عمر أبو ريشة (1910 - 1990), شاعر سوري شهير ، ولد في منبج في سوريا ، و تلقى تعليمه الابتدائي في حلب ، و أتم دراسته الثانوية في الجامعة الأمريكية ،ثم أرسله أبوه إلى انجلترا عام (1930م) ، ليدرس الكيمياء الصناعية. يعتبر عمر أبو ريشة من كبار شعراء وأدباء العصر الحديث وله مكانة مرموقة في ديوان الشعر العربي . للشاعر أبوريشة الكثير من الاعمال والمسرحيات الشعرية الهامة في تاريخ الشعر العربي الحديث. ومن هذه الأعمال والدواوين والمجموعات الشعريه نذكر: ديوان بيت و بيتان / ديوان نساء/ ديوان كاجوارد / غنيت في مأمتي/ أمرك يا رب/ مسرحية تاج محل/ مسرحية علي/ مسرحية شعرية رايات ذي قار/ مسرحية الطوفان / مجموعة قصائد شعرية/ ملاحم البطولة في التاريخ الإسلامي. من قصيدته " الأشقياء" نقرأ : تتساءلين علام يحيا هؤلاء الأشقياء ؟ المتعبون ودربهم قفر ومرماهم هباء الواجمون الذاهلون أمام نعش الكبرياء الصابرون على الجراح المطرقون على الحياء أنستهم الأيام ما ضحك الحياة وما البكاء أزرت بدنياهم ولم تترك لهم فيها رجاء تتساءلين وكيف ادري ما يرون على البقاء ؟ إمضي لشأنك اسكتي أنا واحد من هؤلاء من قصيدته " عشت مرة رجلا" : عشت ياربي مرّة.. عبدَ أهوائي.. شريداً لا اعرف الوجلا كم تركتُ الهدى.. يطل على تيهي.. ويندى جبينه خجلا كم شققت الدجى.. ونارُ غوايات الغوالي.. تنير لي السُهُلا كم تركت الشجون تمضغ في روحي.. وتُزكي جراحها غُللا إن أمسي إذا ألتفتُّ إليه.. جُن فيَّ الخيال.. واقتتلا ذلك العهد لن أحنّ إليه.. إنه عن مناهلي ارتحلا صرت حراً.. بلغت جنة دنياي.. وجفني بنورها اكتحلا إنها نعمة أقطّع فيها العمر.. مستغفراً ومبتهلا إعف عني ياربي.. بدد همومي.. فلقد عشت مرة رجلا من قصيدته " النسر " : أصبح السفح ملعبا للنسور *** فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري إن للجرح صيحة فابعثيها *** في سماع الدنى فحيح سعيرِ واطرحي الكبرياء شلوا مدمى *** تحت أقدام دهرك السكيرِ لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر *** وارمي بها صدور العصورِ إنه لم يعد يكحل جفن النجم *** تيها بريشة المنثورِ هجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه *** شيء من الوداع الأخيرِ تاركا خلفه مواكب سحب *** تتهاوى من افقها المسحورِ كم اكبت عليه وهي تندي *** فوقه قبلة الضحى المخمورِ هبط السفح طاويا من جناحيه *** على كل مطمح مقبورِ فتبارت عصائب الطير ما بين *** شرود من الأذى ونفورِ لا تطيري جوابة السفح فالنسر *** إذا ما خبرته لم تطيري نسل الوهن مخلبيه وأدمت *** منكبيه عواصف المقدورِ والوقار الذي يشيع عليه *** فضلة الإرث من سحيق الدهورِ وقف النسر جائعا يتلوى *** فوق شلو على الرمال نثيرِ وعجاف البغاث تدفعه *** بالمخلب الغض والجناح القصيرِ فسرت فيه رعشة من جنون *** الكبر واهتز هزة المقرورِِ ومضى ساحبا على الأفق الأغبر *** أنقاض هيكل منخورِِ وإذا ما أتى الغياهب واجتاز *** مدى الظن من ضمير الأثيرِ جلجلت منه زعقة نشت الآفاق *** حرى من وهجها المستطير وهوى جثة على الذروة الشماء *** في حضن وهجها المستطيرِ أيها النسر هل أعود كم عدت *** أم السفح قد أمات شعوري