أكد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري في محاضرة ألقاها مؤخرا في طرابلس تحت عنوان "القراءة روح الثقافة وقاطرة التنمية" في إطار البرنامج الثقافي لمعرض طرابلس الدولي للكتاب في ليبيا أن القراءة الواعية المفيدة هي التي تصنع الثقافة وتنتج المعرفة وتؤسس للنهضة. وشدد على ضرورة اعتماد فلسفة "جودة الثقافة" كمفهوم أشمل مضمونا وأوسع ميادينَ وأعمق مفهوماً وأبعد مدى في صياغة الذهنية الجماعية المؤهلة للإنتاج والإبداع من مفهوم "جودة التعليم". وأكد التويجري كما نقلت عنه صحيفة "الوطن" السعودية أن الاستثمار في الثقافة هو استثمار في المستقبل، وإن الثقافة هي المفتاح للولوج إلى مجتمع المعرفة، وأوضح أن الثقافة في مفهومها العام وفلسفتها الشاملة: الولاء للأمة، لدينها، ولقيمها، ولمثلها، ولحضارتها، ولثقافتها، والبناء للنفس وللعقل وللوجدان وللقدرات، والنماء للبيئة وللمجتمع المحلي، وللمجتمع الإنساني عموماً. وربط الدكتور التويجري بين أزمة الثقافة وأزمة اللغة فقال "إن أزمة اللغة العربية في عمقها وجوهرها هي جزء لا يتجزأ من أزمة الثقافة العربية بصورة عامة وإن الانهيار الذي تعاني منه لغة الضاد في هذه المرحلة هو الوجه الآخر للنكوص الثقافي". وعزا التويجري أزمة الثقافة في العالم العربي والإسلامي إلى خمسة أسباب لخصها في عدم نجاح جلّ التجارب التربوية والسياسات التعليمية في إشاعة ثقافة القراءة بين المواطنين ما أدَّى إلى ضمور "الوعي القِرائي" وقصور السياسات الثقافية التي نفذت في العالم العربي والإسلامي على مدى العقود الستة الأخيرة عن التوسع في إنشاء المكتبات العمومية لتقريب الكتاب للمواطنين ومحدودية النشر بالقياس إلى تزايد السكان إذ لا يزيد عدد النسخ التي تطبع من الكتاب الواحد في جميع الدول العربية على ثلاثة آلاف نسخة. وقلة الموارد المالية المخصصة للإدارات الحكومية المعنية بالثقافة إذ تأتي الموازنة المرصودة لقطاع الثقافة في جل الدول العربية والإسلامية في أسفل سلم أبواب الإنفاق الحكومي، وتأثير وسائل الإعلام من صحافة مكتوبة وفضائيات ومحطات إذاعية في صرف الانتباه عن الثقافة بينما كان المفترض أن يسهم الإعلام بكل وسائله في نشر الثقافة وفي تقريب مصادرها ومشاربها للجمهور العريض.