ضمن سلسلة ندوات تتضمن برامج مرشحي الرئاسة، نظمت "اللجنة المصرية للعدالة والسلام – هيئة البطاركة والأساقفة الكاثوليك " في مدرسة "العائلة المقدسة" لقاء مع حمدين صباحي مرشح رئاسة الجمهورية لتقديم برنامجه الانتخابي، والذي طالب الإخوان المسلمين بسحب مرشحهم الرئاسي. عرض صباحي رؤيته لمصر المستقبل، وقال إن المبادئ السبعة التي كتبها الأساقفة للنهوض بمصر تتطابق مع مشروعه الانتخابي ومشروع حزب الكرامة الذي يعبر عن الوطنية، وينحاز للأغلبية الشعبية، ويعمل على الديمقراطية واستقرار الوطن. مشيرا إلى الآية القرآنية "ولقد كرمنا بني آدم...." والتي لا تخص المسلمين وحدهم بل عموم البشر بغض النظر عن الديانة والجنس والطبقة . وقال صباحي أن الدين يمكن استغلاله في مصلحة المسلمين والمسيحيين كنسق أخلاقي، فالإسلام قائم على العدل والمسيحية قائمة على المحبة . وأوضح صباحي أن مشروعه هو بناء جمهورية 25 يناير على ثلاثة أسس وهي حرية يحققها النظام الديمقراطي، دولة مدنية حديثة بها قضاء مستقل وبرلمان له صلاحيات قابلة للمحاسبة، وهذا المشروع يؤمن تسليم سلمي للسلطة. ويقوم المشروع على وحدة المصريين القائمة على احترام التنوع والتمكين له. واعتبر مرشح الرئاسة بكلمته أن تطوير منظومة التعليم ضرورة ملحة ، لأن العقل أداة بناء مشروع نهضة كبير، مؤكدا أن يطمح في ثمان سنوات لأن يكون الاقتصاد المصري صاعدا ويلحق بركب الدول التي سبقتنا كالصين والبرازيل وإندونيسيا ، ولن يتحقق ذلك بغير استغلال مواردنا البشرية المالية والطبيعية بإرادة سياسية تحسن حشد الطاقات المصرية. ويشرح صباحي برنامجه بقوله : يهدف الجانب الزراعي من مشروع النهضة لمضاعفة دخل الفلاح المصري والتعاونيات في تشريع جديد يمكن الفلاح من تطوير ما يحصل عليه الآن من سعر فاحش لمستلزمات الزراعة، وتحديد سعره على نحو فائض يؤمن له حياة كريمة، ترشيد مياه النيل، إنشاء نقابة مستقلة في كل قرية، عمل طفرة في إنتاجنا الحيواني والسمكي تكفينا البروتينيات التي يحتاجها الإنسان المصري. الأساس الثاني هو الصناعة الذي يتم على ثلاثة مستويات، الأول هو الصناعات الصغيرة وخلق أوضاع تشريعية دافعة لهذه المشروعات، وأدوات تجويد للفلاحين بديلا عن فلسفة البنك الربحي. والمستوى الثاني هو استعادة مصر صناعتها التحويلية، الغزل والنسيج، الكيماويات، الاسمنت والأسمدة، وصناعة السينما، بالإضافة للصناعات العسكرية التي تخلفت بينما كان عندنا بنية أساسية كبرى لها يجب استعادتها. وثالث المشاريع يسمى بمشروع "الشمس والرمل"، واستخدام الطاقة الشمسية الذي سيعطي للمصريين ما أعطاه النفط لدول الخليج في العقود الماضية من رخاء اقتصادي، ويحولنا لأكبر معامل تحويل الشمس لطاقة عالية ، وأوروبا عرضت فعليا الحصول على ربع طاقتها من خلال الطاقة الشمسية المصرية. أما الرمل فنستخرج منه مادة السليكا، المادة الاساسية في الصناعات التكنولوجية. أما اقتصاد الخدمات سيتم التركيز فيه على السياحة، وعلى نمط كبير في استغلال قناة السويس يجلب لمصر عائد ضخم. الركيزة الأخيرة في البرنامج هي استقرار القرار الوطني المصري. واستعادة الدور الدولي لمصر الذي يعيد مكانتها الخمسينية في أعقاب الحرب العالمية الثانية. فالعالم يحتاج إلى نظام إنساني يحل محلة العولمة المتوحشة الراهنة الآن، وعلى مصر أن تلعب دور في هذا الاتجاه. وعن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قال صباحي: عبد الناصر له الفضل علي، وقد انتقدته نقدا عميقا من منطلق الولاء له وليس الانقلاب عليه، فهو أعطى عطاء كثيرا للعدالة، ولم أر مثله في مشروع النهضة سوى "محمد علي"، كما لا يوجد حاكم انتصر للفقراء سوى عبد الناصر ، وكانت تجربته مليئة بالأخطاء والمنجزات في نفس الوقت، لكن من المستحيل استنساخ التجربة الناصرية في الألفية الجديدة ، وعلينا فقط استلهام دروسها كفكرة النهضة، ومناصرة الفقراء، وجرأة القرار، والديمقراطية. أما عن مبارك فقد كان دوره استمرار لدولة السادات، كما أشار صباحي ، فقد صنعا – أي السادات ومبارك - الديمقراطية الزائفة، وزعما الانفتاح لسرقة مصر. وفي عهد مبارك والسادات تم القضاء على الطبقة الوسطى التي بناها عبد الناصر، ومعروف أن نهضة الأمم تقوم على تلك الطبقة المتعلمة . وأوضح صباحي أن برنامجه الانتخابي يقوم أيضا على استغلال مياه النيل، وعمل شراكة مع دول حوض النيل تقوم على توفير الأمن والكرامة لشعوب هذا النهر وتطوير مشروعات مثل استيراد اللحوم بأسعار رخيصة، فنحن أولى بالتعاون مع دول إفريقيا من دول تتصارع عليها مثل الصين وإسرائيل ، وهم – أي الأفارقة – يذكرون ماضي التعاون مع مصر في عهد عبدالناصر والذي أشعل شرارة التحرير للقارة بأكملها ، ويعترفون أيضا بقوتنا الناعمة المتمثلة في مؤسستي الأزهر والكنيسة المصرية. من جانب آخر، عبر صباحي عن ثقته في نزاهة الانتخابات المقبلة ، معبرا عن توقعه بأن يحرق المصريون من يسعى لتزييف إرادتهم . وعن تخوفات الأقباط من مصر الجديدة قال صباحي: ليس جديدا على أي مصري أن ينتسب للاعتدال والتسامح والوسطية مسلما أو مسيحيا، ففي هذا الوطن يعد الدين مكونا رئيسيا ، كما أن مصر لا تعرف الدولة الدينية ، فالرسول صلى الله عليه وسلم بنا دولة تتسع للجميع وليس للمسلمين وحدهم ، وأكد صباحي أن أي انتقاص من كرامة الأقباط ستكون مسئولية رئيس الجمهورية مباشرة . وعن نفس الشأن يؤكد صباحي عزمه تفعيل قانون موحد لدور العبادة ، مؤكدا على حرصه على الجماعات الدينية ومنها الإخوان المسلمين وحقهم في العمل السياسي، وقال أن اختلافه معهم من منطق المحب وليس المعادي ، وقد انتقدهم سابقا واتهمهم بالاستئثار بالسلطة ، وقال أنهم أخطأوا بعمل لجنة الدستور بمنطق الاستحواذ وليس المشاركة ، كما أخطأوا بترشيح رئيسا للجمهورية من الجماعة . وقال صباحي أنه يدعم المدارس الأربع في الفكر والسياسة، الليبرالية والإسلامية واليسارية والقومية الناصرية، وهي أصل الخريطة العربية عموما، مؤكدا أن جميع المدارس لابد أن يحافظ أنصارها على التواجد بالميدان . وانتقد أن تسيطر أغلبية دينية على البرلمان فيتخذ طابعا دينيا، وكذلك الحكومة إذا ما شكلها حزب الحرية والعدالة . وأوض صباحي أن علاقتنا بإيران ستكون ضمن مثلث عربي تركي إيراني، وسوف نتعامل مع تركيا على ما يحقق مصالحنا كمصريين.