العمل: «تسوية ودية وتعويض» للعاملة التي فقدت طفلتها الرضيعة بالإسكندرية    وزير الكهرباء يشهد مراسم تحريك وعاء ضغط المفاعل الأول لمحطة الضبعة النووية من مدينة بطرسبرغ الروسية    السيسي يصدر 7 قرارات جمهورية.. تفاصيل إنشاء جامعة شرق العاصمة    «تعليم قنا» يحرز مراكز متقدمة جمهوريًا في مسابقة التعبير والتصميم الفني    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء    تراجع في أسعار اللحوم بالأسواق والمنافذ اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    أسعار الحديد اليوم الاربعاء 24-9-2025 في الدقهلية    رئيس «الرعاية الصحية» يلتقي رئيس «العربية للتصنيع» ويبحثان سبل تعزيز التعاون    رئيس الوزراء يؤكد ترحيب مصر بكافة جهود التوصل لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية    3 دول أوروبية تمهل إيران أيامًا لمعالجة ملفها النووي    كوريا الجنوبية: الاعتراف بدولة فلسطين مرهون بتحقيق حل الدولتين    وزير الخارجية يلتقى مع نظيره القبرصي على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك    رئيس الوزراء يشارك في اجتماع بشأن "اليوم التالي ودعم الاستقرار في غزة".. صور    بيراميدز يواصل التفوق المصري على عمالقة السعودية    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24-9-2025 والقنوات الناقلة    الأرصاد: طقس خريفي مستقر وأمطار محتملة على بعض المناطق اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين على الطريق الإقليمي بالقليوبية    حبس مدير المدرسة المتهم بالتحرش بالقليوبية 4 أيام على ذمة التحقيقات    وصول الطفل ياسين إلى مقر محكمة إيتاي البارود الابتدائية    خبير مروري يوضح أهم الشروط لاستخراج رخصة القيادة المهنية (فيديو)    ضبط ورشة لغش بطاريات سيارات بالإسكندرية تستخدم علامات شهيره    تعرف على موعد تشييع جثمان مصممة الاستعراضات ميرفت زعزع    «شمشون ودليلة» يجمع أحمد العوضي ومي عمرلأول مرة في عمل سينمائي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 24-9-2025 في محافظة قنا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم 217 ندوة بمساجد شمال سيناء    وكيل صحة بني سويف: نعمل على رفع كفاءة الخدمات وتوفير بيئة عمل آمنة    مفاجأة.. تسعيرة الفراخ البيضاء اليوم تحت ال 60 جنيها    وفد السنغال يلتقي وكيل الأزهر لمناقشة تدريب الأئمة والوعاظ في مصر    الرئيس اللبنانى: اللجوء إلى القوة لتنفيذ حصرية السلاح أمر غير وارد    إعلام عبري: 80 بالمئة من العالم اعترف بدولة فلسطين ونتنياهو لن يرد فورا    تسريب غاز في محطة القصر العيني بالقاهرة| إجراء عاجل من الشركة    «التحرير الفلسطينية»: الاعترافات الدولية بدولة فلسطين تحول استراتيجي هام    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأربعاء 24/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    حسين فهمي: القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في مهرجان القاهرة    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 سبتمبر    رئيس «حماية المستهلك» يقود حملة ليلية مُفاجئة على الأسواق    جدول ترتيب الدوري المصري بعد فوز الأهلي وتعادل الزمالك    إنقاذ طفل حديث الولادة مصاب بعيب خلقي خطير بالقلب بمستشفى أطفال مصر للتأمين الصحي    انتصار الحب، إلهام عبد البديع تعود لزوجها الملحن وليد سامي بعد 4 أشهر من انفصالهما    «أوقاف أسوان» تكرم 114 من حفظة القرآن فى ختام الأنشطة الصيفية    محافظ الدقهلية يشارك في احتفالية تكريم الطلاب المتفوقين من أبناء المهندسين    هاني رمزي: الموهبة وحدها لا تكفي وحدها.. والانضباط يصنع نجمًا عالميًا    هشام حنفي: القمة فرصة ذهبية لعودة الأهلي والزمالك مطالب بتحسين الأداء    «احمديات»: لماذا ! يريدون تدميرها    ميلان يحجز مقعده في ثمن نهائي كأس إيطاليا بثلاثية نظيفة أمام ليتشي    «وريهم العين الحمرا.. واللي مش عاجبه يمشي».. رسالة خاصة من إبراهيم سعيد ل وليد صلاح الدين    وفاة النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي «ملكة جمال تونس 1957»    مسلم يفجر أسرار عائلته: «من 15 سنة سبت البيت والجيران كانوا بيسمعوا عياطي»    قرارات جديدة من وزارة التربية والتعليم بشأن الصف الأول الثانوي 2025-2026 في أول أسبوع دراسة    بدون صلاح.. إيزاك يقود ليفربول للتأهل في كأس الرابطة الإنجليزية    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 24 سبتمبر 2025    رسميًا.. موعد الإجازة المقبلة للقطاع العام والخاص والبنوك (يومان عطلة في سبتمبر)    النائب محمد زكي: ملفات التعليم والصحة والاقتصاد تتصدر أولوياتي    عمرو محمود ياسين عن تكريم والده بمهرجان بورسعيد: كنت أتمنى يكون حاضر تكريمه    إجراء جراحة ناجحة استمرت 17 ساعة لاعتدال عمود فقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    مدير فرع الرعاية الصحية بالأقصر يطلق مبادرة "اليوم المفتوح".. صور    بعد انطلاق موسم الدراسة.. 5 أطعمة لا تضعيها لأطفالك في «اللانش بوكس»    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى حوارها مع "لهن" .. فاطمة ناعوت تصف مهاجميها ب"التافهين"
نشر في محيط يوم 03 - 10 - 2012

تجبرك علي احترامها حتي لو اختلفت معها ،فهي واضحة لدرجة مرعبة شجاعتها جعلتها تواجه كل المهاجمين لها بشجاعة رجالية رغم ما تتمتع به من أنوثة وجمال لا يخفيان علي كل ذي بصيرة ، لكن إيمانها العميق بمبادئها وبحثها الدائم عن الكمال أمدها بالقوة في مواجهة كل ما تراه من وجهة نظرها ضد قيم الخير التي تؤمن بها ، فهي تحارب القبح وتكره الجهل وتعتبره عدو الأمم الأكبر وتختصر ثالوث التأخر "الفقر والجهل والمرض " في الجهل وحده كونه المسئول عن كل ما يحيق بالأمم من تأخر .

هي كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية. تخرجت في كلية الهندسة قسم العمارة جامعة عين شمس. لها، حتى الآن، ثمانية عشر كتابًا ما بين الشعر والترجمات والنقد. تكتب عددًا من الأعمدة الأسبوعية الثابتة في صحف مصرية وعربية منها: "المصري اليوم"، “الوطن”، "اليوم السابع". تناولت تجربتَُها بعضُ الأطروحات العلمية والأكاديمية. مثلّت اسم مصر في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الثقافية الدولية. تُرجمت قصائدها إلى العديد من اللغات الأجنبية. لها عدد كبير من المؤلفات والترجمات والكتب النقدية .. هي المثيرة للجدل دائماُ فاطمة ناعوت في حوار رشيق واضح جداً ل " لهن"

*كيف انتقلت من عالم الهندسة إلي عالم الشعر والأدب ومنهما إلي عالم السياسة والنضال الثوري والدفاع عن الأقليات؟ وما هي الخيوط التي تربط بين هذه العوالم ؟

العمارة والهندسة عالم متسع يضم تحت جناحيه كافة الفنون والعلوم الأخرى. وبالتالي أنا لم أنتقل من نقيض إلى نقيض كما يظن البعض، إنما ولجتُ من الشاسع، إلى أحد أروقة هذا الشاسع الرحب. في كلية الهندسة علمونا أننا يجب أن نُلمّ بمجمل المنجز الإنساني من موسيقى ونحت وتشكيل وأدب ومسرح وسينيما وعلم الاجتماع ونظرية الجمال والتاريخ وهلم جرا مما أنجز الإنسان فوق الأرض، من أجل أن تكون معماريًّا ناجحا مميزا. لهذا تُسمى العمارة: "أمّ الفنون". ليس فقط لأنها الفن الأول الذي مارسه الإنسان فوق الأرض حين حاول أن يبتني لنفسه مأوى يحميه من الطبيعة ومن الضواري، ولكن كذلك لأنها الفن الذي يحتوي مجمل الفنون في باحته. الثورة هي صنو الشعر ورفيقته. كل شاعر ثوري بالضرورة. هو ثائرٌ د الظلم والقبح، نشدانا للجمال والعدل. أما السياسة فأنا أبعد إنسان في العالم عنها. كيف لشاعر أن يكون سياسيًّا؟! الشاعر طوباوي يحلم بالعدل والتحضر ويسعى نحو الجمال، بينما السياسي برجماتيّ ميكيافيللي يبحث عن المصلحة وإن بالظلم والعنصرية. أنا أكتب في السياسة من منطلق شعري طوباوي، لكنني غير محسوبة على السياسيين، ولن أكون.

* كنت من المشاركين في ثورة يناير ومعارضة قوية للإخوان الآن متي يمكنك القول إن الثورة نجحت وحققت كل أهدافها؟

الثورةُ أُجهِضت وخرجت إلى النور قبل موعد اكتمالها. ثورتنا طفلةٌ جميلة لكنها خرجت للحياة مُبتسرةً. الأطفال المبتسرون غير مكتملي النمو لابد أن يوضعوا في حضّانة حتى يكتمل نموهم. ورغم أن تلك الطفلة الجميلة، الثورة، غير مكتملة النمو، إلا أنها، لفرط جمالها، كانت مطمعًا للصوص! سرقوها قبل أن توضع في الحضانة، وأساءوا إليها وعذبوها وأفقدوها براءتها. لكنها لم تمت بعد. وعلينا- جميع من أحب مصر وصنع تلك الثورة- أن نستعيدها من لصوص الثورات، ثم البدء في مرحلة استكمال نموها، حتى تخرج إلى العالم طفلةً رائعة الجمال، تصنع لمصر مسقبلا رغدا مشرقا.

* ما رأيك في وضع المرأة حالياً وما يثار من موضوعات تافهة مثل الختان وغيرها؟

المرأة كانت المساهم الأكبر في الثورة إن لم تكن هي مُفجرتها الأساس. ومع هذا يحاولون الآن تكميم فمها وخنق صوتها، لأنهم- دعاة الظلام- يعلمون تمام العلم أن ترقّي المجتمعات يُقاس بمكانة المرأة فيها. وهم يريدون لمجتمعنا أن يكون في ذيل العالم تمهيدا للعودة بنا إلى قرون الظلام، التي خرجت منها أوروبا وندخل فيها نحن. المرأةُ- من أسف_ بيدها لا بيد عمرو، تساعد الظلاميين للنيل من حقوقها. المرأة تصنع من نفسها، بنفسها، عدوًّا رابعًا ضد نفسها، عطفًا على الأعداء الثلاثة الكلاسيكيين في مجتمعاتنا العربية: الرجل المهزوم- المجتمع الرجعي- سوء تأويل النص الديني.

ثم أن الختان ليس أمرًا تافها بل هو إهدار كامل لآدمية المرأة، وتدمير لإنسانيتها. ولم يأمر به الإسلام، ولا هو عادة فرعونية كما يزعمون، لأن الفراعين كانوا من التحضر والرقي والتقدم الطبي بمكان. بل هي عادة أفريقية بالية وجب محاربتها.

* أراك تنشدين الكمال في كتاباتك والمثالية في حياتك هل أتعبك ذلك؟ وهل أتعبتك الجرأة والصراحة التي تتسمين بها؟

كل الساعين نحو الجمال مُتعَبون، ومُتعِبون، في آن. يَتعَبون لأن الجمالَ صعبٌ طويلٌ سُلَّمُه، كما قال الشاعر: "الشِّعرُ صعبٌ طويلٌ سُلَّمُه/ إذا أرتقى فيه الذي لا يعلمُه". صحيح أن الشاعر كان يتكلم عن الشِّعر، ولكن هل الشعر والجمال إلا خيطان متوازيان؟ ويُتعِبون، لأنهم يُجهدون مَن حولهم بالإلحاح على الجمال والكمال، والكمال لله وحده كما نعلم. الساعي نحو الجمال "يقف للناس ع الواحدة". يعني لا يقبل إلا "الصح"، ولا يرضى إلا "بالحق"، وهما أمران عسيران مُجهدان للناس. لأن الإنسان مجبولٌ على الخطأ وعلى الأنانية وحب الذات والأثرة، وليس إلا المشتغِل على نفسه، القاسي عليها، هو القادر على الإيثار والتحرر من الأنا وتفضيل الآخر على النفس. أطلق عليهم ربُّ العزة في كتابه أنهم ذوو "النفس اللوّامة"، تلك التي تلوم صاحبها على كل صغيرة وكبيرة.

لكن الساعي للجمال لا يفكر في تلك المتاعب، لأن نظره معقود بالسماء، والسماء طيبةٌ حنون، تمسح دمعته وتربت على كتفه إن مسّه الوهن، فينسى كل التعب والإساءات والسب واللعنات، بل يجعل منها أحجارًا يقف عليها لكي يعلو.

* أكدت قبل ذلك أن مصر تعيش مرحلة ظلامية سببها مناهج التعليم النقلية التي لا تحث علي استخدام العقل هل ترين أن سبب تأخرنا هو التعليم فقط؟

التعليم هو حجر الزاوية. إن استقامت استقام الهيكل المجتمعيّ، وإن اعوجّ أو وهن، مالت البناية أو انهارت تماما. يقولون دائمًا إن لمصر أعداء ثلاثة: الفقر، الجهل، المرض. لكنني أختصرهم في "الجهل"، لأن الجهل جالبٌ الفقر وجالبٌ المرض. حاربوا الجهل، يسقطِ الفقرُ ويتهاوى المرض من تلقاء ذاتهما. عودوا لعظيم اسمه ابن رشد واعرفوا آفة العرب: (النقل، وليس العقل). مصيبةٌ كبرى أن تظل "تنقل" ممن سبقك دون أن "تعقل" ما يقول. مصيبةٌ ألا يكون لك رأيٌ ووجهة نظر في العالم. مصيبةٌ أن تكون بوقًا "ناقلا" لأقوال سواك وآراء سواك ووجهات نظر سواك، حتى يختفي صوتك الخاص ويمتصه البوق الناقل. أنت هنا "صفر"، أنت هنا غير موجود. لهذا قال ديكارت: "أنا أفكر، إذن أنا موجود."

* ثقافة "قالوا له" هل سببت لك المتاعب؟ خاصة وأنك تقولين دوماً "اسمعوا مني ولا تسمعوا عني"، و"اقرأوا لي ولا تقرأوا عني".

كان ذلك عنوان أحد مقالاتي: "ثقافة قالوا له". وكنت أنتقد فيه ثقافة النقل التي تكلمنا عنها في السؤال السابق. وبالفعل تلك الثقافة دمرتني، بل كانت السبب في مقتل عظماء كبار مثل فرج فودة، ومحاولة قتل نجيب محفوظ كذلك. كلا القاتلين جاهلان لم يقرآ حرفا لفودة أو محفوظ، بل (قالوا لهما) أنهما- فودة ومحفوظ- كافران، فصدقا دون بحث وقراءة وإعمال عقل. تلك كارثة مجتمعاتنا المتخلفة. لسنا متخلفين صناعيا وسياسيًّا وتنمويًّا وحسب، فكل ما سبق سهل. إنما نحن متخلفون فكريٌّا وخُلقيًّا للأسف. نستمتع بإدانة الناس، ويستمتع الصغير (قيمةً) بإهانة الكبير والعالم والمفكر والكاتب! يبدو أن أمورًا مثل تلك تصنع لنا شيئا من التوازن النفسي.

تكلم الأقدمون عن تلك السمة فيما أسموه: (التطهّر الأرسطي). فاللص يتمنى أن يرى الناس جميعا لصوصا، والقاتل يرجو أن يرى قتلة من حوله، والكافر ينشد أن يرى كل العالم كفارًا لكي تبرأ روحه من العتب واللوم. بهذا يتطهرون من أدرانهم. بينما الطريق الأوحد للتطهر هو التطهر الفعلي بالبعد عن الآثام، وليس بإهالتها على الآخرين. بنفض الدنس عن الثوب، وليس برمي الآخرين بالدنس. لهذا أشفق على من يسبني ويحيك حولي الشائعات وأبتسم لأنني أدرك أنه في هذه اللحظة يمر بمرحلة: تطهّر روحي، لكنه أخطأ السبيل. وسرعان ما سيعود إلى رشده ويعرف أنه ظلم. هذا ما أرجوه على الأقل.

*تعرضك للهجوم بشكل شبه دائم ألم يزعزع مواقفك أو يغير من آرائك ؟

بل يزيدني اطمئنانًا أني على الطريق القويم. وشاهدُ هذا أن الخاملين والنكرات فقط هم من يهاجمني، بينما الكبار ذوو القامات الرفيعة يشدون على يدي، ويشجعونني. وأرى محبة الناس في كل محفل أذهب إليه، وتلك نعمة من الله. فهل أغفل كل هذا وأنظر لاثنين أو ثلاثة من الخاملين التافهين يهاجمونني على صفحات فيس بوك، وصفحاتهم تملؤها صور بورنو وأخلاق منحطة؟ الحمد لله أن مذمّتي لا تأتي إلا من "ناقص"، كما قال المتنبي: "وإن أتتك مذمّتي من ناقص/ فهي الشهادة لي بأني كاملُ." الحقيقيُّ في الأمر هو سعيي لإرضاء الله، لأن الله عدلٌ، وكل ما أرجوه هو سواد العدل في الأرض.

* الردة الحاصلة الآن في الموقف من المرأة كيف يمكن مواجتها ؟ وكيف يمكن رفع الظلم عن المرأة ؟

لن يرفع الظلمَ الواقع على المرأة إلا المرأةُ نفسها برفض الظلم، كما أسلفتُ في سؤال سابق.

* "يبدو أنني فهمت ثورة يناير خطأ. ظننتها لارتقاء مصر لا لأخونتها".

هل ترين الإخوان ضد ارتقاء مصر ولماذا؟

نعم، الجملة السابقة هي أحد تصريحاتي. وبالفعل الإخوان يريدون دمار مصر الفكري كي يدخلوا المصريين بالجملة تحت عباءة الإخوان. صرّحتُ مرة وقلت: "لو أثبت الإخوان مرّة واحدة أنهم يحبون مصر، لكنتُ في أوائل صفوفهم." لكن كل سلوكاتهم ضد مصر وضد شعب مصر، والتاريخ القديم والحديث شاهدان.

اختصامي الإخوان هو خصام سياسي وليس عَقَديًّا، لأنني أراهم- كما هم حقًّا- فصيل سياسي محض، وإن تمسّح بمسوح الدين. لكن الدين ينهانا عن الحنث بالقسم والأنانية واستلاب الحقوق وسرقة جهد الناس وووو، وكلها أمور يصنعها الإخوان كل يوم، فأي دين يدينون؟ لهذا تلاحظين أنني لم أقل: الإخوان المسلمون. بل دائما أقول: الإخوان، أو الجماعة، وفقط. لكي أفض الاشتباك الوهمي بينهم وبين الإسلام. هو الوهم الذي زرعوه في عقول البسطاء. ومن ثم زرعوا في عقولهم أن المختلف مع الإخوان، يحارب الإسلام. وتلك كذبة مضحكة، لأنني أختلف معهم جذريًّا سياسيًّا وفكريًّا، وأرى نفسي أصحُّ منهم إسلاما. لأنني لا أنقض عهدي، ولا أحب لغيري ما لا أحبه لنفسي، ولا أطمع، ولا أظلم، ولا أسرق، ولا أكذب. وتلك أساسياتٌ في الإسلام.

* كيف تستطيع المرأة أن تكسب معركتها مع ذاتها ؟
هل ترين المرأة المصرية في حاجة إلي إعادة تأهيل قبل دعوتها للمشاركة؟

التعليم يحل كل مشكلاتنا كما أسلفت. لابد أن ترى المرأةُ نفسها كائنًا راقيًا لكي تنجو من أحبولة يجدلها لها الظلاميون لتعود إلى الكهف. العالم الآن يجنح نحو "تأنيث العالم"، وهو مذهب فلسفي ينتصر لقيم العدل والجمال والحق والخير والنماء والخصب.

*قلتِ: "إن أكثر ما يزعجني هو تواطؤ المرأة، مع الرجل والمجتمع، على نفسها. وكأنما لا يكفيها قامعان، فتتمّهم بالثالث!" من وجهة نظرك ما الذي يجعل المرأة تتواطأ مع الرجل وتتنازل عن حقوق لها؟

لأن الرجل (المهشّم) المصدوع الروح، يريدها أدنى منه مرتبةً لكي يشعر بالامتلاء. هي تتواطأ معه على نفسها إما رحمةً به، لأن المراة عادة ما ترى الرجل طفلا مأزومًا، وهو كذلك بالفعل، أقصد طبعا الرجل غير المكتمل المريض بمرض "ألأنا". وأحيانا تتواطأ معه على نفسها لأنها تظن أنها كائن مهيض الجناح دون الرجل، وهو عكس الواقع. لأن عدد النساء المعيلات في مصر يفوق كل تصور. المرأة إذن تنفق على الرجل، وتحني الجبهة أمامه، فلماذا وكيف لا يحترمها ويجعلها درة فوق رأسه؟

* رأيك في ردود الأفعال بمصر والعالم الإسلامي حول الفيلم المسيء ، و ما هو أسلوب الرد المناسب ؟

هذا الفيلم ليس مسيئا لا للرسول ولا للإسلام. بل هو مسيء إلى نفسه، كما قلت في مقالي بالمصري اليوم، كما أنه إهانة لفن الدراما بوجه عام. أنا من المدرسة المؤمنة بأن الإساءة لشخص، أو لفكرة، مستحيلٌ أن تنبع إلا من ذلك الشخص، أو تلك الفكرة، لا من خارجهما. فإن سبّني أحدٌ أو ألفُ أحدٍ، فما أساء لي أحدٌ، إلا أن أزلَّ أنا بالقول أو بالفعل، فتُطلُّ الإساءةُ برأسها في ساحتي. ولو هاجم رهطٌ نظريةً ما، ما نال النظريةَ سوءٌ، إلا أن يكون بالنظرية عوارٌ أو نقصٌ أو صدوع. إنما المُسيءُ بالباطل، مُسيءٌ إلى نفسه.

• أراك من أكثر من شوهت تصريحاتهم وفبركت وأضيف وحذف منها وفقاً للهوي .. برأيك لماذا يتم تشويهك بهذه الصورة ؟

لم تشوه تصريحاتي إلا المواقع الدينية. المسيحية والمسلمة على السواء. الحكاية تأتي هكذا: أقول تصريحا ما. يأخذه موقع مسيحي ويغير عنوانه لكي يعمل فرقعة إعلامية فيزيد عدد رواد الموقع، وتزيد الإعلانات. تتناقله بقية المواقع المسيحية بالعنوان المفبرك. ينتشر في كل مكان. تنتبه له المواقع الإسلامية. يأخذونه وينشرونه لديهم بعد إضافة كلمة (فضيحة). يكرهني الناس من أصحاب ثقافة (قالوا له)، دون أن يفكروا لحظة أن يقرأوا متن التصريح، بدلا من الاكتفاء بالعنوان الكاذب.

مثل على ذلك: في حوار تليفزيوني أقول: "وعلى فكرة الديانة المسيحية وأيضا البوذية من أرقى الديانات، رغم أن الأولى سماوية والأخرى وضعية". تلقف الحلقة موقع مسيحي وكتب العنوان التالي: (الرائعة فاطمة ناعوت تعترف أن المسيحية أرقى الديانات). ولاحظي أنهم حذفوا كلمة (من)، لتغدو: (أرقى الديانات)، بدلا من: (من أرقى الديانات) كما ورد في كلامي. بعدها أخدتها المواقع الإسلامية فوضعوا عنوانا جديدا: (فضيحة، فاطمة ناعوت تقول إن المسيحية أرقى الديانات) أو (الكافرة ناعوت تقول المسيحية أرقى الديانات). وانتشرت الأكاذيب في صفحات الانترنت، ثم بدأت السيوف والمشانق في الصفحات التافهة تنال من روحي وسمعتي واسمي.

كل هذا الروث يحدث لسببين:1 مواقع كاذبة تهتم بعدد الزبائن والإعلانات ولا تهتم بأصول المهنية ولا بالأخلاق.
2. بشر كسولون لا يتعبون لمعرفة الحقيقة التي الوصول إليها أسهل من ضغطة زر. كلا الفريقين هو خصيمي أمام الله،

ولا أسامحه لتشويهي.

• أخيراً ماذا تتمنين لمصر وللمرأة المصرية ؟

أتمنى لمصر أن تسامحنا على كل ما فعلناه في حقها، وأن تغفر لنا تفريطنا في الثورة المجهضة. وأرجو من المرأة المصرية أن تراجع تاريخ جداتها حتشبسوت ونفرتاري ونفرتيتي وتحاول أن تحذو حذوهن.
مواد متعلقة:
1. فاطمة ناعوت: الدستور القادم «سواد في سواد» وإهانة للمرأة والفكر
2. ناعوت متحدثة عن زيارات الرئيس «الخارجية»: اتق الله في «شعبك» وكفى جمع أموالاً ل «جماعتك»
3. «ناعوت»: لم نجن من «مرسي» سوى «الشقاق»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.