الباحث : صابر عرب اتهمني بالعيب في "الذات الإدارية" وحولني للتحقيق وثائق خطيرة تخص الحدود والحروب واليهود والخصخصة معروضة علنا الوثائق خرجت علي أقراص مدمجة ليتم تفريغها بالمعادي ! 25 مليون جنيه قيمة المشروع ولا نعلم من المستفيد؟! كتبت – شيماء عيسى في عام 2005 تم إبرام بروتوكول تعاون بين وزارتي الثقافة والاتصالات في حكومة الدكتور أحمد نظيف، لميكنة أرشيف مصر القومي أي تحويله لشكل إلكتروني يسهل مطالعته والبحث عنه من قبل الباحثين . وبالفعل طرحت مناقصة عالمية رست على شركة IBM الأمريكية ، والتي أوكلتها لشركة مصرية من الباطن باسم ALLIED SOFT يملكها الدكتور محمد رضا وهو نجل شقيقة رجل الأعمال الشهير مجدي راسخ وزوج الدكتورة هدى بركة مساعد وزير الاتصالات التي ترأس اللجنة العليا المسئولة عن تقييم واستلام المشروع !! ويكشف الدكتور عصام الغريب الباحث بمركز "تاريخ مصر المعاصر" بدار الكتب في حديث ل"محيط" أن المشروع برمته يشوبه الفساد، وتم بضغوط سياسية عليا، بدليل أنه كلما عرض مشكلاته الفادحة على الدكتور صابر عرب رئيس مجلس إدارة دار الكتب في ذلك الوقت، أو الدكتور عبدالواحد النبوي، رئيس دار الوثائق والمسئول عن المشروع ، كانوا لا يلقون بالا بما يقوله ، بل على العكس فقد تم نقله قسرا من عمله بالمشروع وتحويله لإدارة ذاكرة مصر ! ويؤكد الباحث في حديثه أن كافة بيانات الوثائق تخرج من دار الكتب على اسطوانات مدمجة (سي دي) ويتم تفريغها من قبل شباب لا دراية لهم بعمل الوثائق وبعضهم حاصل على الدبلوم فقط ، كما أن التفريغ يتم بسماع البيانات وليس بنقلها، وهو ما نتج عنه أخطاء فادحة في الإملاء وفي معلومات الوثائق، ونتج عنه عدم القدرة على البحث عن أي وثيقة، وظهور النتائج في صورة ملفات عامة فحسب لا تحقق غرض المشروع ، وذلك بالمخالفة لنصوص التعاقد الصريحة . ومن جانب آخر فإن بعض البيانات يحمل خطورة شديدة على الأمن القومي المصري، فبعضها متعلق بحرب الخليج مثلا وبالعلاقات المصرية الأمريكية (فيديو) في الثمانينات والتسعينات أو بأملاك اليهود في مصر والذي تحصل إسرائيل به على تعويضات هائلة بعد قضية رفعتها أمام الأممالمتحدة ، وهناك وثائق تتعرض لخصخصة الشركات ودور وزراء حكومات مبارك فيها، ومع ذلك فكل تلك الوثائق متاحة للعرض وخارج الدار أيضا . الغريب كما يؤكد الدكتور عصام أن مناقصة أخرى أعلنت عنها مصر لمشروع المسح الضوئي للوثائق وهي مرحلة تالية لميكنتها، بحيث يتم ربط صورة الوثيقة بكودها على البرنامج ، ويسهل على الباحث مطالعتها، وبتكلفة عامة لمشروعي الميكنة والبحث قدرت ب25 مليون جنيه، لكن المناقصة رست على الشركة ذاتها رغم كل عيوب المشروع الأول ، ويرجح الباحث أن ذلك تم حتى لا يتم اكتشاف مصائب العمل في المشروع الأول ، وبالفعل توقف مشروع المسح الضوئي عاما ونصف وحين تم العمل به تم مسح 150 ألف وثيقة في عامين بدلا من 4 مليون وثيقة تم التعاقد عليها ! كل ذلك كان يتم ، في وقت دفعت فيه دار الكتب باستحقاقات المشروع المادية للشركة الفنية ، بالمخالفة للتعاقد الذي يشترط الحصول على المنتج بالجودة المطلوبة حتى يتم الوفاء بالمقابل المادي. كما أكد الباحث أن وثائق وزارة الخارجية "النظارة" سابقا ، بها أخطاء فادحة تقتضي إعادة العمل فيها من البداية وتبلغ نحو 600 ألف وثيقة . وقد تقدم الباحث ببلاغ للنائب العام يحمل رقم (4122) ضد المشروع لم يتم البت فيه ، وببلاغ قبله للنيابة الإدارية تم تجاهله عام 2011 ، وكان الرد عليه بنقله من عمله . الغريب أيضا كما يشير الباحث أن دار الكتب تعين بالمناصب القيادية أهل الثقة لا الخبرة، فالدكتور صابر عرب وزير الثقافة السابق ورئيس مجلس إدارة الدار كان مشرفا على رسالة الدكتور عبدالواحد النبوي في الجامعة والذي رقي لمدير دار الوثائق ، ونفس الحال مع صديقهم الدكتور رفعت هلال والذي كان يشغل مدير دار الوثائق قبل الدكتور النبوي . ويؤكد الباحث أن موظفين بدار الكتب تقدموا من قبل بشكاوى من ضياع الملايين في مشروع الترميم بدار الكتب ولم يتحرك ساكن . سألناه عن أرشيفات العالم ، وكيف يتم التعامل مع المواد ذات الحساسية على الأمن القومي ؟ فقال الغريب : تعاملت مع الأرشيف البريطاني ووجدت أن هناك وثائق تأخد طابع سرية وممنوع الاطلاع عليها حتى لو مر المدة القانونية - 30 سنة - على إتاحتها ، ومن ذلك وثائق القضية الفلسطينية، حيث كانت بريطانيا دولة الاحتلال هناك ولا تريد ما يدينها . ومن الناحية العلمية يجب إتاحة الوثائق للباحثين بشكل فيه تحكم كبير ، أي أن يتم رقمنة كل الوثائق حتى الخطرة منها ، وإتاحتها بموافقة أمنية في حالة الخطورة الشديدة ، لكن دار الكتب المصرية لا تملك غير 10% من وثائقها من هذه النوعية التي تمس الأمن القومي وفق تصريحات الدكتور صابر عرب نفسه . وأكد الباحث أن كلا من الدكتور زين عبدالهادي المدير السابق لدار الكتب والوثائق والدكتور عبدالناصر حسن المدير الحالي لم يأخذ فرصته الكاملة للإصلاح ، ولذلك فهو ينتظر وزير الثقافة القادم لعرض ملف القضية عليه وتوقيف المشروع فورا ، وكذلك للمطالبة بفتح التحقيق في ضياع الوثائق المصرية طوال العهد الماضي ، وللمطالبة باستقلالية دار الكتب والوثائق عن وزارة الثقافة وتبعيتها للجهة السيادية مباشرة لضمان الرقابة المالية والإدارية الأقوى .