تنوعت اهتمات الصحف العربية الصادرة اليوم السبت الا أن الأزمة السورية تتصدر العناوين فضلا عن الاشتباكات المندلعة منذ أيام بين العلويين والسنة في طرابلس اللبنانية ودعوات للوحدة الوطنية ونبذ الفرقة . فمن جانبها ، حثت صحيفتا "الشرق" و"الراية" القطريتان في افتتاحيتيهما اليوم ،المجتمع الدولي على مزيد من الصرامة مع النظام السوري وعلى إيجاد حلول عاجلة للمعاناة الإنسانية التي يرزح فيها المواطنون السوريون إما بحظر جوي أو بإقامة مناطق عازلة.
وتحت عنوان "أزمة سوريا..الجانب الإنساني" دقت "الشرق" ناقوس خطر معاناة السوريين داخل سوريا وحتى اللاجئين خارجها مؤكدة أن السوريين المنتفضين ضد آلة القمع والدمار لم يعودوا قادرين على تحمل مزيد من متاعب إطالة أمد النظام الجاثم فوق رؤسهم ظلما وجورا. ورأت الصحيفة أنه من المزعج للثوار جدا أي تأجيل لحل الأزمة السورية خاصة أن النظام المستفيد من فيتو روسيا والصين ينتهج سياسة الأرض المحروقة مما يستوجب إيجاد مخرج يحفظ للشعب النزر اليسير من حقه في الحياة. ولفتت الى تزايد أعداد النازحين من سوريا وفق أرقام منظمة الأممالمتحدة للاجئين وبينت إن الأرقام فاقت توقعات المنظمة الأممية إذي وصلت أكثر من 200 ألف لاجيء في حين كانت التقديرات تتوقع أن يصلوا الى 185 ألفا في نهاية العام الجاري بيد أن تضاعف المعاناة في الأيام القليلة الماضية ضاعف بدوره أعداد الفارين بأرواحهم من بطش النظام.
ونبهت الصحيفة إلى إن شهر أغسطس الحالى هو أكثر الشهور دموية وفق الناشطين السوريين مذكرة بأن أعداد القتلى وصلت خلال الشهر الحالي حتى الآن الى أربعة آلاف شخص وهو رقم كاف لإثبات الفاجعة التي ألمت بالشعب السوري.
ودعت "الشرق" الدول الصديقة للشعب السوري إلى ضرورة السعي للحفاظ على الأنفس بإيجاد ممرات آمنة أو بإقامة مناطق عازلة سبيلا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ضحايا هذه الأزمة البشعة.
وتحت عنوان "لا للصمت الدولي على مجازر الأسد" أبدت صحيفة " الراية " أسفها أن يظل الصمت الدولي هو السائد تجاه المجازر اليومية التى يرتكبها النظام السوري بحق شعبه وكأن الأمر لا يعني أحدا رغم أن جرائم النظام واضحة وموثقة ولا تحتاج إلى دليل.
وقالت الصحيفة إن الصمت الدولي أعطي النظام فرصة ليواصل حملته العسكرية جوا وبرا على مدى ثلاثة أيام متتالية دكا للمنازل والملاجئ بالقرى والمدن والبلدات بالصواريخ والقاذفات حتى وصل عدد الضحايا إلى أكثر من 500 قتيل خلال ثلاثة أيام بينهم 163 قتيلا أمس الجمعة قتل أغلبهم بدم بارد خلال مجزرة بشرية مما يعتبر دليلا واضحا على عجز المجتمع الدولي.
وأكدت أن المجتمع الدولي عليه أن يدرك أن نظام الأسد لا تنفع معه سياسة اللين والتهاون وأن الوقت حان لاتخاذ قرار دولي وعربي شجاع لحماية الشعب السوري بالتدخل خارج نطاق مجلس الأمن لفرض مناطق آمنة يحظر على النظام القيام بأى عمل عسكري فيها وإلا فإن الأزمة السورية ستتحول إلى كارثة إنسانية لا تقل بشاعة عن كارثة البوسنة والهرسك.
وشددت الصحيفة على ان نظام الأسد بهذا النهج يعمل على تفريغ سوريا من شعبها إما بإجبار السكان الآمنين على النزوح قسرا للدول المجاورة أو قتل ما تبقى حيث ينفذ في كل يوم جرائم الإبادة والمجازر بحقهم.
ورأت"الراية" أن النظام بممارساته هذه قد أدخل المجتمع الدولي في امتحان عسير خاصة بعدما ثبت فشل مجلس الأمن في تبني أي قرار شجاع يردعه وأعتبرت تتالي المجازر تلو المجازر تحديا لمهمة المبعوث الاممي والعربي الأخضر الإبراهيمي المطالب عربيا وسوريا وشعبيا بأن يبحث فقط في خطط الاتنقال السياسي للسلطة بحيث لا يكون هناك مكان للأسد في سوريا الثورة. مرحلة الاستعصاء
واعتبرت صحيفة "الدستور" الأردنية إن الأزمة السورية دخلت مرحلة الاستعصاء وأن الحرب الأهلية التي انزلق إليها القطر الشقيق ستطول أكثر مما يتوقع الجميع في ظل التدخلات والصراعات الدولية بعد عودة الحرب الباردة التي وجدت من الساحة السورية ميدانا لتصفية الحسابات.
وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها إلى أن غياب الموقف العربي الفاعل والقادر على إنقاذ الشعب السوري الشقيق من المحرقة التي راح ضحيتها أكثر من 25 ألف مواطن سوري حتى الآن .. يعد سببا رئيسيا في استمرار تلك الحرب القذرة التي حولت البلاد إلى أرض محروقة ومدنها إلى مدن منكوبة يسكنها الموت ويعمها الخراب بعد أن هرب أهلها إلى دول الجوار فرارا من المأساة المروعة.
ورأت الصحيفة أن هذه الأزمة أثبتت أن المجتمع الدولي ليس معنيا وبشكل جدي بإنقاذ الشعب السوري وإنما معني بمصالحه وأن الخاسر الوحيد هو الشعب الشقيق الذي فقد عشرات الآلاف من أبنائه بين قتيل وجريح ودمر اقتصاده وبنيته التحتية وأصبح مهددا بالتقسيم إلى دويلات متناحرة متقاتلة على أسس طائفية ومذهبية.
وقالت الصحيفة إن الدرس الأول والأهم من هذه الأزمة المستعصية والتي تحولت إلى طاحونة للموت وهو درس لكل الحكام الطغاة..يتمثل في فشل الحلول العسكرية والأمنية التي لجأ إليها النظام السوري رافضاً الاستجابة لمطالب الشعب الشقيق المشروعة في الحرية والكرامة والديمقراطية والتعددية الحقيقية والانتخابات النزيهة وصولا إلى تداول السلطة احتكاما لصناديق الاقتراع لإقامة الدولة المدنية الحديثة ووضع حد للدولة الشمولية والحزب القائد وسياسات التوريث.
الاقتتال اللبناني
وحول الاشتباكات الدائرة بين العلويين والسنة في طرابلس ، اعتبرت صحيفة "السفير" اللبنانية أن القتال في طرابلس لا يجري عبثا، وقالت "لا تندلع الاشتباكات عفويا ولا يموت الناس بلا قضية كما نظن أو نتوهم".
وقالت الصحيفة في تعليق لها اليوم السبت "لا حروب الآخرين ولا تمويل الحروب برغم وجودها عناصر كافية لتفسير الاقتتال اللبناني اللبناني في الماضي والحاضر"، مشددة على أنه لا الأقلية ولا الأكثرية هنا أو هناك في مأمن من لعبة الغلبة في غياب الدولة الجامعة والحامية للحقوق والحريات".
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش اللبناني مازال نواة متماسكة يمكن البناء على وحدته وعلى قوته في فرض القانون وهيبة الدولة إذا توافرت له الشروط الضرورية لذلك، مضيفة "في هذه الأجواء اللبنانية لا يستطيع الجيش إلا أن يتحرك بين الألغام الطائفية وبين الملفات المفتوحة أمامه التي جاوزت أمن الحدود الواسعة إلى الأمن بين القوى السياسية الداخلية".
وقالت الصحيفة "الحل الفعلي عناصره قائمة حيث لا أحد يستطيع أن يسقط من أي حساب السنية السياسية بوجوهها المختلفة ولا أن يسقط وجود أقلية علوية هي كغيرها من الأقليات ذات شرعية في هذا النظام الطائفي، سواء كان نظاما عادلا أم غير عادل". وتساءلت الصحيفة قائلة "هل كل القوى اللبنانية راغبة في إيجاد حلول لهذه التوترات الأمنية والسياسية والاجتماعية أم أنها ترغب في بقاء البلد في حال من الفوضى المنظمة تحقيقا لأهداف سياسية تعتقدها أكثر سهولة في غياب سلطة الدولة المركزية؟".
وخلصت الصحيفة إلى القول "إن تشخيص الحال منذ سنوات وبعد غياب سلطة الوصاية يؤكد أن القوى السياسية ما زالت ترتاح بكل ألوانها إلى هذه البيئة التي تعفيها من احتمالات المساءلة والمحاسبة وتفتح لها آفاق السيطرة السياسية والامتيازات الناتجة عنها بدلا من الضوابط التي يفرضها تحديث النظام وتطويره"، معتبرة أن ما يجري الآن هو ثمرة أوضاع سياسية استجدت من آثار سلطة الوصاية السورية ومفاعيلها السلبية بين اللبنانيين وشعور هؤلاء بأن نتائج الأزمة السورية ستؤثر سلبا أو إيجابا عليه.
الوحدة الوطنية
وفي الشأن اللبناني ايضا ، قالت صحيفة "الوطن" القطرية في افتتاحيتها اليوم انه يجدر بكل الأطراف اللبنانية الانتصار لوحدتهم الوطنية للجم واجتثاث كل بذور الفتنة التي تشعل مدينة طرابلس بين آونة وأخرى مما أدى إلى شطر المدينة إلى فسطاطين يتوسطهما خط تماس ساخن يتساقط كل يوم ضحايا على جانبيه.
وأعتبرت الصحيفة أن النظام السوري هو من يسعى لخلق فتنة طائفية في لبنان بهدف تصدير الأزمة السورية إليه وأوضحت أن ذلك متعارض مع مصالح لبنان وطبيعته السياسية ومناشطه الاقتصادية وتطلعه إلى استقرار يمكن الاقتصاد من الازدهار.
وحذرت الصحيفة اللبنانيين من استيراد أزمات مجاورة طالما أنها تودي باستقرار الوطن متسائلة "لماذا يمتد الولاء الطائفي إلى خارج الحدود على حساب الوطن اللبناني الواحد الذي تحتضن أرضه كل اللبنانيين؟ ولماذا يصر بعض اللبنانيين على تحويل وطنهم إلى بيئة طرد يهجره الشباب بعدما قوضت النزاعات الطائفية أمامهم فرص العيش المشترك؟".
وحثت "الوطن" اللبنانيين على ألا يفقدهم تجدد الاشتباكات في طرابلس الأمل في أن لبنان يمكنه الانتصار للمنطق والبداهة والمواطنة والسلام الوطني والاستقرار السياسي والاجتماعي "ذلك لأن خبرات لبنان القريبة بل وحتى البعيدة في التاريخ ينبغي استحضارها حتى لا يعيد التاريخ نفسه وحتى لا يتورط لبنان في برك الدم مجددا".
ولم تغيب القضية الفلسطينية عن الصحف الإماراتية ، فتحت عنوان "الاحتلال وإتقان دور الضحية"، قالت صحيفة "البيان" إن الوضع مازال على حاله في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة والموقف الدولي كذلك ..لا يمر يوم إلا والاحتلال يتفنن في مضاعفة معاناة الفلسطينيين وبوسائل شتى من حصار خانق للحياة وهدم وتعقّب وأسر واستهداف لكل مقدرات الشعب لكن صلفه المعهود يأبى إلاّ أن يأتي هذه المرة بادعاءات كان الأولى أن يلصقها بنفسه تريد أن تجعل من الضحية إرهابياً ومن الإرهابي الحقيقي ضحية.
وأضافت أنه لعل من المستغرب حقيقة الهجوم الذي شنّه الاحتلال الإسرائيلي على الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس بدعوى عدم القدرة على إجراء انتخابات فلسطينية وعدم تلبية مطالب إسرائيل ..أمٌر يستدعي الاستغراب والاستهجان معاً فالرئيس الفلسطيني تولى الرئاسة لتحقيق مطالب شعبه في إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس وتحقيق الآمال في حياة حرة كريمة دونما احتلال جاثم على الصدور وليس لتحقيق ما تريده الدولة المحتلة.
وأوضحت الصحيفة أنّ تصريحات وزير خارجية الاحتلال أفجغدور ليبرمان بأنّ عبّاس ليس مهتمّاً بالتوصل إلى سلام مردودة عليه ..متسائلة من الذي خنق كل فرص التوصّل إلى سلام دائم عبر اجتياحاته وتوغلاته وقصفه وقتله واعتقاله لكل الفلسطينيين لا يستثني طفلاً رضيعاً ولا شيخاً كبيراً؟.
وأكدت أنّ على إسرائيل إذا أرادت سلاماً " وهو أمرٌ تنفيه الوقائع جملة " أن توقف كل الأساليب الهمجية وغير الإنسانية التي تمارسها في حق الفلسطينيين وأن تأتي إلى المفاوضات بقلب وعقل مفتوحين يستوعبان حق الآخرين في الحرية والحياة الكريمة. وقالت إنه من المستغرب حقّاً أن تعترض إسرائيل على توجّه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة وأن تعتبر الخطوة إجراءً ضدها فما الخيارات التي وجدت أمام الشعب الفلسطيني غير ذلك؟ فقد أوصدت عنجهية الاحتلال وغروره وتحديه ليس للفلسطينيين فحسب بل للمجتمع الدولي بأكمله كل الطرق أمام حل تفاوضي يعطي الفلسطينيين حقوقهم في العيش الكريم تحت مظلة دولة مستقلة فلم يبق أمامهم إلا التوجّه إلى المنظمة الدولية وهو حق أصيل لا يستطيع الاحتلال أو كائن من كان حرمانهم منه.
واكدت الصحيفة في ختام مقالها أن على إسرائيل أن تدرك أنّ حقوق الفلسطينيين لا بد أن تعود إليهم وأنّ مناوراتها ومحاولاتها الظهور بمظهر الضحية ليست سوى مسرحية هزلية هزيلة لا ولن تنطلي على أحد.