اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنه في ضوء النظر إلى الأحداث الأخيرة التي يشهدها العراق ، يبدو أن هذا البلد ذا الطوائف العرقية المتعددة يتأرجح على شفا تمرد آخر وربما حرب أهلية . واستنكرت الصحيفة الأمريكية - في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم السبت - فكرة أن الإدارة الأمريكية لم تعر اهتماما للاحتجاجات التي شهدها العراق مؤخرا، برغم مما تشكله هذه الأزمة من أهمية حيوية لواشنطن.
ورأت الصحيفة أن حركة الاحتجاجات الأخيرة تؤكد انهيار النظام السياسي الشامل الذي تم التوصل إليه خلال عام 2007، والذي تم التأكيد عليه من جديد من قبل تشكيل ائتلاف حكومي بين السنة والشيعة والأكراد بعد الانتخابات البرلمانية في عام 2010.
ورصدت الصحيفة أسباب الانهيار المتمثلة في إعلان رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي عزمه خلال شهر نوفمبر عام 2012 تشكيل "حكومة أغلبية" من شأنها أن تستبعد أهم ممثلي السنة، وفي منتصف ديسمبر الماضي شارك في تشكيل تحالف شيعي يكون بمثابة نقطة إنطلاق لتلك الحكومة .
وتابعت "واشنطن بوست" أن هذا الإعلان أدى إلى إعلان الزعماء السنة المشاركين في العملية السياسية ، بمن فيهم وزير المالية رافع العيساوي، ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، وزعيم الصحوة العراقية أحمد أبو ريشة، عزمهم تشكيل ائتلاف سني بدون وجود شيعي؛ الأمر الذي يؤكد أن السياسة العراقية باتت تشهد تفككا على أسس طائفية وعرقية حتى قبل بدء الاحتجاجات الأخيرة.
ونوهت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية -في سياق تحليلها- إلى أن الأطراف الرئيسية المشاركة في الأزمة الراهنة يبدو أنها ليست زعماء السنة ولكن زعماء قبائل الأنبار الذين طالما رفضوا وجود تنظيم القاعدة في العراق ونبذوا استخدام العنف في البلاد ، إلا أنهم اتخذوا رد فعل إزاء قتل المتظاهرين الشهر المنصرم تمثل في التهديد بحرب مستمرة ضد الحكومة العراقية لأول مرة منذ عام 2007.
وأشارت الصحيفة إلى أن زعماء قبائل الأنبار مازالوا محتفظين بضبط النفس في مواجهة أعمال العنف ، وأن المالكي سعى أيضا - من جانبه- للتخفيف من تصعيد حدة النزاع وتهدئة المتظاهرين.
وأوضحت أن هذه الجهود ، وإن كانت تبدو ظاهريا أنها تهدف للتوصل إلى حل سياسي، تزيد في الواقع من احتمالات اندلاع حرب طائفية من خلال استمرار تهميش قادة السنة السياسيين دون معالجة المظالم الأساسية للقبائل السنية وإعادة تشكيل الجبهة الشيعية المنقسمة.
ولفتت الصحيفة النظر إلى أن تنظيم القاعدة في العراق كان المستفيد الوحيد من هذه الأزمة المتفاقمة ، من خلال تنظيم دولة العراق الإسلامية الذي نشر فرق قتالية في الفلوجة الشهر الماضي لاستهداف عناصر من الجيش العراقي .
وأكدت "واشنطن بوست" أنه حال استبعد المالكي السنة خلال تشكيل الحكومة، فإن تنظيم القاعدة سينال تسامح شعبي ودعم خارجي.
وخلصت ختاما إلى أنه في حال لم يستجب رئيس الوزراء العراقي لمطالب المتظاهرين وأن يسمح بوجود مشاركة للسنة ذات مغزى في الحكومة الجديدة، فإن آفاق وقف انزلاق العراق نحو صراع طائفي ستكون معدومة