بدا وكأنه قائد سفينة في بحر هائج متلاطم الأمواج، وعيون أحرق البكاء جفونها تترقب وصوله إلى الشاطئ الآخر حاملاً على ظهر سفينته شيء واحد "القصاص" لمن يرقدون تحت التراب وصمتهم يسأل "قلوبنا بأي ذنب قُنصت"؟ المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة وقاضي القرن الذي تحمل مسئولية محاكمة القرن للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه أصبح اليوم أمل للأمهات الثكلى اللاتي يبحثن عن حكم يثلج صدورهن بعدما أسخنها ألم الفراق. وجاء يوم الثالث من أغسطس 2011 الذي لم يكن يوما عاديا في حياة المصريين بل وفي حياة الشعوب العربية فهو اليوم الذي رأت فيه تلك الشعوب لأول مرة رئيس عربي داخل القفص بعد فترة طويلة سادتها الشكوك في إمكانية أن يتحقق ذلك. "باسم الله الرحمن الرحيم .. باسم الحق ..باسم العدل.. فتحت الجلسة" بهذه العبارة التي أطلقها القاضي أحمد رفعت بدأت وقائع أولى جلسات محاكمة مبارك ونجليه ووزير داخليته ومساعديه وبدا رفعت ثابتا واثقا من نفسه ليعطي انطباعا جيدا عن هيبة القضاء المصري أمام عيون العالم التي تراقب الحدث. قضايا كبرى ولد المستشار أحمد فهمي رفعت رئيس الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات القاهرة في 17 أكتوبر عام 1941 ، في منطقة الحلمية الجديدةبالقاهرة، والتي تركها فيما بعد لينتقل مع عائلته إلى حي مصر الجديدة، والده هو المهندس فهمي رفعت الذي كان من أوائل الذين عملوا في تشييد وبناء السد العالي بأسوان، وهو شقيق عصام رفعت رئيس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادي السابق. تاريخ أحمد رفعت مليء بالقضايا الكبرى ومن أهمها قضية "الآثار الكبرى"، والتي كانت من أكبر قضايا تهريب الآثار حيث ضمت 280 قطعة أثرية، وحكم فيها على المتهمين بأحكام رادعة. قضية "بنك مصر إكستريور"، التي اتهم فيها عبد الله طايل، رئيس مجلس إدارة البنك السابق، والرئيس السابق للجنة الاقتصادية في مجلس الشعب، و 18 متهماً آخرين، كانت أيضا من بين القضايا التي نظرها المستشار أحمد رفعت، وحكم فيها على المتهمين نظير جرائمهم المتمثلة في الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام، وغسيل الأموال. المستشار أحمد رفعت هو أيضا ذلك القاضي الذي فاجأ الرأي العام المصري بحكم تاريخي في القضية التي عرفت باسم "التنظيم القطبي"، والتي ضمت عدداً من قيادات جماعة "الإخوان المسلمين"، الذين أحالتهم نيابة أمن الدولة إلى محكمة جنايات القاهرة، حيث أصدر حكماً بإخلاء سبيل 16 من المتهمين بالقضية. ومن بين قضايا الرأي العام التي عرضت عليه القضية المثيرة للجدل التي اتهم فيها ثرى إماراتي بقتل فتاة في ضاحية مصر الجديدة، وتمزيق جسدها إلى ثمانية أجزاء والإلقاء بها في صندوق القمامة، ولكنه تنحى عن نظر القضية لاستشعار الحرج وتنحى أيضاً عن التحقيق مع اثنين من زملائه القضاة، هما المستشارين هشام البسطويسى، ومحمود مكي، نائبا رئيس محكمة النقض، بعد أن أحالهما وزير العدل في نظام مبارك، ممدوح مرعى، للتحقيق بعد أن أكدا على وجود تزوير في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.