي : 1. توغل نشطاء المجتمع المدني داخل البلد المستهدف تحت غطاء المنظمات الغير ربحية والمساعدات الانسانية (توغل الطابور الخامس). 2. السيطرة على وسائل الاعلام داخل البلد من خلال وسائل الاعلام المستقلة بتمويل من جورج سوروس. 3. زعزعة استقرار البلد المستهدف من خلال التلاعبات الاقتصادية و التحريض السياسي. 4. انتظار الانتخابات ثم اتهام النظام بتزويرها. 5. الانتشار في الشوارع بميليشيات مسلحة تم تدريبها و تمويلها في معسكرات منظمات المجتمع المدني مطالبين بالانقلاب على نتائج الانتخابات.
وبدأ سوروس فعاليات التغيير في كينيا منذ عام 2004 اطلق رسميا في 2005 مبادرة المجتمع المفتوح لشرق افريقيا (OSIEA) و مقرها في نيروبي و ميزانية قدرها 1.1 مليون دولار.
وكان الهدف الرئيسي من هذه المبادرة في شرق أفريقيا "تعزيز المشاركة الشعبية في الحكم الديمقراطي" و "تهيئة الظروف لإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة وغير عنيفة في كينيا عام 2007"، و ذلك بحسب التصريحات الرسمية.
وبالفعل بدأت منظمات سوروس في تعبئة الشباب للعمل السياسي تحت هذه المنظمات و تم إنشاء ما سمي بالاعلام المستقل.
وتم استقطاب آلاف من الشباب للانضمام لأهداف تلك المنظمات و تدريبهم و في نفس الوقت قام سوروس بتمويل محطة راديو شبابية تسمى "كوش اف ام" و كانت هذه القناة تبث في اكثر الاحياء الفقيرة و العنيفة في نيروبي و كانت تبث الموسيقى العنيفة مع التدريب على تقنيات المشاركة السياسية. و كان من المتوقع ان تصل المحطة لاكثر من مليون نيروبي.
بالفعل مثلت الأحياء الفقيرة في نيروبي المركز الرئيسي لاحداث العنف التي تلت انتخابات سبتمبر 2007 حيث اشتبك النشطاء بالشرطة في حرب شوارع.
وكانت تدور الانتخابات بين الرئيس مواي كيباكي ضد منافسه رايلا أودنجا قائد حركة أورانج الديمقراطية (ODM) حيث سميت بذلك تيمنا بالثورة البرتقالية في أوكرانيا حيث استولى فيكتور يوشينكو على السلطة في اوكرانيا بعد اتهام الانتخابات بالتزوير و نزول حركات المعارضة للشوارع.
وفي ديسمبر 2007 تم الابلاغ عن حدوث مخالفات انتخابية من كلا الجانبية وادعى كيباكي أن نسبة من فرز الاصوات مشكوك فيها و طعن اودنجا في نتيجة الانتخابات. وخلف فوز كيباكي كانت تقف مجموعة أيضا من النشطاء الكينيين والتي سميت فيما بعد "الكينين من أجل السلام، الحقيقة و العدالة" (KPTJ) وأحد النشطاء في هذه الحركة يسمى شيالجا باتل Shailja Patel كتب فيما بعد وراء الكواليس كانت تقف منظمات المجتمع المدني لجورج سوروس خلف هذه الحركة ايضا "الكينيين من اجل السلام، الحقيقة و العدالة".
و في خلال ساعات بعد الانتخابات أصدرت حركة KPTJ بيانا تندد فيه بالعملية الانتخابية و ناشدت المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بالرئيس كيباكي، و كان فريق العمل المباشر في الحركة يلتقي يوميا في تحد للحظر الحكومي على الجمعية العامة ملتقين بعدة فئات من المجتمع في طول البلاد و عرضها لتحويل غضبهم الى رد فعل. ولسوء الحظ اختار الكينيين في توجيه غضبهم أعمال عنف مروعة المستندات المقدمة من قبل المحكمة الدولة لاحظت أن هذه الهجمات ضد السكان المدنيين في كينيا كانت واسعة النطاق و منهجية و تمت من جانب اعضاء في كلا حركتي المعارضة "حركة اورانج الديمقراطية" الداعمة لاودنجا و حركة "الكينيين من اجل السلام و الحقيقة و العادلة" الداعمة لكيباكي حيث كلا الحركتين يمولهما منظمات المجتمع المدني لجورج سوروس.
وأوضحت مستندات المحكمة الدولية أن القيادات السياسية قامت بتجنيد عصابات من الشباب والميليشيات لنشر الفوضى و الرعب و القتل و تدمير الممتلكات العامة. و في شهرين من الفوضى التي عمت كينيا بعد الانتخابات قتل نحو 1100 شخص جرح 3561 واغتصبت مئات النساء وتم تعذيب مئات الاشخاص وتم طرد حوالي 350,000 من منازلهم.