- الجلاد: عبقرية الشعب يقابلها تآمر من السلطة - شلبي: رفعت بطل محاكمة مبارك تحمل ما لا يطيقه بشر
كتبت - سميرة سليمان
أكد رئيس تحرير صحيفة "الوطن" والإعلامي مجدي الجلاد أنه لا يجوز أن نستعمل لفظ "فلول" في مصر، لأنه إذا استخدم بشكل صحيح سيكون "مرسي" هو زعيم الفلول في مصر، فقد اعترف قبل الثورة بشهرين أنه يلتقي برموز نظام مبارك مثل زكريا عزمي وسامح فهمي وغيرهما، ويتم التنسيق بين الجماعة وبين رموز مبارك للاتفاق على دوائر بعينها، حيث وصف مرسي رموز نظام مبارك بأنهم "رموز وطنية محترمة"!.
جاء ذلك خلال حفل توقيع كتاب "محاكمة القرن.. أسرار ووثائق محاكمة مبارك" للكاتب الصحفى أحمد شلبى، الذي أقامته دار "نهضة مصر" أمس الاثنين.
وفي كلمته انتقد الجلاد النخبة المصرية، قائلاً أن هناك فجوة بين حركة المواطن الحر الذي صنع الثورة، وبين التوظيف السياسي لها، وذلك بسبب عدم وجود نخبة حاكمة تدير الدولة، سواء كانت هذه النخبة معارضة أو منظمات مجتمع أهلي أو غيره، فالشعب تحرك وقام بثورة وأطاح بنظام مبارك، ودائماً الفعل بحاجة إلى طاقة تستوعبه، ولوجود نخبة فاسدة، أدى هذا لاستغلال الثورة لعقد صفقات على حساب مصر.
يتابع: عبقرية الشعب في القيام بثورة يقابلها ذكاء خارق في التآمر على مصر، مؤكداً ان الشعب المصري لم يخطئ في اختياراته لكن هناك خمسة اطراف رئيسية استطاعت تحريك الأمور في مصر هم تيار الإسلام السياسي، والمجلس العسكري، والنخبة المعارضة التي شهدت ما حدث في الغرف المغلقة لكنها كتمت شهادتها لكي تحصل على مكاسب، ودول المنطقة العربية، ثم أمريكا.
واعتبر الجلاد أن خروج نخبة جديدة من رحم الثورة هي القادرة على إنقاذ الثورة، فما حدث هو أن الشعب فعل إنجاز ولم يجد من يتسلم هذا الإنجاز، وكانت النتيجة أن تسلمه "الخفافيش"؛ مؤكداً أن مستقبل مصر مرهون بحركة الشارع في مواجهة سلطة متآمرة على حد قوله. منتقداً جبهة الإنقاذ إن لم تستطع ان تكون قوة فاعلة في مصر قادرة على قيادة تيار شعبي في الشارع قائلاً: "فلتذهب جبهة الإنقاذ إى الجحيم إن لم تفعل ذلك". لأن ترك الشارع غاضب ومنفعل دون قيادة خطر على مصر.
ورغم أن التاريخ يقول أن حركة الشارع التي لا تقودها نخبة تأتي بنتائج سلبية، إلا أن الجلاد يعرب عن تفاؤله بالقادم قائلاً أن مصدر هذا الاستبشار هو أن التيار الذي اختطف السلطة في مصر – يقصد التيار الإسلامي – يحمل عوامل فناءه بداخله، بالإضافة إلى وجود تيار رئيسي من الشباب لن يترك البلد.
امتدح الجلاد موهبة صاحب الكتاب أحمد شلبي، معتبراً أن أهم ما يميز كتابه فضلاً عن كونه توثيق وتأريخ لمرحلة مهمة من تاريخ مصر، إلا أنه يتميز بالمهنية والأمانة، كما أن شلبي يتمتع برؤية نقدية مميزة لمحاكمة مبارك؛ هذا انعكس على الكتاب.
ورأى الجلاد ان أهمية الكتاب تنبع كذلك من كوننا نفتقد إلى التوثيق العلمي والمهني وفي فترة هي الأخطر في تاريخ مصر الحديث – أقصد فترة بعد الثورة – واعتبر الجلاد أن الكتاب يبرز أن دولة مبارك استمرت بعد سقوط نظامه أيضاً، ومقدمة المؤلف، والمقدمة التي كتبتها نهاد أبو القمصان وهي أحد أعضاء المدعين بالحق المدني تؤكد هذا.
وتابع قائلاً أن محاكمة مبارك دليل على ضعف الدولة المصرية ومؤسساتها بالكامل، فهي إدانة واضحة وحقيقية لأجهزة الدولة بعد الثورة، لأن جميعها كان يدرك أ محاكمة مبارك ورموز نظامه؛ إذا تمت بشكل صحيح فهي تعد غدانة ومحاكمة لكل اجهزة الدولة ومؤسساتها، لذلك تم تعمية المحكمة عن كل أدلة القضية، وكل حرف في الكتاب يكشف أن محاكمة مبارك كانت "تمثيلية كبيرة"، وأولى هذه الأدلة هي أن النيابة كانت تبحث عن الأدلة بنفسها وهو ما يؤكد أن محاكمة مبارك لم تكتمل بعد.
وأوصى الجلاد دار النشر وصاحب الكتاب بضرورة أن يكون للإصدار جزء ثان، لأن المحاكمة لم تنته وليكون الجزء الثاني بداية لتأريخ دقيق لما يحدث في مصر الآن، مؤكداً أننا سنكتشف محاور وزوايا أخرى في المحاكمة المقبلة تختلف عن سابقتها.
وعن رده على تساؤل الكاتبة الصحفية ومدير نشر الدار نشوى الحوفي عن توقعاته لمحاكمة مبارك القادمة، قال الجلاد أن أمام القضاء مشكلة أساسية تتعلق في ان النظام الحالي بقيادة محمد مرسي يواجه نفس أدلة إدانة مبارك، على المستوى القانوني سيطالب فريق الدفاع عن مبارك أن يتم معاملته بالمثل، إما ان يحصل على البراءة أو أن يدان الرئيس مرسي.
واعتبر الجلاد أن المهمة الأساسية التي ينبغي أن تنشغل بها كل أجهزة التحقيق الشريفة في مصر، أن تجيب على سؤال مهم هو من قتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير، فقد انصرف الجميع عن الإجابة عن هذا السؤال المفتاح في المحاكمة الثانية.
وصف الجلاد ما يحدث في مصر بعد الثورة انه بداية، لكن أكثر ما يؤرقنا كمصريين كما يقول هو أن يكون اندلاع الثورة ليس بأيدينا وحدنا، فالشعب ينصب الرئيس ظاهرياً لكن أسوأ ما يمكن أن يواجهه شعب برأي الجلاد هو أن يكون مفعولاً به في كثير من ملفاته الداخلية.
من جانبه اعتبر صاحب الكتاب الصحفي أحمد شلبي أن البطل الحقيقى فى محاكمة مبارك هو القاضى أحمد رفعت، الذى وصفه بأنه تَحمل ما لم يتحمله بشر، وواجه ضغوطاً وتهديدات كبيرة، وأنه فى إحدى جلسات المحاكمة التي امتدت حتى الساعة 11 مساء، كان صائماً ولم يرد إيقاف المحاكمة.
يواصل: رغم تأكدي من إدانة مبارك، سواء شارك في قتل المتظاهرين أو سمح للآخرين بقتلهم إلا ان دفع فريد الديب محامي مبارك ببعض الدفوع القانونية جعلني أشعر أن القضية إذا لم تكن سياسية سيحصل مبارك على البراءة، لتأكدي أنه لن يحصل على الإعدام بحكم سنه، لكنني في النهاية تأكدت أنه بالضرورة سيحصل على أقصى عقوبة ممكنة دون الإعدام.
وروى شلبي أنه حاول مرتين إجراء حوار مع الرئيس المخلوع مبارك، مرة قبل الثورة وبالفعل أرسل طلب إلى مؤسسة الرسالة، لكن الرد جاءه بالرفض دن إبداء أسباب، المرة الثانية بعد الثورة حين حاول مقابلته في شرم الشيخ لكن الأمن منعه، وحكى عن شعوره حين رأى مبارك لأول مرة في قفص المحاكمة وجهاً لوجه معتبراً أن مبارك في المرة الثالثة هو الذي أتى إليه وليس العكس!.
وأكد شلبي أن الهدف من كتابه أيضاً فضلاً عن تأريخ وتوثيق محاكمة مبارك، هو أن يكون عبرة وعظة لأي حاكم مستقبلي يقرأ عن محاكمة المصريين لرئيسهم، وهنا تدخل الجلاد قائلاً: "إذا كان من رأى لم يتعظ – يقصد الرئيس الحالي د.محمد مرسي – فهل سيتعظ من يقرأ؟".
تابع صاحب الكتاب قائلاً أن إصداره يضم ذكرياته الشخصية مع المحاكمة، وتسجيله لبعض اللقطات الدالة على أن مصر لم تتغير بعد الثورة، فأمن الدولة كما هو، والمجلس العسكري ونظام مرسي لا يختلفون كثيراً عن نظام مبارك، على حد قوله.
يذكر أن الكتاب يحتوي على وثائق رسمية وصور فوتوغرافية وسوم توضيحية تخص محاكمة الرئيس السابق وابنيه ووزير داخليته حبيب العادلي ومعاونيه .. ويغلب علي الكتاب الطابع الوثائقي .