في لقاء جماهيري شهده معرض القاهرة الدولي للكتاب، أكد المفكر المصري سمير مرقص ، أن تخريب المنشآت العامة مرفوض، أما دفاع المواطن عن نفسه فهو حق . من جهة أخرى قال مرقص أن الحلول النمطية لن تحل أزماتنا المتفاقمة خاصة أننا نعاني التوتر الديني الذي هو سمة المناطق الأكثر فقرا . وقد طالب "مرقص" الذي شغل منصب مساعد رئيس الجمهورية قبل استقالته ، طالب جميع الأطراف بالتعامل مع عقلية شباب الثورة البعيدة عن لغة التنظير.
وقد أكد الكاتب عمرو كمال الذي قدم سمير مرقص، أن ضيفه يعد مثقفا عضويا فاعلا في المجتمع وخاصة فيما يتعلق بقضية النهضة والمواطنة ، يضاف لذلك اهتمامه بعلاقة مصر بالقوى الكبرى وبخاصة أمريكا ،كما اشتبك من قبل مع أفكار "برنارد لويس" و"صمويل هانتجتن" الذي اعتبر الإسلام عدوا للغرب بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في شرق أوروبا.
وقال مرقص : انشغلت في البداية بالعلاقات الإسلامية المسيحية في مصر وسرعان ما اكتشفت أن الموضوع ما هو إلا جزء جزء من التجربة التاريخية في التعايش مع المصريين ولا بد من رؤية الأمر في اطار اللحظة التاريخية التي تمتد جذورها إلى دخول الاسلام الى مصر واختلاف الحكم إلى أن وصل للدولة الحديثة.
وأشار الكاتب إلى مستجدات الدولة الحديثة التي قامت على يد محمد على وفرضت مساحات بحثية إضافة إلى دور الغرب وتأثيره في العلاقات. وتطرق إلى التسعينيات والحريات الدينية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وشغفه بالوصول إلى ماكينة صناعة القوانين في امريكا وخلص في دراسته إلى أفق الحركة المجتمعية ودور الحركات الدينية واليمين المسيحي الجديد الذي يقترب من حركة الاخوان من حيث النمو والانتشار وخطابه السياسي.
وتناول مرقص في حديثه قراءة الحركات الدينية خارج مصر ولاهوت التحرير في امريكا وانحيازها للغلابة واقترابها من الاشتراكية وهو ما جعله يهتم بكيفية تقدم هذه الدول ، وأكد أن مصر لم تعرف نظام الطوائف، وهو ما جعلها تفتح أفق تأثير الغرب على العلاقات في اطار الخبرة المصرية المهمة في اطار التي تعاملت مع الحاكم الوافد والتعطي معه. وأضاف : إننا لم نقرأ تاريخ مصر جيدا وكل ما وصلنا منه هو تاريخ السلطة وليس تاريخ الناس وكنا نختار اسوأ ما فيه بجهل وكنا نصدق الكثير من المغالطات التي نصل بها إلى مرتبة الحقائق مثل "المصري خانع وطيب ولا يثور" وتساءل هل الطيبة تمنع قيام الثورة. وأوضح أن المصريين أول من قاموا بثورة ضد الاقطاع منذ الفراعنة وهي الثورة التي ظلت ممتدة ممتدة في عصر الولاة والدولة الحديثة وأكد على أن المصريين في حالة مزمنة من الانتفاض والاحتجاج .
كما أشار الكاتب إلى أن التماثل الديني لم يكن ميزة الحاكم الوافد، فالحاكم المسلم السني لم يكن مختلفا عن غيره وأرهق المصريين: الاقباط بالجزية والمسلمين بالخراج وعمد إلى مص دمائهم .. ولذلك فإن فكرة التماثل الديني والمذهبي لم تكن ميزة .. الحاكم هو الحاكم ولا شئ يهمه غير المصالح.. وبرأي مرقص فإن الدولة العثمانية كانت الامتيازات الأجنبية متغلغلة فيها، وخضعت للضغوط الأجنبية بشكل غير مسبوق ، بينما يرى بعض السلفيين أنها نموذجا للدولة التي نريدها!
من جانب آخر، أبدى الكاتب أسفه على انقطاع مصر عن تطور العالم حول العالم منذ التسعينيات، حتى أن مدرسة التاريخ المصري والفلسفة والعلوم السياسية المصرية تجمدت عند نهاية الثمانينات. وعلى سبيل المثال قال : "كنت أقوم بدراسة مسيحية وهي خريطة معرفية فاكتشفت أن العلم متوقف عند نقطة معينة والعالم يسبقنا بكم مذهل، ومنذ شهرين شاركت في مناقشة رسالة دكتوراه وكان فيها جهد مهم الا انها متوقفه عند لحظة معرفيه تجاوزتها منظومة المعرفة الالكترونية كما أن البحث لدينا جهده فردى كل الباحثين هواه. وبخصوص المواطنة، حيا مرقص جهود المستشار طارق البشري ووليم سليمان قلادة في هذا المجال، واعتبر أن ثورة 25 يناير أسست لفعل المواطنة فالشباب عندما تحرك أحدث تغير ولو جزئى بوصف المواطنة حركة الناس في اطار لمنظومة الاجتماعية. ويضيف : عند دراسة جغرفيا التوتر الدينى سنكتشف انها المناطق الاكثر فقرا والأقل تنمية، ففي الطبقات الفقيرة تكثر المشاكل الاجتماعية وعندما تصعد إلى المناطق الغنية تجد ان التوترات تقل وترى المشاكل مختلفة تماما ولا يمكن التعامل مع المسلمين والاقباط بمنعزل عن مشاكل المجتمع. وبخصوص الإعلان الدستوري ، أعتبر مرقص أنه دستور الغلبة وشرعية الاكراه وممارسة العنف ضد المواطنين ويتضمن اعاقة للمرحلة السادسة للمواطنة. وقد سخر مرقص من تعامل النخبة مع الظروف الراهنة وقال: نظريا انا في جبهة الانقاذ، والمشكلة أن التعامل مع المشكلة يتم بنفس المناورات وكأن مصر هي هي قبل 25 يناير بينما في الحقيقة أنها اختلفت وتطورت.
وتابع : منحنى عملي كنائب محافظ تجربة اكتشفت فيها أن مؤسسات الدولة قد وصلت الى انهيار كارثي ومرافقها لم يصرف عليها منذ عشرات السنين.. إننا في محنة ولا يمكن معها استخدام الحلول النمطية.
وأكد مرقص أنه ضد تخريب المنشئات العامة وقال: لكن من حق المواطن ان يدافع عن نفسه ضد العنف.. ولا يجب أن نحكم احكام اخلاقية على الحالة الثورية ولا يصح ان نقيمها بمنطق الحلال والحرام ولابد أن تدرس علميا وفق تغيير جذري شامل وتقاسم الوطن بهذا الشكل والحلول الجزئية تجعلنا في حالة قلقة دائما..