خبراء السياسة يؤكدون وقوع ضرر على غزة بعد حادث رفح الأليم، وأن حماس تستعيد قوتها للسيطرة على الحدود، وحمايتها من الحوادث الإرهابية، وقال محللون إن هجوم سيناء قد يدفع حماس التي تسيطر على غزة إلى القيام بدور أكبر في مواجهة الجماعات المتشددة في القطاع وضبط الحدود رغم العلاقة المميزة بين الحركة ونظام مصر الجديد برئاسة الرئيس محمد مرسي. وقال المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة إن « العلاقات بين حماس ومصر أصيبت بضرر كبير (بعد الهجوم) وقد تحتاج إلى وقت طويل للتعافي منه»، بعد إغلاق معبر رفح والأنفاق المنتشرة على طول الحدود وتوجيه اتهامات لغزة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة إن « أولوية مصر تأمين الاستقرار لسيناء والأمن فوق أي اعتبار، ومطلوب من حماس محاربة الجماعات السلفية المتشددة وضبط الحدود لتفادي الخطر وخلاف ذلك قد يعرض غزة لإجراءات عقابية".
وتابع« أما فك الحصار وتحسين أوضاع غزة فباتت قضية ثانوية لمصر الآن، رغم الآمال التي عقدت على مرسي، وبعدما كان يؤمل أن تبدأ مصر برفع الحصار عن غزة".
ورأى أبو سعدة أن « شهر العسل» بين حماس والنظام المصري الجديد« لم يدم طويلا لأن ضغوطا شعبية ومن المؤسسة العسكرية تدفع مرسي بعد الحادث الإجرامي على سيناء، إلى التراجع عن وعوده بفتح معبر رفح لساعات أطول والتسهيلات الممنوحة خصوصا بإدخال كميات كبيرة من الوقود القطري لمحطة الكهرباء في غزة».
ويوضح أبو سعدة أن « الرئاسة والحكومة في مصر يعتقدان بإمكان التفاهم مع حماس باعتبار أنها جزء من حل مشكلة المتطرفين، أما العسكريون فيعتبرون حماس جزء من المشكلة وليس من الحل وهو ما يزيد العبء على حماس لأن وضع الرئيس صعب».
كما يعتقد أبو سعدة أن المشكلة تكمن في الأنفاق لكن إغلاقها كليا « بحاجة إلى تفاهم مع حكومة حماس لأن انعكاسات الإغلاق كارثية وإنسانية فالوقود ومواد البناء مثلاً جعلت غزة تستعيد عافيتها في السنوات الأخيرة»، ومصر بدأت عملية إغلاق الأنفاق من جانبها.
ويوضح أبو سعدة، أن الرئيس مرسي أمام « ضغوط دولية لعدم فتح الحدود مع غزة ووطنية ودينية تجاه سكان غزة المحاصرين».
وقال أبو سعدة « لو تبين أنه ليس لغزة علاقة بحادث سيناء فقد تخفف مصر الإجراءات، أما إذا ثبت تورط أو دعم لوجستي من غزة فقد تتخذ خطوات عقابية».
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة وليد المدلل، إن « الهجوم يظهر مدى حاجة حماس ومصر للتنسيق في الجانب الأمني لضبط الحدود لأن خطر هذه الجماعات (المتشددة) مضر بمصلحة الطرفين»، على الرغم من أن علاقة حماس ومرسي« ذات بعد استراتيجي للالتقاء الإيديولوجي والبرامجي»، وتشن حماس باستمرار حملات ضد الجماعات المتطرفة فكريا في قطاع غزة.
ورأى المدلل، أن فتح معبر رفح للعالقين في مصر والخارج الجمعة والسبت « خطوة لفتحه تدريجيا بحيث يكون مراقبا لأن استمرار إغلاقه سيعيد للأذهان العقوبات الجماعية للاحتلال الإسرائيلي».
ويرى المدلل، أن الهجوم في سيناء « يقدم مبررا قويا للسلطات المصرية وحكومة (حماس) في غزة لفتح معبر رفح تجاريا لتلاشي الأخطار المجهولة للأنفاق».
ولفتح المعبر تجاريا « تداعيات سياسية»، لارتباطه باتفاقية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ويقول أبو سعدة، «هذا ليس حلا مطروحا، لا اعتقد أن معبر رفح سيفتح قريبا».
وتحدث المدلل عن « إمكانية إبقاء عدد قليل من الأنفاق الخاصة بالوقود ومواد البناء والمواد الغذائية لحين إقامة منطقة تجارية حرة بين غزة ومصر وحينها لا حاجة للانفاق».
وقال « أعتقد أن غزة ومصر جاهزتان لهذا الحل وهذا لا يعني إلحاق غزة سياسيا يمصر».
وصرح إيهاب الغصين، المسئول في وزارة داخلية حكومة حماس إن هذه الجماعات شهدت « تراجعا كبيرا» في العام الأخير « بسبب الملاحقات الأمنية المتواصلة».
وشدد الغصين، على أن حكومته « ليست بحاجة للأنفاق وستغلق إذا رفع الحصار الذي يخنق غزة».
وكانت حماس أدانت الهجوم على الفور معتبرة أنه «إرهاب»، وأبدت استعدادها للتعاون الأمني من أجل ملاحقة الفاعلين والجهات التي تقف وراءهم.
وشدد غازي حمد، نائب وزير الخارجية في الحكومة المقالة، إن حكومته « لن تسمح للجماعات المتشددة أن تنمو في غزة».
وأضاف أن اتصالات« مكثفة ومفتوحة مع القيادة بمصر لاحتواء تداعيات الهجوم الإرهابي وضمان عدم حدوث أزمة إنسانية»، في غزة بعد إغلاق الأنفاق المنتشرة على حدود مصر والتي يعتمد عليها القطاع بشكل كبير.
من جانبه، أكد المحلل الاقتصادي عمر شعبان، أن انعكاسات إغلاق المعبر والأنفاق بدون حل «كارثية وستعيد غزة للازمات الإنسانية»، بينما حذر أبو سعدة من أن « الناس في غزة محبطون وفي حالة غليان قد تنفجر».
ويعتبر شعبان أن « دورا كبيرا منوط بالرئيس محمود عباس، لمنع حصار غزة لأن حصار غزة هو حصار للشعب وليس لحماس».
ولتجنب الإحراج الذي يواجهه « مرسي »، تجاه غزة تبدو المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس « المخرج الأنسب لإنهاء أزمات غزة».
وأعلن إسماعيل هنية، رئيس الحكومة المقالة الجمعة، إنه « لم تثبت أي علاقة لأي مواطن من غزة في الجريمة ولم نتلقى أي معلومة من الجهات الرسمية في مصر حول أسماء أو معلومات تشير لعلاقة أي من أبناء القطاع في الجريمة».
ويرى المحلل السياسي مصطفى الصواف، أن « إسرائيل ستؤجج المشاعر ضد غزة لخلق رأي عام مصري ضد غزة لمنع إعادة فتح المعبر بشكل طبيعي أو تخفيف الحصار، بهدف تحييد الشارع المصري في حال نفذ عدوان على غزة».
من جهته، يتوقع الصواف، وهو رئيس تحرير سابق لجريدة فلسطين، « إن عودة العلاقة بين حكومة غزة ومصر لطبيعتها قريبة»، ورأى أن الحادث« قد يعزز التعاون والتنسيق الأمني بين أجهزة الأمن بغزة ومصر لضبط الحالة الأمنية وهي