أكد أسامة صالح، وزير الاستثمار، أن القطاع غير الرسمي لا يزال يمثل أحد أهم العناصر الاقتصادية بمصر، سواء من خلال تعاملاته مع المؤسسات والكيانات الاقتصادية للدولة أو من خلال ارتباطه الوثيق باقتصاديات الأفراد والدورة المالية والاستهلاكية والمعيشية للمواطنين ومختلف الأسر المصرية. وأضاف الوزير، خلال الكلمة التى ألقاها فى افتتاح الاجتماع الذى نظمته وزارة الاستثمار صباح اليوم الأحد لمجموعة كبيرة من ممثلي القطاع غير الرسمى، أن ذلك الأمر يجعل من تذليل جميع العقبات التى تواجه ذلك القطاع ضرورة من أجل تيسير عملية ضمه لنشاط الاقتصاد الرسمي، بما يساعده على التوسع فى نشاطه فى إطار من الشرعية والشكل القانونى الذى لا يزال يفتقده، والذى يحفظ له كامل حقوقه المادية والأدبية كما يحفظ للدولة حقوقها القانونية والضريبية.
وأضاف، في المؤتمر الذى ضم ما يزيد على 100 من أصحاب المشروعات والعاملين فى المجال غير الرسمى، وفى حضور ممثلى العديد من الوزارات والكيانات الحكومية والرسمية بالدولة، أنه آن الأوان لأن ينضم هذا القطاع الاقتصادى والخدمى والعمالى العريض إلى الأطر والأشكال القانونية والضريبية والتأمينية المعترف بها رسمياً من جانب الدولة، بدلاً من العمل فى الظل هرباً من البيروقراطية أو تفادياً للمعاملات الرسمية.
وشدد على تطلعه لأن يقوم ذلك القطاع الحيوى بدوره المنوط به فى دفع عجلة الإنتاج والدخول ضمن حسابات الناتج القومى الإجمالى، وخلق المزيد من فرص العمل أمام الشباب، بما يخدم الفرد والاقتصاد الوطنى، وبما يساعد أصحاب تلك المشروعات على مضاعفة وتطوير أنشطتهم، ويضمن للعاملين بهذه المهن غير الرسمية الأمان الاجتماعى والاقتصادى الذى يفتقدونه نظراً لعدم حصولهم على عقود عمل ولا تأمينات اجتماعية وصحية تضمن لهم ولأسرهم الحياة الكريمة.
وأشار وزير الاستثمار إلى أن العمالة غير المنتظمة تقدر بحوالى 50% من إجمالى القوى العاملة المنتظمة بمصر، حيث تعمل فى مختلف القطاعات بدءًا من قطاع المقاولات والبناء ومختلف القطاعات الخدمية، مروراً بالقطاعات الصناعية والتجارية، وانتهاءً بالعاملين فى المناجم والمحاجر.
كما أوضح أن الهيئة العامة للاستثمار تتبنى منذ عدة أشهر استراتيجية واضحة ومتكاملة، تقوم بتنفيذها بالتعاون مع جميع الوزارات والكيانات المعنية، وذلك من أجل تشجيع مشروعات القطاع غير الرسمى للدخول فى الاقتصاد الرسمى، بما يستهدف رفع مستوى هذه المنشآت العاملة بالقطاع غير الرسمى وتحسين جودة ومعدلات إنتاجها.
كما تتضمن تحسين مستوى معيشة العاملين بها، والذى يقدر عددهم بما يقرب من 8 ملايين عامل يعملون بمليون ونصف منشأة غير رسمية، وتوفير الحماية القانونية والاجتماعية لهذه الفئات المهمشة من العمال وأصحاب الأعمال بمجرد تسجيلهم رسمياً وحصولهم على جميع حقوق العمال طبقا لقوانين العمل الجارية، مع إتاحة مزيد من فرص استفادة منشآت القطاع غير الرسمى من مميزات الاقتصاد الرسمى بمجرد تحويلها، مثل حماية حقوق الملكية الفكرية، والحصول على خدمات البنية الأساسية التى توفرها الدولة للمنشآت الرسمية، كخطوط المياه والغاز والكهرباء، فضلاً عن أماكن صناعية بديلة ومناسبة لاستيعاب أنشطتها، وكذلك الحصول على التمويل، والقدرة على التوسع فى السوق وغيرها من مميزات العمل بالقطاع الاقتصادى الرسمى، مع ضمان التزام تلك الأنشطة بالمواصفات والمعايير البيئية، بما يمكِّن من إضافة أنشطة وعوائد هذا القطاع إلى الناتج القومى، ومن ثَم زيادة معدلات النمو الاقتصادى وخفض معدلات الفقر.
وأكد وزير الاستثمار أن هذه الاستراتيجية قد أثمرت بالفعل عن نجاح وزارة الاستثمار فى تحويل مسار 70 شركة حتى الآن للعمل تحت مظلة الاقتصاد الرسمى، مؤكداً انتهاء الاتفاق مع وزارة المالية على تقديم العديد من الحوافز لأصحاب هذه الاستثمارات والمشروعات غير الرسمية بهدف تشجيعهم على الدخول فى الاقتصاد الرسمى.
ويأتى فى مقدمة هذه الحوافز والتيسيرات إعفاء هذه المشروعات من الضرائب على فترة مزاولتها لأنشطتها قبل الانضمام للقطاع الرسمى، فضلاً عن عدد آخر من المزايا والمحفزات مثل إمكانية الحصول على ترخيص مؤقت بمجرد الانتهاء من الإجراءات اللازمة لمزاولة النشاط رسمياً، على أن يتم الحصول على الترخيص الدائم خلال ثلاثة أشهر فى حال سلامة وصحة الإجراءات.
وأشار إلى أن التيسيرات ستشمل أيضاً تيسير إجراءات التأمين على العمالة، ومساعدة القطاع فنياً وتسويقياً بشكل رسمي، وتيسير إجراءات التوثيق والتصديقات اللازمة، وتزويد أصحاب الأعمال والورش الصغيرة بالخدمات الاستشارية والقانونية، فضلاً عن تيسير حصول أصحاب الأنشطة والمشروعات على التمويل اللازم من البنوك والصندوق الاجتماعى للتنمية والجهات الأخرى المتخصصة فى تمويل المشروعات الصغيرة.
كما قامت وزارة الاستثمار بتخصيص شباك خاص لتلك المشروعات بجميع فروع مجمعات خدمات الاستثمار التابعة للهيئة العامة للاستثمار، مما يساعد على سرعة إتمام الإجراءات ورفع مستوى الخدمة المقدمة لهذا القطاع، بالإضافة إلى قيام مركز "بداية" لدعم المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال التابع لهيئة الاستثمار، بتقديم جميع صور الدعم الفنى والتدريبى لأصحاب هذه المشروعات من أجل تأهيلهم للانضمام للعمل بالاقتصاد الرسمى، بعد الحصول على الخبرة الاقتصادية والمعرفية اللازمة، والتى تمكنهم من تطوير مستوى خدماتهم والتوسع فى مشروعاتهم بأفضل شكل احترافى ممكن.