"كأن أسماءنا مكتوبة في كشكول وكل يوم يشطبوا اسما" يبدو أن هذا التعليق الذي جاء لأحد الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد وفاة الناشط محمد الجندي عضو التيار الشعبي الذي استشهد صباح اليوم الاثنين، متأثرًا بما تعرض له من تعذيب من قبل قوات الشرطة ، أصبح واقع نعيشه نظرا لسقوط العديد من القتلى الذي أصبح شبه يومي جراء التعذيب . فبعد يومين من واقعة سحل المواطن المصري حمادة صبري عاريا وضربه وإصابته بخرطوش في قدمه من قبل قوات الشرطة ، أعلنت مستشفى الهلال، في وقت سابق من صباح اليوم، استشهاد محمد الجندي، نتيجة تعذيبه حتى الموت، في حين أعلن مستشفى هليوبوليس وفاة عمرو سعد نتيجة إصابته أمام قصر الاتحادية.
من المسئول يا ريس؟
ونشرت صفحة "كلنا خالد سعيد" التقرير الطبّي المبدئي لحالة الشهيد محمد الجندي، والذي تضمن وجود آثار أسلاك على الرقبة، وآثار كهرباء باللسان، وكسر بثلاث ضلوع، وآثار كيّ بالنّار بالظهر والبطن، وآثار ضرب بآلات حادّة في الوجه والبطن والظهر والرجلين. وتساءلت الصفحة قائلة: "من المسئول يا رئيس الجمهوريّة؟ من المسئول يا وزير الداخليّة؟" .
وسادت حالة من الحزن والغضب الشديدين بين أصدقائه وزملائه سواء بالتيار الشعبى أو بأحزاب أخرى ، وقام مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بعمل "هاشتاج" باسم "محمد الجندى"، تضمنت تعليقات ناعيًا له وأخرى غاضبة مما حدث له.
ومن تلك التعليقات "كأن أسماءنا مكتوبة فى كشكول وكل يوم يشطبوا على اسم"، و"لو الإخوان زمان قدموا شهداء منهم، فالإخوان النهاردة بيقتلوا شهداء من مصر، الفرق إن واحد مات لمصلحة الجماعة والتانى للبلد"، و"مش هتكون الأخير طالما البلد لسه فيها اللى قابل على نفسه يعيش زي العبيد"، و"في ناس ربنا خلقهم علشان يكونوا رايات، وانت – فى إشارة للجندى- ربنا جعلك راية ترفرف في سماء مصر، راية تكشف لكل باحث عن الحقيقة إن الظالم لسه بينا، راية تعلن إن مبارك لسه موجود منه ألف مبارك عايشين وسطينا".
وفي تعليقه على خبر وفاة الجندي قال الاعلامي محمود سعد عبر تويتر :"الله يرحمك يا محمد ويحرق قلب اللي كان السبب".
وعلق محمد أبو حامد :"رحم الله شهيد الحرية محمد الجندي ورزق الله أهله الصبر ونحمل مرسي ونظامه الفاشي المسئولية الكاملة عن دماء المصريين التي تهدر كل يوم" .
خالد سعيد جديد
من جانبها أكدت هبة ياسين المتحدثة باسم التيار الشعبي، حالة '"الجندي'' كانت بشعة للغاية، وأقرب للتعذيب الذي تعرض له خالد سعيد قبل ثورة 25 يناير من نزيف داخلي وكيَ على الظهر وتعذيب بالكهرباء وتكسير الأسنان وتعذيب وخنق في الرقبة.
وأشارت ياسين، خلال اتصال هاتفي ببرنامج ''زي الشمس'' المذاع على قناة السي بي سي اليوم الأثنين، بأن إدارة مستشفى الهلال عملت على إخفاء تاريخ دخوله للمستشفى، فضلا عن تصوير الحادث كحادث سيارة وليس تعذيب.
ولفتت إلى تعرض ''الجندي'' لتعذيب في معسكر الجبل الأحمر للأمن المركزي، وذلك بعد رفضه سب أحد الضباط لوالدته، فتم تعذيبه لمدة ثلاثة أيام - حسب قولها. وأكدت المتحدثة باسم التيار الشعبي بأن النظام المصري لم يتغير بعد الثورة قائلة: ''انتخبنا قتلة، والداخلية عادت من جديد لخدمة النظام الحاكم''. وتابعت هبة ياسين: حالة والدي محمد الجندي سيئة للغاية فالجندي وحيد والديه، وقد دخلت والدته لغيبوبة بعد سماعها نبأ وفاته .
وفي سياق متصل، أصدر التيار الشعبى بياناً صباح اليوم ، نعى فيه كلاً من محمد الجندي، وعمرو سعد، عضوا التيار، والذين لقوا مصرعهم، فى الاحداث التى تشهدها البلاد فى الفترة الحالية بالتزامن مع الذكرى الثانية لثوة يناير.
وحمّل التيار الشعبى، رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، ووزير الداخلية محمد ابراهيم، المسئولية السياسية والجنائية، مؤكداً أنه سيلاحقهم قضائيا وسياسيا حتى الحصول على القصاص العادل.
وكان الجندي قد اختفى لأربعة أيام متواصلة، وتبين لاحقًا أنّ قد تم اعتقاله واخرين من قبل قوّات الشرطة من محيط كوبري قصر النيل اثر مشاركتهم في احتجاجات ميدان التحرير، في الذكرى الثانية لثورة المصريين في 25 يناير 2011. ثم وُجد بمستشفى الهلال مُصابًا بكدمات وكسور في جسمه، دخل في غيبوبة، فارق على إثرها الحياة.
سحل وتعرية واستمرارا لمسلسل التعذيب ، جاءت حادثة سحل المواطن حمادة صابر لتلقي بظلالها على المشهد السياسي بمصر، حيث انتشر مقطع فيديو اثار جدلا كبيرا لقوات الشرطة المصرية وهي تضرب احد المتظاهرين وتجرده من ملابسه في واقعة اعادت للاذهان مشهد مقتل خالد سعيد ابان ثورة 25 يناير.
وجاءت اغلب التعليقات مهاجمة للرئيس محمد مرسي والحزب الحاكم واصفة إياه بالقمع والتعالي على الشعب وإهدار الدماء والكرامة المصرية مقابل الحفاظ على الكرسي هذا ولوحظ انتشار لتعليقات تطالب بإسقاط هذا النظام الذين وصفوه بالظلم، حيث اكد البعض ان سياسة مرسي تعتمد على افقار الفقراء ونفاق الاغنياء هذا بينما ذهب البعض إلى المقارنة بين الرئيس مرسي والرئيس السابق مبارك في اشارة الى عدم تغيير الفكر الرئاسي.
كما ظهرت مجموعة كبيرة من الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعية تطالب اقالة وزير الداخلية المصري ومحاكمته عن تلك الحادثة . وفي بداية الأمر اتهم حمادة صابر المحتجين بتعذيبه، وهو ما يتناقض مع الفيديو المصور الذي بثته عدة قنوات مصرية، الأمر الذي كشف عن تعرّضه لضغوط. وفي إفادته الجديدة أمس الأحد، اتهم صابر الشرطة بتعذيبه وتعريته، بعدما فوجئ بأفراد الأمن يحاصرونه ويضربونه بالأحذية، وعندما حاول الهروب، واصل الجنود ضربه ومزقوا ملابسه.
وذكر الضحية أنه عندما سقط أرضاً واصل عدد من الجنود سحله وضربه بالأحذية حتى تعرض لإصابات في مختلف أنحاء جسده، ثم اقتيد إلى إحدى سيارات الأمن المركزي، حيث واصل الجنود الاعتداء عليه داخل السيارة لمدة 10 دقائق، وبعدها أنزلوه من السيارة وقادوه إلى سيارة الشرطة المخصصة لنقل المعتقلين.
ووصف أدمن صفحة ''الجهاز الإعلامي لوزارة الداخلية'' على موقع التواصل الاجتماعي ''فيس بوك''، التعامل الأمني مع واقعة المواطن ''حمادة'' الذي تم سحله أمام قصر الاتحادية، الجمعة، ب''الغباء الأمني''. وقال النقيب مصطفى عبد الفتاح أدمن الصفحة، ''للأسف فقدنا مصداقية سنوات من التواصل مع الشعب المصري العظيم، بسبب الغباء الأمني في التصرف مع خطاَ، وتم علاجه بكارثة''. وأضاف: ''لن يتم التحدث في واقعة حمادة المسحول مرة أخرى، لأني بكل أسف غير مقتنع بما حدث اليوم، مثلي مثل ملايين من الشباب، وأعتذر عن نشر أي خبر خاص بالقضية''. وتابع: ''من وجهة نظري، الاعتذار كان أكرم ، ومحاكمة المسئولين أشرف مما حدث، وأعتذر لكل الأعضاء عن هذه الكوميديا الفارغة''.