دائما ما تصطحب كلمة "لاجئ" بالشخص الذي لجأ من بلده هربا من ضغوط سياسية أو دمار وحرب لحق ببلاده كالوضع السائد الآن مع الشعب السوري الذي يعيش حياة لا يرثى لها من تشريد وجوع ومرض وأغتصاب لاعراض الفتيات. ولكن لكل قاعدة شواذ فهناك لاجئون سوريون بدرجة "رجال أعمال" فرار من سوريا ليس إلا للحفاظ على نشاطاتهم التجارية، على عكس من فروا من العدوان والقتل والتشريد، إلى عالم مجهول يخرج عليهم من أن لأخر ما لم يكن في الحسبان. ومنذ اندلاع الثورة السورية نزح ما يقارب 330 ألف سوري إلى عدد من الدول أهمها دول الجوار (تركيا، لبنان، الأردن، مصر) وغيرهم ويتوقع أن يصل العدد إلي أكثر من هذا ، لا سيما وأن معدل الشهداء آخذ في الارتفاع.
وفي مصر، يقدر عدد السوريين الذين وفدوا إليها بأكثر من 170 ألف حتى الآن، لم يتم تسجيل سوى نحو 13 ألف منهم لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويقدر عدد من رجال الأعمال السوريين الذين وصلوا إلى مصر بنحو 3 % من أعداد رجال الأعمال الذين فروا من سوريا، البالغ عددهم حوالي 50 ألف مستثمر، حسب تصريحات صحفية للمستثمر السوري المقيم بمصر باسم الكويفي.
كما صرح رئيس مجلس الأعمال السوري المصري خلدون الموقع لوسائل الإعلام المصرية أن "مجموعة من رجال الأعمال السوريين، بدئوا خطوات فعلية لضخ استثمارات جديدة في مصر تتجاوز 500 مليون دولار في مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والخيوط والأقمشة في الكثير من المدن الصناعية المصرية".
مليونير بدرجة لاجيء ليث وسلمى جلسا ينفثان دخان النرجيلة في أحد مقاهي حي المارينا بدبي، بينما تلهث خادمتهم الآسيوية وراء أطفالهم الثلاث لمنعهم من الدخول في نافورة المياه.
صورة مختلفة عن اللاجئ السوري التقليدي الذي يعيش في المخيمات في انتظار المساعدة، والذي يشكل الغالبية العظمى من اللاجئين الذين هجروا سوريا، المقدر عددهم بنحو 700 ألف شخص مسجل منذ اندلاع الأزمة عام 2011 وفقا لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يضاف إليهم مليون آخرين غير مسجلين.
ليث، 42 عاما، جاء إلى الإمارات مع عائلته منذ 6 أشهر، وابتاع شقة بمبلغ 3.3 مليون درهم إماراتي (900 ألف دولار) ليقيم فيه هو وعائلته ووالديه. وأسس شركة في رأس الخيمة برسوم سنوية قدرها 20 ألف درهم إماراتي، أي نحو 5.5 ألف دولار، حصل بموجبها على الإقامة.
وقال لسكاي نيوز عربية "حتى رحيلي من دمشق لم تكن حياتي مهددة كما لم أكن مطلوبا من حكومة بشار الأسد فلم أعمل يوما في المعارضة، ولكن تجارتي لم تعد مربحة بسبب المعارك الدائرة في البلاد وشعرت أنه سيأتي يوم قريب يكون فيه وجودي مهددا".
ويضيف "فضلت أن أترك البلاد الآن، وأن أنقذ ما أستطيع إنقاذه من مال قبل أن يأتي يوم تغلق فيه كل المنافذ وتشدد فيه إجراءات دخول السوريين إلى البلاد الأخرى فنجد أنفسنا بلا ملجأ".
ويقول ليث، الذي طلب عدم ذكر اسم عائلته، إنه كان يملك مصنعا للنسيج في سوريا، وإنه بصدد افتتاح متجر لبيع المنسوجات في إمارة الشارقة بينما يقوم شقيقه الأصغر غازي، الذي صحبه إلى الإمارات، بوضع اللمسات الأخيرة لمطعم للمأكولات السورية في دبي.
وخلافا لمن حصلوا على إقامة، لا تتوفر إحصائيات رسمية عن أعداد السوريين الذين وفدوا إلى الإمارات جراء الأوضاع في سوريا، إذ أنهم لا يدخلون بصفة لاجئين بل كزائرين حاملين تأشيرات سياحية يتركون البلاد عندما تنتهي مدتها.
البحث عن الأمان وعلى جانب أخر ترك حسام الذي يعمل بالصحافة دمشق واتجه إلى مصر، كان يعمل في موقع إلكتروني للأخبار يوصف بأنه "مستقل ولكنه كان في الحقيقة مواليا للنظام، لا ينشر أي خبر ضد الحكومة" - على حد قوله.
حسام ، مثله مثل ليث، لم يكن مهددا، "لم أكن أستطيع أن أكتب أخبارا كاذبة أو أن أتجاهل الأحداث، وفي نفس الوقت أيقنت أنه إذا ما سقطت دمشق في يد الثوار فسوف يصنفونني على أنني من الموالين لبشار الأسد ولن تسلم حياتي".
ويستطرد "وضعت الصحافة وطموحاتي جانبا وأعمل في التجارة مع قريب لي ترك هو الآخر سوريا بسبب تدهور الاقتصاد ونقل تجارته إلى مصر". وفي دول شمال إفريقيا يقدر عدد السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية بنحو 5 آلاف لاجئ.
لكن الأرقام الأخيرة التي أعلنتها وزارة الخارجية الجزائرية تفيد بأن 18 ألف لاجئ سوري يقيمون منذ الصيف الماضي في الجزائر.
ويعمل العديد منهم بالتجارة خاصة في مجال المأكولات التي تقوم السيدات السوريات بإعدادها وبيعها، كما يعمل الكثير من الرجال في المخابز.
آمنة، ربة منزل سورية عمرها 32 عاما، جاءت مع زوجها إلى الجزائر التي لا تشترط على السوريين الحصول على تأشيرات دخول.
زوجها أنس، 37 عاما، باع مصوغاتها وشارك جزائري في مخبزه مما يوفر لهما حياة كريمة، بينما تقوم هي بطهي مأكولات تبيعها خاصة للجاليات الأجنبية المقيمة في الجزائر.
تقول: "خارج بلاد المشرق العربي كانت مصر هي الأقرب إلينا، أما بلاد المغرب فكانت غريبة علينا تماما لكن الشكر كل الشكر لمسلسل باب الحارة السوري الذي لولاه لما عرف أهل الجزائر عن سوريا والسوريين سوى الحرب والدماء من خلال الأخبار".
ويتسلل العديد من اللاجئين السوريين عبر الحدود البرية إلى تونس حيث يفضلون الإقامة بسبب رخص المعيشة مقارنة بالجزائر.
لاجئون لأوروبا ورغم صعوبة الحصول على تأشيرات دخول إلى الدول الأوروبية، إلا أن أرقام المفوضية تشير إلى أن نحو 25 ألف سوري لجأوا إلى بلاد أوروبية.
وتستحوذ السويد على جزء كبير من هذه الأعداد، حيث يصل نحو 1300 لاجئ سوري كل أسبوع، ومن المتوقع أن تزداد هذه الأرقام مع تزايد وتيرة العنف، وتشتهر السويد بأنها دولة تتبع سياسة ترحب باللاجئين.
ويقول ميكائيل ريبنفك، المدير القانوني بمجلس الهجرة السويدي، إن "القوانين الدولية تنص على ضرورة توفير الحماية لمن يحتاجونها. وقد لا تتبع بلاد أخرى ذلك، ولكن السويد وألمانيا هما من أكثر البلاد احتراما لهذا المبدأ الدولي".
لكن وزير الهجرة السويدي، توبياس بيلستروم قال في تصريحات صحفية إن بلاده تتوقع وصول "54 ألف لاجئ عام 2013، غالبيتهم العظمى من سوريا. نخشى أن يشكل ذلك مشكلة على المدى الطويل".
وأضاف: "للسويد تاريخ في القوانين السخية فيما يخص طالبي اللجوء، ولكن مع انعدام الأمل في نهاية قريبة للصراع السوري، نخشى من أن تشح مواردنا".
وتعتبر اليونان بوابة اللاجئين السوريين إلى أوروبا حيث يصلون عبر البحر منطلقين من تركيا أو لبنان، ثم يولجون برا من اليونان إلى دول أخرى.
التمسك بالوطن وترفض ملايين الأسر السورية ترك بلادها رغم القصف المتواصل بالمدفعية الثقيلة والطيران الحربي، ورغم تهدم المنازل على رؤوس ساكنيها.
و أعربت الناشطة إسلام الزعبي من محافظة درعا عن رفضها مغادرة سوريا مع أطفالها، موضحة أن النظام ما يريد إلا ذلك، بهدف تفريغ البلاد لغرض في نفسه، وقالت: "إننا نربي جيلاً جديدًا هنا فوق أرض سوريا وتحت سمائها، ولو ذهبنا إلى أي مكان فلن نستطيع أخذهما معنا".
ووقفت صحيفة "البيان" على واقعة إحدى الأرامل السوريات خشيت الإفصاح عن هويتها، رفضت مغادرة سوريا، حتى قصف بيتها في حمص، فنزحت مع أطفالها الأربعة إلى دمشق عند أقربائها، حتى قصف بيتهم الكائن في حي الميدان، فما كان منها إلا أن عادت إلى حمص مجددًا.
وبعد أن سألت "البيان" ع. م. ن. عن إصرارها على عدم اللجوء، فأجابت: بلدي مهما صار بها، فهي بلدي، لا أطيق أن أعيش في غيرها، إننا نتأقلم مع القصف والدمار، ولن نتركها للعدو المتربص الذي يرغب في تفريغ البلاد من أهلها.
وفي تركيا وحدها تجاوز العدد 100 ألف لاجئ، وفي مصر تقدر أعداد السوريين ما يقرب من 40 ألف يتركز أغلبهم في مدينة 6أكتوبر (خاصة في الشيخ زايد) ومدينة الرحاب والعبور وفيصل والهرم ومجموعة بمحافظة الإسكندرية.
يقول الناشط أحمد اللاذقاني (أحد مؤسسي حركة مرابطون من أجل يا سوريا): "خلال الشهرين الأخيرين فقط دخلت إلى مصر أعداد إضافية من اللاجئين، بلغت أضعاف الأعداد التي دخلت مصر منذ بداية الثورة".
أما عن هُوية الأسر السورية اللاجئة في مصر فيقول الناشط السوري عبد الله كجك: "إن عدد الأسر السورية التي لجئت إلي مصر حوالي 1300 أسرة متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة خمسة أفراد، أغلبهم من السنة وهناك 13 أسرة من الطوائف المختلفة كدروز ومسيحيين وعلويين ..أما الأسر الشيعية فتفضل اللجوء إلي لبنان وإيران".
مصر ملاذ أمن وقول أحد الناشطين السوريين في مصر طالبًا عدم ذكر اسمه: "في مصر تسمح السلطات بأفضل ظروف للأنشطة السياسية والمدنية، كما أن أحوال اللاجئين في معظم الدول الأخرى تكون في مخيمات علي الحدود في أحوال معيشية صعبة وسيكون الشتاء قارسًا في هذه المخيمات".
وأضاف: بجانب أن السلطة المصرية مؤيدة للثورة السورية وقد تم إصدار قرار رئاسي بمعاملة الطلاب السوريين مثلهم مثل الطلاب المصريين، كما أن دخول السوريين إلى مصر لا يحتاج إلي تأشيرة فيستطيعون العيش في مصر بشكل طبيعي لمدة ثلاثة شهور كسيَّاح ثم يحتاجوا إلي تقنين إقامتهم بشكل قانوني عبر إدارة الجوازات والهجرة بوزارة الخارجية.
يقول الناشط أحمد اللاذقاني: "أوضاع السوريين في مصر تعتبر نوعًا ما أفضل منهم في الأردن ولبنان وتركيا حيث إن الأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد إذا نزحت إلى مصر ستنفق ما لا يقل عن 20 ألف جنيه لتذاكر الطيران في حين أن الأسر الفقيرة تنزح إلي الدولة المجاورة إلي لبنان والأردن وتركيا".
ويضيف: "قبل تزايد أعداد النازحين السوريين في مصر كانت الأسرة تحصل على 400 دولار شهريًا، أما الآن فقد تحصل على 400 جنيه، ولكل طفل فيها مائة جنيه".
وتوجد جمعيات خيرية ذات خلفية دينية لها مجهود واضح في مساعدة اللاجئين السوريين في مصر تعمل علي توفير مسكن ودخل شهري منتظم بل وأحيانًا تعمل علي توفير وظائف.
وتقول السيدة أم زهير السورية: "أن لا أحب أن أذهب لهيئة الإغاثة أشعر أن ذلك يُريق ماء وجهي وكما يقول المصريون هنا: (لا أمد يدي لأحد) لذلك فإنني أبحث عن عمل".
اغتصاب في صمت وحول ما يعانيه المواطن السوري خارج الوطن ،نشرت مجلة "تايم" الأميركية مقالاً يروى حكايات تقول عنها أنه لا بدّ أن يكون كل شخص قد سمع بها، وبإمكانه أن يروي التفاصيل الرهيبة عن حكايات اغتصاب الجنود السوريين لنسوة وفتيات تحميهم حصانة كريهة.
وقد حملت تلك الحكايات مشاهد بشعة تحدث عنها كثير من اللاجئين من بلدة جسر الشغور السورية، وقد عبر بعضهم الحدود التركية طلباً للأمن، ولا يزال البعض محاصرين في القطاع السوري من الحدود بانتظار المرور.
وقالوا إن الجنود اختطفوا عدداً من الجميلات الصغيرات من البلدة، وعاملوهنّ كعبيد في مصفاة السكر وقاموا باغتصابهن وإجبارهن على البقاء عاريات وعلى خدمتهم بتقديم الشاي والقهوة لهم.
وروت الحكايات قصصاً أكثر بشاعة عن تشويه عدد من النسوة بعد قيام الجنود باغتصابهم إذ قطعوا صدورهن. إلا أنّ القليل شاهدوا الضحايا والأقل لا يزالون لا يستطيعون معرفة أسماءهن.
وكانت هذه الأعمال مفاجئة، فالاعتداء الجنسي من الموضوعات التي يصعب الثرثرة بشأنها في أي مجتمع وخاصة في الجاليات المحافظة الريفية العربية - مثل تلك التي تقع في شمال سوريا - حيث شرف العائلة في أغلب الأحيان يعتمد على طهارة نسائها.
ويعتبر مجرد الإشارة إلى فقدان العفة بأي طريقة أنه وصمة عار، ما يجعل الضحية وأفراد عائلتها بأكملهم منبوذين.