الثورة لم تكشف عن أسرارها بعد ولا أحد يمتلك الحقيقة ربيع الثورات تحول إلى خريف بسبب أنظمة الحكم الجديدة الثورة كالفن السريالي لا يمكن فهمه!
حاورتها - سميرة سليمان
وصفت د.زبيدة عطا الله أستاذة تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة حلوان ثورة 25 يناير في ذكرى اندلاعها الثانية بأنها "مشروع ثورة لم يتحقق"، فالتراجع هو سيد الموقف على كل المستويات، وفي حوارها معنا تمنت عطا أن تحل ذكرى الثورة الثالثة في مناخ ديمقراطي حقيقي لا تحكمه عشيرة أو أهل، مؤكدة أنه إذا حكم مصر نظام ديمقراطي يستخدم العقل والخبرة ولا يحتكم إلى أهل الثقة أو العاطفة، ستختلف أحوال البلد، وحينها نستطيع أن نؤكد أن مصر شهدت ثورة. داعية إلى التظاهر يوم 25 يناير ليفهم من في الحكم أن الثورة لا تزال مستمرة ولم تنتهي.
ورغم أن الثورة أخرجت أفضل ما في المصريين في أيامها الأولى، إلا أن شخصية المصري برأي عطا لا تزال محيرة، فأحياناً ينطبق عليها وصف المؤرخين القدامى أنهم "مطية لمن ركب"، وأولئك هم المتحولون الذين يهللون لكل سلطة، قائلة: لكني على يقين من أن باقي الشعب لن يخنع خنوعاً تاماً.
وأكدت عطا أنها بعين المؤرخ ترى أن الثورة لم تكشف عن أسرارها بعد، فلا أحد يملك الحقيقة أو يستطيع قراءة المشهد بدقة، فحتى بعد مرور عامين على الثورة لا تزال الأسرار خافية، وكمؤرخة ترى أن الثورة لن يتم التأريخ الحقيقي لها إلا بعد مرور 30 عام على الأقل، وبعد أن يرحل الإخوان عن السلطة، دون ذلك لن نستطع الوصول إلى الحقيقة كاملة، لافتة إلى أن أحداث الثورة غامضة إلى الآن؛ وهناك كثير من علامات الاستفهام حولها منها على سبيل المثال كما ذكرت عطا: من الذي فتح السجون؟ يقال أنها عناصر من حزب الله وحماس، ولا نعرف حقيقة هذا، وإذا كان ذلك صحيحاً؛ هل يكون من الصعب على من خرج من السجون أن يعتلي الأسطح ويصوب تجاه المتظاهرين؟، هذه قضية أيضاً بها كثير من علامات الاستفهام.
تواصل: هل هم قناصة تابعين للداخلية بالفعل؟، أم كما يردد البعض أن الداخلية انسحبت ولم يكن لها وجود؟، ما حقيقة ما رأيناه من تفاوض البلتاجي وصفوت حجازي مع قيادات الجيش من أجل إنزال من على الأسطح؟، كلها أمور غامضة لم يكشف عنها الستار إلى الآن. مؤكدة أنه تاريخياً من يعتلي سدة الحكم يكون أقدر على فرض رأيه، خاصة في ظل مناخ غير ديمقراطي يحكم البلاد. لافتة إلى أن الحقائق ستتكشف بعد فترة، معربة عن خوفها من طمس الأدلة، لأن هناك الكثيرون يهمهم ألا تظهر الحقائق للناس على حد قولها.
واعتبرت المؤرخة أنه لا أحد يمتلك وثيقة حقيقية يمكن للمؤرخين الاعتماد عليها لتأريخ تلك الفترة من تاريخ مصر، مشيرة إلى أنه رغم حاجة المجتمع لتلك الثورة بسبب فساد النظام السابق، إلا أن علامات استفهام كثيرة تثار حول الثورة المصرية، خاصة إذا عرفنا أن ميدان التحرير كان يضم أكبر عدد من عملاء المخابرات في العالم، مستشهدة بما كتبه صحفي إسرائيلي في أحد مقالاته في صحيفة عبرية عن تجواله في ميدان التحرير، ورفعه علم مصر وجلوسه على مقهى "ريش"، وترديد هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام"، باعتباره فلسطيني!.
لم يكن هذا فقط سبب إحجام المؤرخين عن توثيق الثورة المصرية، بل أيضاً لأن السنوات التي تلتها غامضة فمثلا قضية الأنفاق التي تربط بين مصر وفلسطين إلى الآن لا نعرف أعدادها بدقة كما تقول دكتورة زبيدة، ورغم الإعلان عن إغلاقها لم يحدث شئ، والسلاح لا يزال يهرب إلى داخل مصر عن طريقها، متسائلة هل لأن حماس تنظيم إخواني لا احد يسألها عما تفعل؟. مؤكدة أن الصورة هلامية كالفن السريالي، لا نملك حقيقة واحدة يمكننا التحدث عنها. كل ما لدينا من معلومات قائمة على استنتاجات، ولا نملك وثائق.
أكدت المؤرخة أنها مندهشة مما يحدث، فقد توقع الشعب حدوث تغيراً كبيراً، وأن تبدأ الثورة في تحقيق أهدافها، المتمثلة في الحرية والعدالة، ومع ذلك لم يتحقق شئ بل تراجعنا إلى الوراء، بل وأستطيع الجزم أن الثورة انتهت وأصبحت بلا وجود، بعد أن ركب الإخوان المد الثوري، فهم حكموا البلاد رغم أنهم لم يصنعوا الثورة.
ورغم الغموض الذي يحيط بالثورة المصرية في رأي المؤرخة، إلا أنها تعتبر أن وضوح موقف الإخوان ونواياهم هي أبرز مغانم ثورة يناير في ذكراها الثانية، فقد تعاطف معهم الشعب بسبب ما تعرضوا له من قهر واضطهاد، لكن بوصولهم إلى الحكم رأينا مشكلات لا حصر لها، وتكشف لنا كيف أنهم يغلبون مصالح الجماعة على مصالح الوطن، ويفعلون كما فعل عبدالناصر ويغلبون أهل الثقة على أهل الخبرة، مؤكدة أنهم تنظيم سري تنقصهم خبرة العمل السياسي.
لماذا أطلقتِ على "ربيع الثورات" العربية لقب "الخريف"؟
لأن الدول التي - لا قدر الله – وصل إليها ربيع الثورات، تحولت من حكم سئ إلى حكم أسوأ، وعايش شعبها قتل الأمل داخل النفوس، ففي مصر أصبحنا نحيا في خوف، بسبب غرور بعض شباب الثورة وانصرافهم عن ثورتهم والتفاتهم إلى الفضائيات، وعدم اتحاد المعارضة معهم، كما أن البعض الآخر اهتم بالقاهرة دون المحافظات التي تركوها بكاملها للإخوان.
بحلول ذكرى الثورة الثالثة..ما هي أبرز أمنياتك؟
أن يحكم مصر نظام ديمقراطي حقيقي، وألا يكون الإخوان في الحكم، وأن يمارسوا السياسة عن طريق حزبهم فقط، دون سيطرة على الشعب، أو إملاءات سياسية، فهم الآن "يستحمروننا" بتصريحاتهم غير المسئولة، مثل الترحيب بعودة اليهود إلى مصر!.
الإخوان ينظرون لمصالحهم فقط، دون اعتبارات أخرى، فهل يعلمون أن إسرائيل تضغط من أجل تنفيذ المشروع التي تبنته أمريكا في عهد بوش الابن، ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس، الذي يقضي بأن تأخذ إسرائيل 1600 كيلو من سيناء، يسكن بهم الفلسطينيين، في مقابل أن تتخلي إسرائيل عن200 كيلو في صحراء النقب، ومن ثم تغيير حدودها مع لبنان والأردن وسوريا، وقد وافق على هذا المشروع أمريكا والأردن وفلسطين، ورفضت مصر تماماُ، وهو ما تحاول إسرائيل الآن الضغط في سبيل تحقيقه.
كيف تنبأ زوجك الأديب الراحل فتحي غانم بسيطرة التيارات الدينية؟
زوجي الأديب الراحل هو أول من تنبأ بتوسع وسيطرت التيارات الدينية المتطرفة، خاصة في روايته "الأفيال" التي تناول فيها التيار الإسلامي المتطرف بتوسع، وكيف سيتحول إلي أداة تستخدم ضد المجتمع، وتنبأ بموجة الإرهاب في السبعينيات،التي انتهت باغتيال السادات.
وقد تعرض غانم لظلم كبير من الإعلام خاصة عندما تحولت رواية "الأفيال" إلى مسلسل تليفزيوني، لكن الرقابة آنذاك قامت بحذف أكثر من عشر حلقات من المسلسل، وعندما عاتب غانم المسئولين علي هذا وطالب برجوع المشاهد حتي تعبر عن رؤيته الحقيقية، أخبروه بأن أشرطة هذه الحلقات تم مسحها.
وفي رواية "الأفيال" تنبأ غانم بأن هذه الجماعات سيزداد نفوذها وستكون خطر على من سمح لها بالظهور، بل تنبأ بمقتل السادات، فالرواية تحكي عن ضابط أمن يدخل إلى هذه الجماعات كواحد منها للتجسس عليها، ثم ينضم لهم بالفعل، ويغتال مسئول كبير، وهي قصة عبود الزمر، وكان ذلك قبل مقتل السادات بسنوات.