بين الحين والآخر يطفو على السطح الخلاف الإماراتي - الإيراني على الجزر الثلاثة "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى"، والموقف الدائم المعلن للإمارات هو حث طهران على التفاوض، أو قبول إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، بينما تصر إيران على أن سيادتها على الجزر ليست محل نقاش، وتدعو الطرف الإماراتي إلى "تفهم الموقف". وعادة ما تحمل المناطق المتنازع عليها أهمية معينة، إما إستراتيجية أو مجرد كونها غنية بالموارد الطبيعية، أو تعطي زخما حدوديا لدولة ما.
وتراجعت وزارة الخارجية الإيرانية مؤخرا عن التصريحات المنسوبة للمتحدث باسم الوزارة رامين مهمانبرست التي نشرت الثلاثاء الماضي على موقع مجلس الشورى الإيراني بشأن الجزر الإماراتية الثلاث "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى" المحتلة من قبل إيران ، لافته إلى حق الوزارة القانوني في متابعة الجهة التي وقفت وراء تشويه تلك التصريحات.
وأوضح مصدر بالخارجية الإيرانية أن تشويه تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية عمل غير مهني . لافتا إلى "أن اختيار العنوان والموضوع بهذه الصورة غير المناسبة وتشويه التصريحات التي أدلي بها المتحدث سواء كانت عن عمد أو غير عمد تثير الشكوك والأهداف التي تقف وراء ذلك".
ونشر التكذيب على جميع المواقع الإيرانية ومنها الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "ارنا" وموقع الإذاعة والتلفزيون الإيرانيين الرسميين باللغة الفارسية.
وكان عدد من وسائل الإعلام الإيرانية بينها وكالة الأنباء الرسمية والموقع الالكتروني لمجلس الشورى نقل عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست ان طهران قررت خفض علاقاتها الدبلوماسية مع دولة الإمارات إذا استمرت في المطالبة بالجزر الثلاث الخليجية التي تحتلها إيران.
ونقل موقع البرلمان الإيراني عن رامين مهمانبرست قوله ان الاستمرار في "هذه المطالب التي لا أساس لها سيكون له تأثير سبي على العلاقات الثنائية".
تهديدات غير مفهومة
من جانبه يرى وزير الإعلام ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، أن ما اعتبره التهديدات الإيرانية الأخيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة حول قضية الجزر المحتلة، غير مبررة أو مفهومة.
وقال الوزير الصباح أمس الإثنين :"إن التهديدات الإيرانية الأخيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة حول قضية الجزر المحتلة، غير مبررة أو مفهومة".
وأضاف الوزير الكويتي :"إن دولة الكويت تقف كتفاً إلى كتف مع أشقائنا في الإمارات لقرابتهما الحقة، ولا شك أن هذه القضية ستُناقَش على أعلى المستويات وسيُتَّخذ القرار اللازم بشأنها".
واشار إلى "تأكيد دول مجلس التعاون الخليجي مراراً موقفها حيال هذه القضية".
مطالب إماراتية
وتطالب الإمارات بانتظام بجزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى عند مدخل الخليج التي تحتلها إيران منذ 1971 مع انسحاب القوات البريطانية من المنطقة واستقلال دولة الإمارات.
وجدد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان هذا المطلب في 29 أيلول/ سبتمبر امام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وسبق وان رفعت طهران "صوتها" بعد أسابيع من التهدئة حول احتلالها الجزر الإماراتية الثلاثة عبر تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست إن الجزر الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى "كانت ولا تزال جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية وستظل كذلك إلى الأبد".
وقالت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء إن مهمانبرست نفى "الادعاءات الوهمية" لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي حول الجزر الثلاث خلال اجتماعهم ال 124 ووصفها بأنها "لا تستند إلى أدلة ولا أساس لها من الصحة".
وتلجأ ايران بين الحين والأخر إلى إثارة ملف الجزر الإماراتيةالمحتلة، في محاولة لإشغال الرأي العام عن أزمتها السياسية مع الغرب والاقتصادية مع الشعوب الإيرانية.
ويرى المحلل السياسي الإماراتي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدا لله عبد الخالق، أن الإمارات تطالب بالجزر الثلاث لأنها جزء منها، بصرف النظر عن أهميتها، وتحاجج إيران عليها، وقال: "إذا أثبتت إيران بالوثائق أن الجزر لها فلتأخذها".
نجاد يشعل الخلاف
وكانت أبو ظبي قد استدعت سفيرها لدى إيران للتشاور غداة زيارة الرئيس محمود احمدي نجاد ابريل الماضي لجزيرة أبو موسى التي تؤكد الإمارات سيادتها عليها.
وأدانت الإمارات بشدة الزيارة ، معتبرة ان هذه الزيارة تكشف "زيف الادعاءات الإيرانية" حول إرادة إقامة علاقات جيدة مع الإمارات ودول الجوار.
وقال وزير الخارجية الإماراتي في بيان له :"انه يدين بأشد العبارات الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية التي تحتلها إيران منذ العام 1971".
واعتبر الوزير الإماراتي ان الزيارة تشكل "انتهاكا صارخا لسيادة الإمارات العربية المتحدة على أراضيها ونقضا لكل الجهود والمحاولات التي تبذل لإيجاد تسوية سلمية لإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث".
موقف الخليج وأمريكا
ووقفت جميع الدول العربية وبالأخص الخليجية منها إلى جانب الإمارات، وكذلك جامعة الدول العربية في هذه القضية، ودعوا جميعاً إيران إلى التراجع عن قراراتها بضم هذه الجزر إليها.
من جانبها دعت الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال ابريل / نيسان الماضي إلى حل سلمي ، للخلاف الحدودي بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة واعتبرت ان زيارة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد لأحد الجزر المتنازع عليها عملت على "تعقيد" المشكلة.
وأعربت واشنطن ايضا عن دعمها دعوة الإمارات العربية المتحدة الى حل النزاع عبر التفاوض او من خلال اللجوء ال محكمة العدل الدولية، حسب ما جاء في بيان للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر.
وفي 28 أيلول / سبتمبر 1993 أعلنت الإمارات أنها تريد حل الخلاف مع إيران سلماً، إلا أن أي جديد لم يطرأ على الساحة بسبب وقوف الجانب الإيراني على عهد الرئيس رافسنجاني على ما هو عليه من التصلب في المواقف، وخاصة تجاه الدول العربية الخليجية.
ومع وصول الرئيس محمد خاتمي إلى سده الرئاسة في إيران عام 1997، تغيرت الاتجاهات، فليّنت إيران من سياستها، وعادت العلاقات الدبلوماسية بين دول الخليج وإيران إلى طبيعتها، مما خفف من حدة التصريحات المضادة بين كل من البلدين. بشأن الخلاف على الجزر الثلاث، الأمر الذي ينعكس إيجاباً حول إيجاد حل نهائي لهذه الأزمة.
بداية الاحتلال
واحتل شاه إيران الراحل الذي كان مدعوما من الولاياتالمتحدة جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى عام 1971 قبيل استقلال إمارات الخليج السبعة عن بريطانيا وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت إمارتا الشارقة ورأس الخيمة هما اللتان تحكمان الجزر سابقا.
وترجع جذور الأطماع الإيرانية في الجزر العربية إلى القرن الثامن عشر عندما تمكن القواسم من بسط سيطرتهم على سواحل الخليج العربي الجنوبية بشطريها الشرقي والغربي. فلم يكن التواجد العربي على هذه السواحل جديداً. فقد اعتاد عرب الساحل العربي على إيجاد إمارات عربية خاصة بهم ممتدة على طول الساحل الشرقي للخليج اعتباراً من إمارة بني كعب الواقعة في منطقة المحمرة (عربستان) إلى إمارة بوشهر.
وهناك أسباب إستراتيجية لهذا الاحتلال لان الجزر الثلاث يقعن في مدخل الخليج العربي واحتلالها للجزر يمكنها من السيطرة على مضيق هرمز ، وهناك أسباب اقتصادية وهي توافر النفط الخام فيها وتواجد كميات كبيرة من أكسيد الحديد في أبو موسى.
وتزعم إيران إنها تريد روابط طيبة مع الإمارات لكن شأنها شأن الشاه تصر على ملكيتها للجزر وتجاهلت دعوة أبو ظبي للتحكيم أو التوصل إلى حل دبلوماسي.
مواد متعلقة: 1. الإمارات: إيران تعيق حل قضية الجزر 2. إيران تنفي تصريحات بشأن جزر الإمارات 3. الامارات تؤكد ضرورة تعزيز العلاقات مع ايران