نشرت جريدة الواشنطن بوست في عددها الصادر يوم 16 سبتمبر مقالا بعنوان " جوزيف انطوان يكتب من مذكرات سلمان رشدي " تحكي عن احتفاء سلمان طوال إحدى عشر عامت خوفا على حياته . بدأت قصة اختفاء سلمان رشدي عام 1989 ، ليعيش أول عيد حب وحيدا لعدم قدرته على الاحتفال، غارقا في الخوف والعزلة ، بعدما أعلن " أية الله الخميني " أن كل من شارك في كتابة وطبع ونشر وعمل على إصدار كتاب " آيات شيطانية " وهم على علم بمحتوى الكتاب - الذي هو ضد تعاليم الإسلام وكتابه الشريف - حٌكم عليهم بالإعدام . ولم يمض وقت طويل بعد إعلان هذه الفتوي حتى قامت الشرطة البريطانية بإخبار سلمان بأنه في حاجة لأسم جديد مستعار ليس فقط لاصدار الشيكات والمستندات ، ولكن لحماية من يستملونها أيضا وحتى يستطيعون الاتصال به ، على شرط مناداته بينهم بهذا الأسم سواء كان موجودا أو لا به . وقد غير رشدي أسمه إلى كونراد وتشيكوف ، ثم استقر بعد ذلك على أسم واحد طوال الإحدي عشر عاما وهي جوزيف أنطوان ، رافعا شعار " يجب أن أعيش حتى أموت ، أليس كذلك ؟ " . وتحكي مذكرات سلمان رشدي حياته كلها ، ولكنها تنصب خاصة على الإحدى عشر عاما التي عاشها شاعرا أنه تم تجريده من احترامه وشرفه بعدما تم إذلاله للإختباء في البيوت النائية في لندن . وقد كتب في هذه الفترة كتابه " ثقافة الشرف " الذي يتحدث فيه عن معايير الشرف في التفكير الإسلامي ، فقد كان يكتب تحت مسمى جوزيف انطوان الأسم الذي لازمه كأسمه ولكنه لم يكن ، وابتعد في كتاباته عن أسلوبه فغير من أسلوبه الشعري الخيالي الذي يميل فيه إلى التفصيل إلى حد ما كما كان في آيات شيطانية ، ليكتب بأسلوب النثر العادي مما زاد من احساسه بمحنته . ويعتبر رشدي كتاب " جوزيف أنطوان " كتاب رائع رغم أن القاريء قد يعتقد أنه طويل للغاية لانه مكون من 600 صفحة ، كما أنه قد يرى فيه أنه مغرق في الحياة اليومية المعتادة ، ولكنها الحياة التي اضطر سلمان أن يعيشها في خوف في تلك الفترة العصيبة من حياته . وقد جاء اليوم الذي ألغت فيه الحكومة الإيرانية الفتوى الخاصة بقتل كاتب " آيات شيطانية " ، ولكن الخطر كان مازال قائما . ولعل اكثر ما ضايق سلمان هو مجيء الغرباء لرؤية رجال الشرطة الملتفة حوله معتقدين أن مرور كل تلك السنوات دون محاولة قتله تعني أنه لم يكن هناك في الأساس من يسعى لقتله ، وأن سعيه لحماية الشرطة له كان لإشباع غروره الخاص به ، وهو ما ينفيه موضحا أنه ليس فيلما للعرض وانما احساسا مريرا بالسجن ، ومع ذلك هو يبدي شكره لرجال الشرطة الذي عملوا طوال تلك السنوات على حمايته . وقد تزوج من الروائية الأمريكية ماريان ينغير التي جعلها طوال فترة اختبائه على مقربة من زوجته الأولى كلاريسا وابنه ظافر ، غير أن هذا الزواج الثاني لم يكن موفقا وانتهى بالطلاق بسبب غيرة يغينز من شهرته ونجاحه الأدبي . بدأ سلمان يعد نفسه للظهور مرة ثانية وذلك من خلال انتقاء ضباط الشرطة التي تحميه ، بالإضافة إلى عدم الإعلان المسبق عن ظهوره كما حدث على خشبة المسرح عندما قدمته مارجريت أتوود لخليط من الجمهور بلغ 1200 شخص ظلوا يلهثون إعجابا بهذا الرجل الذي ظل يكافح من أجل قيمه . من هنا تكونت قاعدة من مؤيدي وأنصار سلمان رشدي الذين اعتبروه مثال ورمز للمثالية والحرية الذي تصدى لشيطان خصومه حتى هزمهم ، وهو ما ساعده في حملته في الدفاع عن نفسه وما تعرض له من ادعاءات . عاد سلمان للكتابة لينتهي من أعماله للأطفال وبخاصة لإبنه ظافر " هارون وبحر القصص " ، " الشرق والغرب " وهو الآن ينتهي من روايته " الأرض تحت قدميها " . يعيش سلمان رشدي في مانهاتن من سنوات ويبلغ من العمر خمس وستون عاما .