ضمن إصدارات معرض القاهرة للكتاب تصدر عن دار "بيت الياسمين" رواية "عشيقات الطفولة " للكاتب محمد بركة . يمزج العمل على نحو فريد بين ذكريات الراوي في قرية صغيرة ملقاة بإهمال في حضن دلتا النيل أواخر السبعينيات وبين رتوش غائمة لقصص حب لم تكتمل في سنوات الصبا كما في هذا المقطع الذي يقول فيه البطل:
( لا أعرف كيف اخترقنى سهم الحب بهذا العنف الهادر وأنا عيل مطلعش فعلاً من البيضة، ولا يعرف – حقاً – الفارق بين الألف وكوز الدرة؟ كيف تحولت بقدرة قادر إلى سمكة بلطى تخرج من بحر البراءة وقد علقت السنارة بفمها الصغير فيأتلق لونها الفضى فى أشعة الشمس قبل أن يُرمى بها على قطعة من الصاج المحمى وتُشوى وهى لا تزال حية على نار الغرام الموقدة).
"عشيقات الطفولة" هي العمل الأدبي الرابع لمحمد بركة حيث صدر له من قبل المجموعتان القصصيتان "كوميديا الانسجام" و "3 مخبرين وعاشق " ورواية " الفضيحة الإيطالية ".
وفي كل هذه التجارب، تتبدى ملامح مشروع أدبي يقوم على الانحياز إلى الإنسان والتعاطف مع ضعفه وإضاءة مناطق في الوعي والواقع على حد سواء تعرضت طويلا للتهميش والتزييف، كل ذلك عبر لغة رشيقة مكثفة تحمل نكهة ساخرة.
أيضاً يصدر في معرض القاهرة للكتاب عن دار "بيت الياسمين" أحدث مؤلفات الكاتبة الصحفية والباحثة الاعلامية هبة عبدالعزيز " سياسة بالمكسرات " والذي ترصد فيه بلغة كوميدية جريئة الواقع السياسي بمختلف ابعاده وشخصياته ورموزه. عبر 68 مقالا توجه المؤلفة قذائفها الساخرة إلى جميع الفصائل والقوى والأحزاب، لا فرق لديها بين من كانت مرجعيته دينية أو ليبرالية . تقول الكاتبة في مقدمة الكتاب : ( حين دخلت المطبخ هذه المرة ، وقررت أن تكون الوليمة العامرة بما لذ وطاب من النوع السياسي الحراق ، كان لابد أن أهتف : استعنا ع الشقا بالله ارتديت المريلة وشمرت عن ساعدي ، وبدأت في تجهيز طواجن السلف وصواني الإخوان وسلاطات الليبراليين ومشروبات العسكر و " حلو " الثوار..وحين انتقلت الى مائدة الطعام ، فوجئت بغياب كرسي حواء وهتفت بصوت بديع : احنا آسفين يا وديع ويبدو ان هتافي وصل الى مسامع د. حمزاوي فرد قائلا : ليس هكذا يسلق الدستور بينما أومأ " حمدين " برأسه وتساءل مستنكرا : هل هذا هو مفهومكم للعدالة ؟ أما شيخنا الجليل أشهر اصبعه السبابة في وجهي محذرا : عيب .. احتشمي ! وبصرف النظر عن تداعيات ما حدث بعد ذلك ، أتمنى لكم كتابا مقبولا وقراءة شهية ).
تتسم لغة المؤلفة بالمزج الفريد بين الفصحى والعامية ، والقدرة على الوصول إلى لب المفارقة وسط أحداث مرتبكة وشخصيات تفيض بالمتناقضات ، كما تلجأ أحيانا إلى تطعيم مقالاتها بلغة تراثية تضفي مزيدا من التشويق والكوميديا، واللافت هو قدرة الكاتبة على نحت عديد من المصطلحات المبتكرة شديدة الخصوصية والتي تبدو وكأنها تحمل بصمة خاصة لصاحبتها.