أكد الرئيس السوري بشار الأسد في الجزء الرابع من المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "جمهورييت" التركية أنه "مهما اشتدت العقوبات لن تغير من مواقفنا لأن القضية ليست قضية بيع للمبادئ من أجل أموال أو من أجل طعام أو من أجل مساعدات خارجية. وإلا فعلينا أن نبرر موقف أي شخص فاسد باع شرفه من أجل المال وهذا مرفوض بالنسبة لنا من الناحية المبدئية ومن الناحية الأخلاقية في سوريا رفضا باتا".
وردا عن سؤال حول استغلال الحكومة التركية لموضوع حزب العمال الكردستاني، لتحريض الشعب التركي ضد سوريا أجاب الأسد "هذا الكلام غير صحيح.
ربما من يفكر بهذه الطريقة لديه عادة الغدر فيفكر بالآخرين بالطريقة ذاتها لكن بالنسبة لنا فالغدر ليس من شيمنا إلا أنه عندما تعاني من الاضطرابات في بلدك فالأولويات الأمنية تصبح مختلفة، تركز على قضايا معينة وبالتالي لا تستطيع أن تضبط الأمور بشكل كامل ويصبح تحرك أي مجموعة داخل بلدك متاحا أكثر من الظروف العادية.
فإذا كان من الصعب علينا الآن في حالات معينة أن نحمي بعض السوريين هل من الممكن أن نكون نحن مسؤولين عن حماية الأتراك؟. هل هذا منطقي؟".
معربا عن اعتقاده أنه "إذا كان هناك خلل أمني في تركيا الآن فهو بسبب سياسات الحكومة التركية وهي تريد أن تحمل المسؤولية لغيرها.
ومن الطبيعي عندما يكون لدي خلل فسينعكس ذلك عندك وبالعكس وحتى لو رغبنا بأن نساعدكم في هذه الظروف فسيكون من الصعب كثيرا أن نقدم مساعدة حقيقية بسبب المشاكل التي نواجهها".
وأوضح أنه "لو أردنا اليوم أن نساعدكم في موضوع حزب العمال أو غيره لما كنا قادرين على ذلك فلدينا مشاكلنا.. نحن الآن ولكي أحميك أو أساعدك في الحماية لا بد أن أحمي نفسي أولا. فهل من المعقول أن أحميك وأنا لم أحم نفسي تماما بعد".
وأشار إلى أن "حزب العمال الكردستاني يقاتل تركيا منذ عقود لذلك لا داعي لكي نرسلهم نحن للقيام بهذا ،وعندما كانت العلاقة جيدة بيننا وبين المؤسسات العسكرية والأمنية في تركيا كان حزب العمال يقوم أيضا بعمليات، الفرق الوحيد هو أنه عندما يكون لديك ساحة مجاورة فيها فوضى تصبح الحركة أسهل وهذا شيء بديهي".
وعن تصوره لما يتعلق بالقضية الكردية، من الناحية الإقليمية، لفت إلى أنه "لا شك بأن هذه المنطقة معقدة وفيها تنوع ثقافي كبير وكل مكون ثقافي بحاجة ليشعر بوجوده وهذا شيء طبيعي وصحي، المشكلة خلال العقود الماضية بأن هناك من استغل هذه المكونات من أجل أهداف سياسية فوضع هذه المكونات في تعارض مع المصلحة الوطنية أو القومية.
الآن علينا أن نفكر بأن قوة الوطن أو قوة القومية هي بالتنوع الموجود فيها، بالتنوع العرقي والديني والثقافي، ولكن من غير المسموح لهذه المكونات أن تذهب باتجاه الانفصال ولا يجوز أن تشعر الدولة بأن هذا المكون هو عامل خلل أو عامل خوف بل هو عامل غنى، هذا بالمبادئ العامة".
وهل يرى على المدى المتوسط أو البعيد دولة كردية في المنطقة؟، أجاب الأسد "كلا هذا انفصال، وأنا قلت لا أحد يقبل الانفصال".
وإن حصل في العراق أو سوريا؟ رأى أنه "في هذه الحالة سيكون هناك عشرات الدويلات الصغيرة وليس دولة كردية فقط، عندها ستبحث كل طائفة ودين وقومية عن دولة مستقلة، ولا اعتقد بأن شعوبنا ترى أن لها مصلحة في هذا التقسيم.
وتابع : نحن عشنا مع بعضنا لآلاف السنين في هذه المنطقة ولم يكن هناك مشاكل، وجدت هذه المشاكل مؤخرا بعد أن دخل الاستعمار على الخط من لورانس العرب وما بعد.
فإذا كونا وعيا كاملا بأننا يجب أن نعيش مع بعضنا البعض فستضمحل الحدود التي رسمها الاستعمار وربما في دول أكبر لا يعود هناك أهمية لهذه الحدود. نعيش الآن في دولنا الحالية وربما في المستقبل نتوحد في دول أكبر، دول تحتضن كل هذه الثقافات بالتساوي".
وحول توقف الحركة تماما على طول الحدود السورية التركية نتيجة الأزمة السورية، أكد الأسد الأمر مبررا بأن "هذه الحدود تحولت إلى حدود لتهريب السلاح ولتمرير الإرهابيين إلى سوريا.. كنا نتحدث لسنوات عن كيفية تحويل هذه الحدود إلى حدود تنمية.. ولكن تنمية وإرهاب لا يلتقيان".
وعن العقوبات ضد سوريا، أوضح الأسد أنه "طالما أننا أصحاب حقوق وطالما أننا نمتلك الكرامة وطالما أننا وطنيون فمهما اشتدت العقوبات لن تغير من مواقفنا لأن القضية ليست قضية بيع للمبادئ من أجل أموال أو من أجل طعام أو من أجل مساعدات خارجية وإلا فعلينا أن نبرر موقف أي شخص فاسد باع شرفه من أجل المال وهذا مرفوض بالنسبة لنا من الناحية المبدئية ومن الناحية الأخلاقية في سوريا رفضا باتا".
وكان الرئيس الأسد أكد في الجزء الثالث من المقابلة أن "الأزمة في سوريا بمعظمها خارجية وأن سوريا تدافع عن نفسها ضد إرهابيين يرتكبون المجازر بحق المدنيين".
موضحا أن "كل الرهانات على إخضاع سوريا سقطت بدءا من المظاهرات لقاء تلقي الأموال إلى السعي لخلق مناطق تسيطر عليها العصابات المسلحة وصولا إلى تنفيذ الاغتيالات الفردية وارتكاب المجازر بحق المدنيين ومهاجمة مؤسسات الدولة بالمتفجرات".