"لن أنتظر شاليط آخر لأنال حريتي ، بموجب صفقة لا يحترم بنودها المحتل، سأنتزعها بالإضراب عن الطعام" بهذه الكلمات لخص سامر العيساوي الأسير المضرب عن الطعام منذ أكثر من مائتي يوم حكايته مع البحث عن الحرية، فقد أضرب عن الطعام ثم المياه في سبيل الإفراج عنه، كونه أحد محرري صفقة وفاء الأحرار، وقد أعاد الاحتلال اعتقاله بعد مرور أقل من عام على الإفراج عنه. وهذا الحال لا يقف عند العيساوي فقط ، فالأسير أيمن الشراونة دخل أيضا في إضراب مفتوح عن الطعام قبل العيساوي، فيما يعيش الأسيران في موت حقيقي بعد تلف في الخلايا الدماغية , وعدد من أعضاء جسدهما.
ومن الأسرى المضربين أيضا كل من طارق عقدان وجعفر عز الدين من جنين، اعتقلا إدارياً في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني ،2012 وهما مضربان عن الطعام منذ 27 من الشهر نفسه، أي منذ 78 يوماً، ويقبعان في عيادة سجن الرملة.
ورغم أنه قد يضع حداً لحياتهم، أو يعرّضهم إلى الإصابة بحالات شلل دائمة، لا سيّما بعد التدهوّر الملحوظ في حالتهم الصحية ، إلا أن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال لا يجدون سوى الاضراب كنوع من الاحتجاج على سياسة الاعتقال الإداري وتأجيل المحاكمات، حيث رفعوا مؤخراً شعار "الإضراب حتى الموت أو الحرية".
ونقل المحامون عن العيساوي والشراونة وبقية المضربين عن الطعام، إصرارهم على المضي في هذا الخيار "حتى الموت أول الحرية"، معتبرين أن "الموت أفضل من حالة الموت البطيء التي يعيشونها، والإذلال المتعمّد لهم في السجون الإسرائيلية.
قانون الانتقام وتتيح المادة 186 من القانون الإسرائيلي إعادة محاكمة من أفرج عنهم في صفقة "الوفاء للأحرار"، وإعادة الأحكام السابقة لهم .
وقد استنكر مركز "أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان" القانون الإسرائيلي ، وقال فؤاد الخفش مدير المركز إن إسرائيل وبعد النجاح الذي حقق للمقاومة في إطلاق سراح أسرى من ذوي الأحكام العالية تريد أن تفرغ هذا الإنجاز من محتواه ، والانتقام ممن تمّ الإفراج عنهم من خلال قانون عسكري.
وطالب الخفش المؤسسات الحقوقية والدولية بضرورة العمل على محاربة هذا القانون المخالف للمنطق والذي يعرض الأسرى المحررين لخطر حقيقي إزاء أي مخالفة قد ترتكب، موضحا أن القانون ذو طبيعة عسكرية وهدفه إعادة إعتقال الأسرى مرة أخرى.
وذكر المركز الحقوقي "أحرار"، في بيان له أن حماس والمصريين مطالبون بموقف واضح يتمثل في كشف تفاصيل الاتفاق للعلن، وعدم السماح بمساس هيبة مصر والمقاومة من خلال القانون الجديد.
وقال فؤاد الخفش إن 14 أسيراً قد أعيد اعتقالهم بعد الصفقة، أبرزهم أيمن الشراونة وسامر العيساوي وإبراهيم الحجلة وإياد أبو فنون وأيمن أبو داود من الصفقة الأولى، والبقية من المفرج عنهم بالصفقة الثانية ومن بينهم منى قعدان وفتى دون الثامنة عشر من عمره.
وقالت حركة حماس إن إسرائيل "ستندم" على قرارها السري بخصوص بنود صفقة تبادل الأسرى، والقائم على إمكانية اعتقال أحد الأسرى المحررين ضمن صفقة التبادل.
وقال الناطق باسم الحركة، سامي أبو زهري، في تصريح مقتضب "إن القرار يعد انتهاكًا واضحًا لبنود الصفقة المبرمة برعاية مصرية"، داعيًا الاحتلال إلى التراجع الفوري عنه. وشدد أبو زهري على "أن الاحتلال سيندم إذا ما أصرّ على قراره".
وذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية أن الاعتقال جاء بموجب تدابير سرية تتيح إعادة الأسير المفرج عنه قبل انتهاء مدة محكوميته إلى السجن.
ولم تقتصر اسرائيل على اضطهاد الاسرى فقط فقد قام الاحتلال باقتحام منزل الاسير العيساوي في حي العيساوية في القدسالشرقيةالمحتلة واعتقلت أخاه. وصرحت شيرين العيساوي "في الساعة الثانية ونصف (00.30 تج) فجرا من يوم الأحد، اقتحموا بيتنا بدون أمر تفتيش أو اعتقال، واحتجزونا في غرفة واحدة، وقام خمسة رجال بمهاجمة شادي وأخذوه".
وأضافت "لم يسمح للمحامين بزيارته وعرض على المحكمة في جلسة سرية، والتي قامت بتمديد اعتقاله لأربعة أيام". من جهتها، قالت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا سمري "أستطيع أن أؤكد أنه تم اعتقاله" دون إعطاء المزيد من التفاصيل. وفي تطور منفصل، أشارت العيساوي إلى أن محكمة الصلح في القدس ستنظر اليوم الثلاثاء في قضية أخيها المضرب عن الطعام. وأوضحت انها ستكون هنالك جلسة محكمة لسامر، مشيرة إلى أن موعد الجلسة مفاجئ، حيث كان من المفترض أن تعقد في 14 من مارس المقبل.
تدويل القضية في ظل ما يتعرض له له الاسرى من إجراءات تعسفية وحرمان من الحقوق الأساسية ، دعت منظمة التعاون الإسلامي الأحد إلى ضرورة "تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين" في السجون الإسرائيلية، وفضح سياسة إسرائيل العنصرية وانتهاكها لمبادئ حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف.
وأعرب الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو عن بالغ قلقه إزاء أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أنه يتابع أوضاع الأسرى المضربين عن الطعام عن كثب، وشدد على تأييده لمطالبهم المشروعة .
أوغلو طالب المجتمع الدولي بمواصلة الضغط على إسرائيل لحملها على الالتزام بأحكام القانون الدولي والإنساني ، وطالب في الوقت نفسه المجتمع الدولي بمواصلة الضغط على إسرائيل لحملها على الالتزام بأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وكانت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون قد أعربت أمس السبت عن قلقها من الأنباء الواردة حول سوء الحالة الصحية للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين يواصلون إضرابهم عن الطعام. كما أعربت فرنسا عن قلقها البالغ إزاء وضع السجناء الفلسطينيين المضربين عن الطعام. وقال فيليب لاليو المتحدث الرسمى باسم الخارجية الفرنسية فى مؤتمر صحفى أمس الاثنين :"إن بلاده تشعر بقلق بالغ حيال وضع هؤلاء السجناء الفلسطينيين لاسيما اولئك الذين يخضعون للاعتقال الادارى فى اسرائيل حيث تدهورت حالتهم الصحية خلال الأيام الأخيرة".
وأضاف لاليو، أن باريس تدعو السلطات الاسرائيلية، ومن الناحية الانسانية ، إلى أن تكون على دراية بالمخاطر التى تنتج عن تلك المأساة وأن تتخذ التدابير العاجلة فى هذا الاتجاه. وذكر الدبلوماسى الفرنسي، أن بلاده دعت مرارا، سواء على المستوى الوطنى أو فى إطار الاتحاد الأوروبى، السلطات الإسرائيلية إلى احترام التزاماتها الدولية فيما يتعلق بالمعتقلين الفلسطينيين..مشيرا إلى أن فرسا ستواصل ذلك.
وشدد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية على أن بلاده تذكر دائما أن "الإعتقال الإدارى يجب أن يكون اجراء استثنائي لمدة محدودة ويتم تنفيذه وفقا للضمانات الأساسية، ولا سيما حقوق الدفاع عن المعتقلين والحق في محاكمة عادلة في غضون فترة زمنية معقولة".
موت الضمير وفي السياق، قال الباحث المختص بشئون الأسرى عبد الناصر فروانة، إن وصول الأسرى للإضراب عن الطعام لأكثر من 200 يوم يظهر موت الضمير العالمي، والخلل الذاتي الفلسطيني الذي يجب أن يكون القرار لديه موحّداً وقوياً.
وأضاف الفراونة :"في تقديري الخطوات مازالت لليوم ليست على قدر المسؤولية، ولا بد من هبّة جماهيرية شاملة في الوطن وداخل السجون يشارك فيها الجميع لنصرة الأسرى وإنقاذ حياتهم من الموت، ويجب أن تدرك إسرائيل أن تدهور حالة الأسرى والمماطلة فيها سيهدّد أمنها، لأن الشعب إذا انفجر من سيوقفه".
ورأى أن "العالم لا يتحرّك إلا بشكل تقليدي غير جدي، إلا عندما يجد أن الأمر خرج عن السيطرة فيُجبر لوضع حد لذلك"، مشدداً على أن “هذه المعادلة لن تتحقق إلا بالحراك العام لإجبار العالم على إيقاف إسرائيل.
اتهام بالتواطؤ هذا وقد فاجأ نشطاء فلسطينيون موظفي مقر الأممالمتحدةبرام الله صباح أمس الاثنين باحتجاج حاولوا خلاله إغلاق المقر، غير أن الشرطة الفلسطينية حالت دون ذلك. واتهم المحتجون المنظمة الدولية بالتقاعس عن دعم مطالب الأسرى الفلسطينيين المضربين بالإفراج عنهم.
وتجمع عدد من النشطاء أمام المقر الذي شهد تعزيزات أمنية فلسطينية، وحملوا لافتات تدعو إلى إغلاق مقر الأممالمتحدة والمؤسسات الدولية بسبب "تواطؤها في قتل الأسرى الفلسطينيين"، مما حدا بموظفي المقر إلى مغادرته بعد الالتحاق بدوامهم.
ودعا المحتجون المفوض السامي للأمم المتحدة بالتدخل العاجل لإنقاذ حياة أربعة أسرى فلسطينيين محتجزين لدى إسرائيل، مضربين عن الطعام منذ فترات طويلة، تتحدث كافة التقارير عن تدهور خطير في أوضاعهم الصحية.
وحذر نشطاء أمام مقر الأممالمتحدة من أن استشهاد أحد الأسرى المضربين سيتسبب في موجة غضب عارمة في الشارع الفلسطيني، وقالوا "لن نقف مكتوفي الأيدي وهذه رسالة للمجتمع الدولي قبل إسرائيل".
وقال الناشط محمود عاصي ل"الجزيرة نت" إن الأسرى المضربين في حالة صحية حرجة، وعلى الأممالمتحدة عدم الاكتفاء بالإدانة والتعبير عن القلق بل العمل الفعلي للإفراج عنهم. واعتبر الأسير المحرر بلال ذياب، الذي خاض إضرابا عن الطعام العام الماضي لمدة 77 يوما، الاحتجاج أمام مقر الأممالمتحدة خطوة مساندة لإضراب الشيخ خضر عدنان في مقر الصليب الأحمر برام الله منذ أسبوع.
كما خرجت مدن الضفة الغربية ظهر الاثنين في فعاليات ومسيرات تضامنية واسعة مع الأسرى أطلق عليها "غضب الأحرار" وشاركت فيها مختلف القطاعات الرسمية والشعبية والفصائل وأهالي الأسر.
وأطلق آلاف الفلسطينيين -الذين أعلن بعضهم صومه تضامنا مع الأسرى- دعوات طالبوا فيها القيادة الفلسطينية بالضغط على الاحتلال عبر كافة الوسائل للإفراج عن الأسرى وفضح ممارساته بحقهم لا سيما المضربين عن الطعام الذين بدأت أوضاعهم الصحية تتدهور بشكل كبير.
اتصالات هذا وقد أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الليلة الماضية، أن مصر تجري اتصالات مكثفة مع إسرائيل لإنهاء قضية الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وعلى رأسهم المحرران في صفقة التبادل المعاد اعتقالهما سامر العيساوي وأيمن الشراونة.
وذكرت إذاعة صوت إسرائيل، أن وزير شئون الأسرى في الحكومة الفلسطينية عيسى قراقع نفى الأنباء الخاصة بوجود اتفاق على إبعاد الأسرى المضربين عن الطعام إلى قطاع غزة رافضًا هذا الحل أساسًا -على حد قول الإذاعة-. وكان عيسى قراقع قد تحدث الأحد عن تحركات حاسمة باتجاه حل أزمة الأسرى المضربين ، وقال :"إن على إسرائيل أن تختار إما أن تقترف جريمة علنية أو أن تفرج عن الأسرى"، منوها إلى اتصالات سريعة يجريها الرئيس والقيادة الفلسطينية على مستويات عربية ودولية.
وتشير آخر إحصائية رسمية صدرت عن مركز الإعلام والمعلومات الوطني الفلسطيني إلى أن عدد الأسرى الفلسطينيين والعرب بالسجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ ثمانية آلاف أسير، مقارنة ب1500 فقط قبيل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ومن بين هؤلاء الأسرى 240 طفلا و73 امرأة وفتاة.
ويتوزع الأسرى على 22 سجنا ومعتقلا إسرائيليا داخل وخارج الخط الأخضر، وقد سجلت جمعيات حقوق الإنسان وفاة 103 أسرى جراء التعذيب.