أطلق رجل الاعمال والملياردير السعودى محمد بن عيسى الجابر والمبعوث الخاص لليونسكو مبادرة انسانية لانقاذ التراث الانساني والثقافي في مالي وخصوصاً في تمبكتو مدينة الأضرحة الأثرية ، التى اشتهرت بعشرات آلاف المخطوطات التي يعود بعضها الى القرن الثاني عشر، والبعض الاخر الى عهد الجاهلية. وامام تلك الاهمية لذاك التراث وغياب الاهتمام الدولي بذاك التراث على الرغم من ادراج تمبكتو على لائحة التراث العالمي ، بادر الشيخ محمد بن عيسى الجابر المبعوث الخاص باليونسكو الى اطلاق نداء من اجل حماية التراث الثقافي في مالي وجرى التوقيع على البيان الرسمي من أجل حماية التراث الثقافي في مالي،
كما أصدرت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بياناً مشتركاً من أجل حماية التراث الثقافي وصيانته في شمال مالي ..
وبعد ان عبّرا عن قلقهما البالغ من التدمير والأخطار المستمرة التي يتعرض لها التراث الثقافي شمال مالي، ناشد كل من المديرة العامة لليونسكو والرئيس الموريتاني والمبعوث الخاص جميع الدول الاعضاء في إتفاقية التراث العالمي للتآزر وتوحيد الجهود من أجل ضمان عمليات الإنقاذ وحماية التراث الثقافي في مالي، والتصدي لكل أشكال الاتجار اللاشرعي بمخطوطات وتراث تومبكتو للأجيال الحاضرة والمستقبلة .
وصرّحت ايرينا بوكوفا قائلة انه "، عندما يهاجم التراث الثقافي فإن الضرر يصيب الانسانية جمعاء "، وأضافت "إن علينا جميعاً يقع واجب حماية التراث الثقافي وبالأخص هنا في اليونسكو التي تحمي الذاكرة الثقافية خلال هذه السنة التي تحلّ فيها الذكرى الاربعون لتوقيع إتفاقية التراث الثقافي".
وصرّح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز "ان التراث الثقافي اصبح رهينةً بين أيدي أولئك الذين يستعملون الاسلام أداةً للتدمير" وأضاف "نحن ، بصفتنا رؤساءً ،يجب علينا مواصلة الدفاع عن التراث الثقافي وفي مالي فإن الثقافة، والاسلام دين السلام، قد تعرضت للخيانة ، آمل أن تُسمع أصواتنا ".
وفي أثناء هذه الاحتفاليّة عبّر المبعوث الخاص باليونسكو معالي الشيخ محمد بن عيسى الجابر، عن نيته "تنظيم وتمويل مؤتمر داخل اليونسكو للمتبرعين من أجل ترميم التراث الثقافي وصيانته ، في مالي وبالأخص في تمبكتو بمشاركة كل الأطراف المعنيّة ". تقوم المؤسسة التي هي شريك قديم لليونسكو بتمويله .
آثار تينبكتو
تينبكتو أو تُمْبُكْتُو مدينة في مالي، من أهم العواصم الإسلامية في غرب أفريقيا، و"جوهرة الصحراء المتربعة على الرمال"، وهي البوابة بين شمال أفريقيا وغرب أفريقيا، وهي ملتقى القوافل البرية للقادمين من النيجر وليبيا، وكذلك تجار الملح القادمين من (تودني). واحة تمبكتو هي حاضنة الإسلام في الصحراء الكبرى ومنارة العلم فيها ومجمع العلماء، وهي من أشهر المدن في غرب أفريقيا، خاصة منذ القرن الثالث عشر إلى أن دخلها المستعمر الفرنسي في أوائل القرن التاسع عشر واحتلها.
جوهرة الصحراء بعد مئة عام من العزلة عاشتها تينبكتو عروس الصحراء ومهد حضارة الغرب الافريقي، وبعد أن طويت في صفحات الماضي، ها هي تحاول جاهدة أن تنفض عن نفسها غبار الماضي لتعلن عن عودها، ولتواصل عطاءها الحضاري الذي بدأته قبل ألف سنة مضت. العودة المزمعة للحاضر بدأت بالآمال التي عاشتها مدينة تينبكتو منذ اندثرت معالمها وطوتها صفحة النسيان.؟ وتشكل خطوة ومبادرة معالي الشيخ محمد بن عيسى الجابر بارقة امل حقيقية تساعد على الحفاظ على تراث المدينة وقد بدأت تينبكتو بلفت الأنظار إليها كمركز إشعاع علمي بعد رجوع ملك المندينغ «مانسا موسى» من رحلة الحج الشهيرة التي قام بها عام 1325 م ووزع في طريقه إليها آلافاً مؤلفة من سبائك الذهب، بخاصة في القاهرة. مما تسبب في هبوط أسعار الذهب، وقد أمر السلطان الشاعر الغرناطي الملقب بالسهيلي بتصميم جامع كبير والاشراف عليه (هو جامع تينبتكو القائم إلى يومنا هذا)، وكانت تلك النواة الأولى لبناء صرح علمي في تينبتكو حيث صار مع مرور الأيام مركزا للعلم، بخاصة تبرع امرأة من سركولو (إحدى القبائل المالية) ببناء جامع آخر فيما بعد، وقد ازدهر العلم مع تقاطر الطلبة من شمال أفريقيا وغربها على تينبتكو، وقد ساعد على ذلك الإنفاق السخي الذي قام به التجار على دور العلم فكان أروع تزاوج بين المال والمعرفة في عروس الصحراء، إذ وصل عدد المدارس في ذلك الوقت 180 مدرسة، تضم أكثر من 25.000 طالب، كما وصل مستوى التعليم في تينبتكو ذلك الوقت إلى المستوى نفسه الذي وصل إليه في قرطبة وتلمسان، والقاهرة – كما يؤكد "شاربون". وقد ظلت حركة العلم تلك في نمو وازدهار، وكان عمرها واستمرارها مقروناً بازدهار التجارة التي تمولها. مخطوطات تينبكتو مخطوطات تينبكتو هي مجموعة من المخطوطات تصل إلى 700,000 مخطوطة اكثرها باللغة العربية أو بلغات محلية كتبت بالحروف العربية موجودة في تينبكتو. الا ان أغلب المخطوطات في وضع مزر ومهدده من العواصف الرملية والنمل الأبيض. ارتباطا بالحديث عن الطرق الصوفية التي ازدهرت وانتشرت في تينبكتو التي كانت تمثل دورا كبيرا في نشر الدين الإسلامي في منطقة غرب افريقيا، حفلت مدينة تينبكتو بعديد المزارات والمقامات الصوفية وزوايا الأولياء الصالحين والأضرحة، واشتهرت بأنها مدينة ال333 ضريحا ومقاما. وامام تلك الاهمية التي عرفها معالي الشيخ محمد بن عيسى الجابر كانت مبادرته الى التوقيت الصحيح مدفوعاً بشغفه في الحفاظ على التراث الانساني والثقافي الذي غاب عن اذهان اصحاب المصالح في مالي.