صدر العدد الأول من مجلة "الإمارات الثقافية" الشهرية ، والتي يصدرها "مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام"، ويرأس تحريرها الدكتور رياض نعسان آغا. يتصدر العدد كلمة للشيخ سلطان بن زايد، رئيس المركز ورئيس نادي تراث الإمارات، أكد فيها أن إصدار تلك المجلة يأتي في سياق الرغبة في "أن يحقق الثراء المعرفي دورا أكبر لمثقفي الإمارات لإغناء ثقافة أمتهم، والتعريف بقضاياها والمساهمة في الإبداع العالمي والمشاركة في نشر قيم التسامح والعيش المشترك في قريتنا الكونية الكبرى، وتقديم رسالتنا التي ترسخ مفاهيم الوسطية والعدل والاعتدال".
وكتب رئيس التحرير تحت عنوان "سؤال الثقافة" افتتاحية أكد فيها أن المجلة تطمح إلى "تعميق الصلة بين الثقافة العربية والثقافات العالمية، وإلى المساهمة الجادة في حوار الحضارات".
أما محتويات العدد فتتضمن مقالا للدكتور حسن حنفي عنوانه "الثقافة والسلطة علاقة جدلية"، ومقالا للدكتور محمد عبد المطلب بعنوان "من ثقافة السلطة إلى سلطة الثقافة"، ومقالا لإبراهيم عبد العزيز بعنوان "نصوص مجهولة لطه حسين تنشر لأول مرة".
وينشر عبد العزيز نصا لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين يرجع إلى أربعينيات القرن الماضي، ولم يكن له عنوان، إلا أن مكتشفه وضع له العنوان التالي "تاريخ ثقافة الشرق الأدنى"، ويقول عبد العزيز إنه حصل على هذا النص من السيدة منى الزيات؛ حفيدة طه حسين والتي كانت تعمل مترجمة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
ويتناول النص أصول ثقافة الشرق الأدنى وتأثيراتها الواسعة في محيطها الإقليمي والعالمي، حيث أثرت مصر في شرق البحر الأبيض المتوسط بحكم قوتها وأسبقيتها الحضارية. ويخلص إبراهيم عبد العزيز إلى أن طه حسين يقدم لنا عبر هذا النص خارطة الطريق، فضلا عن أنه يؤكد أن ثقافتنا العربية الإسلامية قد ألهمت العالم ووضعته على أعتاب النهضة الحديثة، ومن ثم فلا يجب أن نجلد ذاتنا أو أن نذوب مع ثقافة الغرب في ظل العولمة التي تجتاح العقول والثقافات.
ويحتوي العدد الأول من مجلة "الإمارات الثقافية" كذلك مقالا للدكتور رمضان بسطاويسي محمد بعنوان "رؤية في مستقبل الفكر والفلسفة في العالم العربي"، ومقالا للدكتور محمد علي حاج يوسف عنوانه "متناقضات زينون في ضوء رؤية ابن عربي للزمن"، ومقالا للدكتور رشيد الخيون بعنوان "إخوان الصفا..إيماءات ليبرالية وعلمية".
وكتب الدكتور سمر روحي الفيصل؛ وهو ناقد وأستاذ بجامعة الإمارات، تحت عنوان "التجليات الفكرية في الرواية العربية"، وركز على عدد من الروايات لكاتبات خليجيات ليرصد تجليين أساسيين هما التجلي السياسي والتجلي الاجتماعي ومن تلك الروايات "بنات الرياض" لرجاء الصانع و"وريحانة" لميسون صقر و"سمية تخرج من البحر" لليلى العثمان و"الفردوس اليباب" لليلى الجهني و"ملامح" لزينب حفني و"الآخرون" لصبا الحرز و"نساء المنكر" لسمر المقرن.
ولاحظ أن هؤلاء الروائيات وغيرهن جاوزن الاحتجاج على حال المرأة العربية ورحن يسبحن في بحيرة التمرد غير مأمونة العواقب لأن المياه فيها قد تحرف قضيتهن الى الجنس والى العلاقة غير المقيدة بالرجل والى الاستقلالية الاقتصادية وما يرتبط بها من أوهام ظنا منهن أنها أهداف النضال النسوي التي تتشبث بقاعدة التحرر من رقبة الرجل؛ على حد قوله.
وفي العدد مقال للدكتورة كرمة سامي؛ أستاذ الأدب الانجليزي بجامعة عين شمس عنوانه "أنا لغتي" تستنكر فيه تجاهل توصية مجمع اللغة العربية بتحريم كتابة اللافتات التجارية باللغات الأجنبية وتحريم كتابة الأسماء الأجنبية بالأحرف العربية. وتقول:"لغتنا العربية هي عز لنا ونحن لها هوان.. متى نعود إلى الصحة اللغوية في اللغة الأولى.. الأم ونوقف زحف الأحرف الأعجمية إلى قطع الحلوى الرخيصة والمنظفات ومحال البقالة؟".
يتضمن العدد الأول من مجلة "الإمارات الثقافية كذلك مقالا بعنوان "الأدب الرقمي وسؤال الحداثة" لسمر ديوب، ومقالا بعنوان "الرواية بوصفها شهادة تاريخية فكرية" للدكتور بدر السماري.
كما يتضمن "قصصا قصيرة جدا" لعبدالله المتقي، وقصيدة حب للشاعر الإماراتي حبيب الصايغ؛ المشرف العام على المجلة، ، ومقالا بعنوان "رأي من منظور مجتمعي حول تأسيس المسرح في الإمارات" لعلاء نعمة، ومقالا عنوانه "إنها انتهاكات موسيقية فقط" لإبراهيم محمود، وتحقيقا تحت عنوان "السعديات جوهرة أبوظبي الثقافية" للشيماء خالد.
ويتضمن العدد مقالا للشاعر المصري أحمد الشهاوي عنوانه "عن الشعر والقرآن"، يتناول الاقتباس من القرآن الكريم، والذي يؤكد أن كثيرين من السلف أجازوه، مشيرا إلى أن "من حق الشاعر أن ينتفع بكلام غيره، فما بالك بكلام الله الذي هو إعجاز لغوي وفني وجمالي، فريد في التشكيل والبناء، خصوصا إذا كان الشاعر قد تربى على القرآن ونشأ في لغته وعوالمه؟".
وفي العدد أيضا متابعة لمهرجان أبوظبي للموسيقى كتبتها الشيماء خالد. وفي الصفحة الأخيرة زاوية حبيب الصايغ "أما بعد.."، ويقول فيها :"حين تصدر في بلدنا الحبيب مجلة جديدة تمتلئ نفوسنا بمشاعر مبهجة. ونأمل أننا نوع من خلالها بوابة المعرفة التي جعلناها توصيفا عمليا لمجتمع الإمارات، وبها نعبر نحو الآخر حيث كان، فالحضارة ليست صنع أمة وحدها، وإنما هي إنجاز الإنسانية كلها".