يبدو أن لبنان أصبحت كلمة السر لاغتيال الإيرانيين، حيث نجا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من محاولة اغتيال في لبنان 2010، لكن الحظ لم يحالف المهندس حسام خوش نويس رئيس الهيئة الإيرانية لإعادة الأعمار في لبنان، و الممثل الشخصي عن الرئيس نجاد فقد تم اغتياله على أيدي مجهولون مساء أمس الأربعاء. وكان "نويس" يرأس الهيئة التي تم تأسيسها بعد حرب يوليو 2006 بين إسرائيل وحزب الله، حسبما أعلنت السفارة الإيرانية في بيروت. وقالت السفارة إن "نويس"، المقيم منذ 7 سنوات في لبنان، كان عائداً عبر الطريق الدولية من دمشق إلى بيروت، فاغتيل "على يد المجموعات الإرهابية المسلحة"، طبقاً للوارد في البيان، الذي أعلن أن السفير الإيراني لدى لبنان، غضنفر ركن أبدي، سيكون في مقدمة المتقبلين للتعازي اليوم الخميس، في مقر السفارة بمنطقة بئر حسن.
وبحسب "العربية . نت" قال مصدر مطلع في بيروت فجر الخميس :"إن نويس الذي تم نقل جثته إلى دبي عبر مطار بيروت ليتم نقلها إلى طهران ليدفن فيها، حيث كان برفقة اثنين من اللبنانيين حين فاجأتهما مجموعة مسلحة بوابل من الرصاص الحي فقتلا معه" - طبقاً للمصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه.
وقالت مواقع إخبارية إيرانية إن الرجل الذي تم اغتياله في لبنان كان قد وصل صباح الثلاثاء، إلى أحد المطارات في سوريا قادماً من طهران، ثم ركب السيارة إلى بيروت، وأن اسمه الحقيقي هو "الجنرال حسن شاطري"، وأن اسم حسام نويس "مستعار".
أخر لقاء وأكدت تلك المواقع أن الجنرال قاسم سليماني، قائد قوات القدس في الحرس الثوري، زار عائلة القتيل في إيران وقدم لها تعازيه، وأن دفنه سيتم، الخميس، فيما أوضحت وكالة "أسوشيتدبرس" أيضاً أن قتله تم قبل وصوله إلى الحدود اللبنانية، أي داخل الأراضي السورية.
وأفادت مصادر عليمة لصحيفة "النهار" اللبنانية بأن آخر لقاءات أجراها رئيس الهيئة الإيرانية العامة لإعادة الأعمار في لبنان، حسام خوش نويس، الملقب ب "حسن شاطري" قبل مقتله في دمشق، كانت مع مسئولين فلسطينيين في مخيم اليرموك القريب من العاصمة السورية.
وذكرت أن محور اللقاءات كان البحث في دعم الهيئة التي يرأسها لعملية إعادة بناء مركز صحي كبير وتأهيله داخل المخيم تضرر بفعل الاشتباكات التي شهدها في الأسابيع القليلة الماضية.
وذكرت المصادر أيضاً أن خوش نويس وصل إلى لبنان بعد أيام قليلة من انتهاء عدوان تموز 2006، وأشرف منذ ذلك الحين على كل مشاريع إعادة الأعمار في الجنوب التي نفذتها الهيئة التي يرأسها.
تنديد واتهام وفي ذات السياق ندد حزب التوحيد العربي بأقصى العبارات "لجريمة اغتيال رئيس الهيئة الإيرانية لإعادة الأعمار في لبنان المهندس حسام خوش نويس أثناء عودته من دمشق إلى بيروت على يد المجموعات الإرهابية المسلّحة"، وفق ما جاء في بيان لحزب.
كما وصف اغتيال نويس "بالعمل الجبان الذي يحاول نشر ثقافة القتل والإرهاب والأفكار التّكفيريّة المنحرفة عن الإسلام والقران".
وعلى جانب أخر اتهم مسئول العلاقات العامة بالحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف اليوم من وصفهم ب"عملاء الكيان الإسرائيلي" بقتل رئيس هيئة الأعمار الإيرانية في لبنان.
ونعى شريف في تصريح لوكالة أنباء "فارس"، نويس الملقب ب "حسن شاطري"، وقال: إنه قتل على يد "عملاء وحماة الكيان الاسرائيلي عندما كان يسلك طريق دمشقبيروت"، مؤكداً أنه "مما لا شك فيه أن مثل هذه الأعمال الخبيثة لن تجدي هؤلاء العملاء نفعاً". وأضاف: "ان العميد شاطري كان في مهمة لإسراع تنفيذ المشاريع الإعمارية في لبنان".
وأشارت صحيفة السفير اللبنانية في عددها الصادر اليوم، إلى أن "شاطري کان في سوريا، وتحديداً في مدينة حلب، لدراسة مشاريع لإعادة أعمار المدينة التي تعرضت لدمار بسبب المواجهات بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة".
وأوضحت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، أن "مراسم تشييع شاطري ستقام اليوم في منطقة الشهيد محلاتي شمال غرب طهران، ومن ثم سينقل جثمانه إلى مدينة سمنان مسقط رأسه ليواري الثري هناك يوم غد الجمعة".
وأضافت "إرنا": "أن شاطري من المقاتلين الذين شارکوا في الحرب العراقية - الإيرانية، وتولّى رئاسة الهيئة الإيرانية لإعادة أعمار أفغانستان، ومن ثم رئاسة الهيئة الإيرانية لإعادة أعمار جنوب لبنان".
اغتيال نجاد كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد نجا من محاولة اغتيال في 2010م، خلال زيارته إلى لبنان، وذلك بفضل مخابرات الجيش اللبناني التي تمكنت من إحباط المخطط في مهده، ومنعت "حزب الله" من تولي مسئولية الأمن والحماية رغم إصراره الشديد على ذلك. وكشفت صحيفة "السياسة" الكويتية وقتها ، نقلاً عن مصادر وصفتها بأنها مطلعة للغاية على خفايا تنقلات الرئيس الإيراني خلال وجوده في لبنان.
ودللت المصادر على محاولة اغتيال نجاد، بتأخر وصوله إلى "بنت جبيل" لأكثر من ساعتين، حيث أن ذلك مرده تلقيه معلومات، خلال توجه موكبه إلى الجنوب، عن وجود مخطط لاغتياله، فبعد مأدبة الغداء التي أقامها على شرفه رئيس الحكومة سعد الحريري، انطلق الرئيس الإيراني باتجاه الجنوب عن طريق البر، ولم يمر موكبه من منطقتي الجناح والأوزاعي، بل سلك طريق المدينة الرياضية على الأوتوستراد الجديد باتجاه مدينة صيدا.
وبينما كان الموكب يسير بسرعة برفقة مواكب مموهة عدة وبمؤازرة هليكوبتر تابعة للجيش اللبناني، وقبل وصوله إلى "دوحة الحص" التى تبعد عن بيروت بنحو 12 كيلومتراً، تلقى إشارة من مخابرات الجيش بالتوقف والعودة إلى مطار بيروت، على أن تؤمن الحماية له فرق خاصة من الجيش وقوى الأمن حتى دخوله الطريق العسكرية من جهة مدرج المطار.
وأضافت المصادر: بعد تلقيه المعلومات، علم نجاد أن مخابرات الجيش اللبناني اكتشفت تحركات مشبوهة على طول الطريق الساحلي، ولديها دليل على أن أمرًا ما سيحدث، كما تلقى اتصالا من الرئيس ميشال سليمان الذي حضه على الإقلاع عن زيارة الجنوب والتذرع بضيق الوقت.
وفي هذه الأثناء، لم يقتنع "حزب الله" وأمينه العام حسن نصر الله برواية مخابرات الجيش، وسأل ما إذا كان فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي على علم بالموضوع، وأراد أن يأخذ الأمر على عاتقه بعد إقناع نجاد بأن أمنه مسيطر على كل لبنان، وأن نصر الله أعطى شخصيًا توجيهاته بإجراء مسح كامل للخط الساحل. إلا أن الرئيس سليمان، وفقاً للمصادر، تدخل مجددًا وطلب من قائد الجيش العماد جان قهوجي، التوجه فورًا إلى مطار بيروت، حيث أعلن بحزم أن حماية نجاد مسؤولية الدولة اللبنانية، وإذا كان لا بد من زيارة بنت جبيل فلن يكون انتقال الرئيس الإيراني إلا في طوافة تابعة للجيش اللبناني، وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس اللبناني.