منذ إنتخاب اول رئيس مدنى منتخب لمصر وفقا لقواعد جديده أرستها ثورة 25 يناير 2011 والشعب ينتظر الكثير و علق آمال كبيره على رجل جاء من بينات جيل أرسى له الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فعبد الناصر عندما وزع أراضى الإقطاعيين على صغار الفلاحين قال لهم سيكون منكم رئيسا لمصر, و لكن إنتظر الشعب مده كبيرة دون أى ملامح لتحقيق ما كان ينتظره, و لعلنى هنا لا اقصد النقد و لا تشويه صورة الرئيس و لكن انا فى الحقيقة مبتئس مما آلت إليه الأمور و ما يمكن أن تؤدى اليه مفردات الواقع الذى أصبحنا نعيشه منذ الإعلان الدستورى الذى عصف بكل آمال هذا الشعب , على الرغم من وجود قاعدة عريضة أيدت هذا الدستور وفقا لنتائج الإستفتاء عليه , و لكنها ليست عريضة بالمفهوم الذى يمكن أن نتصور من خلاله أنها أغلبية بمفهوم الأغلبية و لكنها قاعدة إستمدت عناصرها من كيانات و أوهام وإيديولوجيات يسهل إنقلابها فى أى لحظة و خاصة مع مشاهد الإنهيار الإقتصادى و السياسى والأمنى و الإجتماعى و النفسى فى المجتمع المصرى. إن ما آلت اليه الأمور فى الذكرى الثانية لثورة يناير و كل ما شهدناه من أحداث تحاكى الثورة الأم لا يمكن أن تختزل أطروحات التعامل مع هذا الوضع فى حوار يدعوا اليه رئيس الدولة فى خطاب طال إنتظاره , بعد أحداث داميه راح ضحيتها من فلزات كبد هذا الشعب الكثير و تجدد الصدام بين الشعب و الشرطة , و إعلان حالة الطوارىء و إطلاق العنان للشرطة فى مواجهة المتظاهرين و إلقاء التهم على المتظاهرين.
تختلف المعادلة فى هذه المرة عن المرات السابقة فلم يعد للنزاع طرفين كما كان الحال ممثلين فى نظام الحكم الذى بات يصر على أن يستمد قوته من جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من تيار الإسلام السياسى , و جبهة الإنقاذ التى تشكلت من مجموعة من الأحزاب السياسية الموصوفة بالمعارضة السياسية . بل أصبح للنزاع و الخلاف و كل ما يمكن أن يطلق على هذا الوضع من أوصاف للتضاد طرف جديد لا أريد أن يوصف بأنه الطرف الثالث لما لهذا المصطلح من مفهوم بأنه فاعل شبحى لأحداث عديده راح ضحيتها شهداء كثيرين ولكن يمكن فى الوقت الحالى أن نطلق على هذا الطرف أنه الطرف الحر.
للتعرف على عناصر النزاع يجب علينا أن نعرف مقومات كل طرف و عناصره و أهدافه وإمكانياته وقدراته و أساليبه و منهجه و بناء عليه يمكن تحديد مدى قدرة كل طرف على التعامل مع الحدث , وإن كان النظام يملك مقومات و إمكانيات عديده إلا أنه أثبت عدم قدرتها على الإستمرار فى التعامل لفترات طويله, و الزج بها فى مواجهات مستمرة عادة ما تنتهى بإنهيار هذه المقومات المتمثلة فى مؤسسات المواجهة الأمنية و فى حالة لجوء النظام لمقوماته و قدراته التنظيمية فإن ذلك فى منتهى الخطورة و قد يفتح عليه أبواب لا يمكن إغلاقها سواء محليا أو دوليا لذلك إختفت ما يطلق عليها ميليشيات الإخوان و ميليشيات حلفائه , أما جبهة الإنقاذ فهى سياسية بالدرجة الأولى و إن كانت عولت على مجموعات الأولتراس لتكون ميليشياتها إلا أن هذه المجموعات إنفضت من حولها و ذلك فى منتهى البساطة لأن الأولتراس لهم قضيتهم الخاصة , و التعامل السياسى منعدم بفعل رفض الحوار و سيطرة تيار الإسلام السياسى على مجلس الشورى بصفته التشريعية الحالية و عدم وجود مجلس النواب.
أما الطرف الحر الذى برز دوره فى فعاليات ذكرى ثورة يناير فهو الطرف الصعب و ذلك لعدة عوامل لعل من أهمها أنه طرف جديد لا تتوافر عنه حتى الآن معلومات , و قد وضح فى خطاب السيد رئيس الجمهورية أن هناك ندرة فى المعلومات عن الفاعل الرئيسى على الساحة, كما لا توجد له حتى الآن أيضا قيادة واضحة يمكن التعامل معها , فضلا عن ظهوره فى محافظات كثيرة و قدرته على تصعيد مواجهاته مع الشرطة و مرافق الدولة.
إن طرح مبادرة حوار بدون هذا الطرف الحر الجديد لن تكون ذات جدوى لأنه حتى لو إفترضنا جدليا أن جبهة الإنقاذ قبلت الحوار و توصلت لنتائج فى مطالبها فلا أظن أن الطرف الحر سيمتثل و يوقف نشاطه فهذا الطرف له مطالب و من الواضح أن سقف هذه المطالب سيرتفع مع ما شهدته الأيام الماضية من مواجهات أمنية و صمت سياسى و تجاهل لكيانه وإتهام لقدراته.
كما أن تنصل الجميع من إحتواء هذا الطرف الجديد و حرمانه من أى غطاء سياسى سيصعب من آليات التواصل المبكر معه و علينا أن ننتظر حتى يتبلور هذا الطرف فى كيان له قياده يمكن التعامل معها.
وبالتالى فهذا الطرف أصبح بدون أدنى شك طرف فاعل ومهم ولا يمكن إغفاله ليكون أحد أطراف الحوار إذا كنا نريد حوار صحى بناء هادف وليس حوارا عليلا فارغ المحتوى يعتمد على حشد قوى الحلفاء للحوار وكأنه حوار مع النفس.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه